صحافة

"المشهد اليوم"…العقبات تُحاصر سوريا واسرائيل تستأنف "مساعدات غزّة"خلاف ايراني- أميركي بشأن تخصيب اليورانيوم واتصال "مفصلي" بين ترامب وبوتين اليوم

فلسطينيون من بيت لاهيا ينزحون مع توسع العمليات العسكرية الإسرائيلية (أ.ب)

لا يُعتبر رفع العقوبات المفروضة على سوريا مجرد خطوة أو استراتيجية أميركية جديدة للمنطقة بقدر ما يعكس حجم الاهتمام الذي توليه الدول المعنية بملف دمشق من المملكة العربية السعودية الى قطر فتركيا بارساء الاستقرار وتوفير الارضية المناسبة لاعادة نهضة سوريا وتحويلها من دولة مفككة وضعيفة الى دولة موحدة وقوية ضمن توازنات اقليمية جديدة فرضتها عدة معطيات سياسية ومصالح اقتصادية أدت الى اعتماد مقاربة جديدة للملف السوري.

وبانتظار ما ستكشفه الايام المقبلة من وقائع وأحداث، خاصة انه رغم الاحتضان الواسع للادارة السورية الجديدة، فإن هناك اطراف داخلية وخارجية لا تزال تسعى وراء نشر الفوضى والخراب وعدم تمكين سوريا من الخروج من مستنقعها. ويبرز ذلك عبر المستجدات الامنية لاثارة الفتن بدءًا من توظيف أحداث الساحل السوري لتقويض الحكم وصولًا الى الانفجار الذي استهدف مركز شرطة مدينة الميادين في ريف دير الزور شرقي سوريا، مساء أمس وأدى الى مقتل 3 من رجال الأمن وإصابة آخرين. ومن هنا تشكل المعضلات الامنية تحديًا بارزًا أمام ادارة الرئيس أحمد الشرع يرافقها التعديات الاسرائيلية الواضحة الاهداف والتي تسعى باتجاه تقسيم سوريا إلى دُويلات مذهبية وإثنية متناحرة وقد مثلت التطورات الخاصة بـ"الاقليات" ورفع تل أبيب ورقة الدروز والذود عنهم المثال الأبرز للدوافع الاسرائيلية المغرضة.

الا انه رغم كل ما تقدم ينظر كُثر الى الوقائع الحالية من بوابة امكانية دمشق على التحول من عبء اقليمي الى فرصة للتكامل والتنمية خاصة بعد سداد السعودية وقطر ديونها ومستحقاتها المالية ما يمّكنها من جذب مشاريع واستثمارات ضخمة كما اطلاق عملية اعادة الاعمار والتعافي ما سيمهد امام حل الملفات الاخرى العالقة وعلى رأسها قضية اللاجئين السوريين وامكانية عودة اعداد كبيرة منهم. علمًا أن الأمم المتحدة قدرت عدد العائدين من النزوح الداخلي بنحو مليون ونصف المليون مهجر، ونحو 400 ألف عائد من دول الجوار خلال الأشهر الخمسة الماضية، ومن المتوقع ازدياد الأعداد مع قدوم فصل الصيف وانتهاء العام الدراسي. وعليه فإن سوريا امام فرصة ذهبية، ان صح القول، وعليها المسارعة الى اغتنامها عبر توفير الأرضية المناسبة وارساء الاستقرار والامن واحتضان السوريين على اختلافهم مما يسهم بالتخفيف من اثار المرحلة الماضية التي حفلت بالاقتتال الطائفي والأهلي.

كما يمكن التعويل على التباينات الاميركية - الاسرائيلية حول مستقبل سوريا ما قد يسهم بتقويض طموح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ولجم مخططه التوسعي والحدّ من الانتهاكات التي ارتفعت وتيرتها منذ سقوط نظام بشار الأسد. في غضون ذلك، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن جهاز المخابرات الاسرائيلي "الموساد" نجح بجلب وثائق عميله إيلي كوهين، الذي أُعدم بسوريا عام 1965 في ساحة المرجة بدمشق، مشيرة الى أن ذلك كان نتيجة "عملية سرية ومعقدة نفذها جهاز الاستخبارات والعمليات الخاصة التابع للموساد، بالتعاون مع جهاز شريك إستراتيجي"، دون الكشف عنه أو إضافة المزيد من التفاصيل. في وقت لم تعلّق السلطات السورية حتى الآن على هذه المعلومات التي وضعتها تل أبيب ضمن "الإنجازات الكبيرة".

هذا وتحاول اسرائيل، التي تواجه ضغوطًا داخلية كبيرة اثر استمرار حرب غزة وتوسيع عملياتها العسكرية، الى تحريف الانظار عما يجري و"التلهي" بأخبار جانبية كاستعادة رفات الجندي تسفيكا فيلدمان في عملية سرية الاسبوع الماضي أو كإعلانها اليوم عن استعادة ارشيف عميلها البارز كوهين، فيما هي ترفض التوصل الى اتفاق بشأن الرهائن المحتجزين في غزة وتفضل الحسم العسكري والقضاء على "حماس" مقابل انقاذهم. وهذا التخبط والتباين هو ما يحول دون التوصل الى اتفاق رغم المساعي والجهود الحثيثة التي يبذلها الوسطاء. وفي اخر المستجدات، أعلن الجيش الإسرائيلي، أمس الأحد، بدء عملية برية واسعة في شمال وجنوب غزة، ضمن حملة جديدة أطلق عليها اسم "عربات جدعون".

وتزامن هذا التصعيد مع أوامر اخلاء جديدة للسكان، الذين يواجهون الموت جوعًا وقصفًا ونزوحًا، خاصة أن التحركات الاسرائيلية الميدانية تكشف عن وجود نوايا عسكرية لتقسيم القطاع وتوسيع نطاق المنطقة العازلة، اذ رجّحت مصادر لصحيفة "الشرق الأوسط" أن تسعى القوات في الفترة المقبلة لتوسيع عملياتها، بإقامة منطقة عازلة تصل إلى نحو كيلومترين داخل المناطق الشمالية، وإلى نحو كيلومتر واحد في المناطق الشرقية من مدينة غزة، أي في أحياء الزيتون والشجاعية والتفاح. وكانت خريطة مُسربة حصلت عليها صحيفة "صنداي تايمز" البريطانية أظهرت مقترحًا للجيش الإسرائيلي لإجبار المدنيين في غزة على الانتقال والعيش في 3 مناطق خاضعة لسيطرة مشددة، تفصل بينها وتطوقها 4 مناطق عسكرية، وذلك إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حركة "حماس".

في غضون ذلك، تسعى الحركة، التي فقدت الكثير من أوراقها التفاوضية وقياداتها الرفيعة المستوى، الى عقد اتفاق الا انها تصطدم كما في كل مرة بالشروط الاسرائيلية وتعنت نتنياهو برفع سقف المطالب. فمحادثات الدوحة والمقترح المصري الجديد القاضي باطلاق سراح ما بين 8 و10 من الرهائن الإسرائيليين مقابل 200 أسير فلسطيني، إضافة إلى وقف إطلاق نار لمدة تتراوح من 45 إلى 60 يومًا، ينتظر الرد الاسرائيلي بعدما حددت تل أبيب "شروط ثلاثة جديدة" وتتضمن إطلاق سراح كل الرهائن، ونفي قيادة "حماس" ونزع سلاحها، وهي مطالب لطالما رفضتها الحركة في الكثير من الاوقات السابقة رغم ابداء مرونة كبيرة بالتخلي عن ادارة القطاع. وتكبل اليوم اسرائيل المفاوضات بالشروط التي تعيق التوصل الى هدنة رغم ان الضغط الاميركي ومساعي المبعوث ستيف ويتكوف تصب باتجاه التوصل الى اتفاق.

وقد تجلى هذا الضغط بتوقيع نتنياهو على قرار بالسماح بإدخال "كمية أساسية من الغذاء للسكان لضمان عدم تفاقم أزمة جوع في قطاع غزة"، كما جاء في بيان صادر عن مكتبه. ويواجه سكان القطاع ظروفًا انسانية صعبة نتيجة الحصار المطبق ومنع دخول المساعدات منذ شهر آذار/ مارس الماضي. ناهيك عن الاعداد الكبيرة من الشهداء والجرحى مع التصعيد العسكري حيث وفق وزارة الصحة في غزة فإن نحو 500 شهيد سقطوا على مدار الأيام الثلاثة الماضية داخل القطاع، وهو رقم يعادل شهيدًا واحدًا كل 15 دقيقة. وتتعمد قوات العدو استهداف المستشفيات والمراكز الاستشفائية لإخراجها عن الخدمة ما يزيد من الصعوبات التي تواجه السكان مع ندرة المواد الطبية وغياب اي بدائل.

وانتقالًا من الاوضاع الكارثية في غزة الى لبنان الذي شهد أمس على المرحلة الثالثة من الانتخابات البلدية وتحديدًا في العاصمة بيروت ومحافظتي البقاع. وقد عكست النتائج الاولية وجود خلل في الشارع السني الذي فضل معظمه الاعتكاف او ممارسة "الصمت الانتخابي" مقابل ارتفاع في اعداد الناخبين الشيعة والذين تقدمت نسبة مشاركتهم عن الانتخابات السابقة في بيروت في محاولة لايصال رسالة سياسية واضحة الى حضورهم ووجودهم القوي رغم ما تعرض له "حزب الله" من انتكاسة قوية نتيجة الحرب الاسرائيلية الاخيرة. وتشكل هذه الانتخابات "بروفا" لما ستكون عليه الانتخابات النيابية المقبلة مع ان المعطيات لا توحي بالكثير من التغيير والتبدل في المزاج العام. وضمن هذا الاطار، كان رئيس الجمهورية جوزاف عون حاسمًا لجهة التأكيد على أنه لا خيار أمام "حزب الله" إلا القبول بمفهوم الدولة. وقال، في مقابلة تلفزيونية تسبق زيارته الى مصر اليوم: "من حق "حزب الله" المشاركة السياسية، لكن السلاح بيد الدولة".

أما ايرانيًا، فقد احتضنت طهران اجتماعًا ثلاثيًا عقده وزراء خارجية إيران وسلطنة عُمان وقطر، لبحث مسار المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني ومستجدات المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران، وذلك على هامش "منتدى حوار طهران" الذي شهد، بدوره، على العديد من الرسائل السياسية التي عبّر عنها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ووزير خارجيته عباس عراقجي من حيث رفض الاملاءات الخارجية. ويأتي ذلك بعد تصريح للمبعوث الأميركي الخاص الى الشرق الاوسط ستيف ويتكوف، اثار العديد من الانتقادات، حين أكد أن "أي اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران يجب أن يتضمن عدم تخصيب اليورانيوم".

وفي الشق الدولي، تنتظر اوكرانيا ما سيخرج عن الاتصال المتوقع اليوم بين الرئيسين الاميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة سبل وقف الحرب الأوكرانية بعد فشل محادثات اسطنبول الاخيرة في ردم الهوة الواسعة بين البلدين. في حين بحث رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر مع زعماء الولايات المتحدة وإيطاليا وفرنسا وألمانيا ضرورة التوصل إلى وقف غير مشروط لإطلاق النار وأن يتخذ الرئيس الروسي محادثات السلام على محمل الجد، وذلك وفق ما جاء على لسان المتحدثة باسم مكتبه.

ونرصد في الجولة الصباحية على الصحف العربية الصادرة اليوم:

شنّت صحيفة "عكاظ" السعودية هجومًا لاذعًا على "حزب الله" وأمينه العام نعيم قاسم قائلة "تمجيد قاسم لشخصيات مطلوبة للعدالة في بعض الدول الصديقة مثل بدر مصطفى بدر الدين وعماد مغنية، تشير الى حقيقة وضاعة مستوى قاسم وحزبه الإرهابي وقصر نظره عن التحولات التي شهدتها المنطقة والواقع الجديد الذي يفرض على أمثاله الحاجة للتواري والتقوقع على الذات وإجراء المراجعات". وتابعت "كل ما مارسه هذا الحزب وأشباهه من تجار الشعارات والإرهاب من ممارسات لم تسبب الدمار والألم سوى لمحيطها وبيئتها الحاضنة، بينما واصلت دول الخليج مسيرة تنميتها الاقتصادية وارتقائها في سلم التأثير العالمي..".

وأشارت صحيفة "الخليج" الاماراتية الى أن التعثر في مفاوضات الدوحة مرده الى أنها "تبحث عن تسوية ما بين موقفين متناقضين ومتعاكسين، أحدهما يسعى إلى وقف الحرب والآخر يصرّ على استمرارها حتى تحقيق أهدافها، من وجهة نظره"، لافتة إلى انه "ومع ذلك فإن كلا الطرفين لم يغادر طاولة التفاوض غير المباشر، لأنها تمثل الفرصة الأخيرة لكليهما، ولأن كلاً منهما، بعد أن انخفض سقف التوقعات، راح يسعى إلى استخدام ما بحوزته من نقاط قوة أو أدوات ضغط لقلب النتائج لصالحه".

الى ذلك، كتبت صحيفة "الوطن" البحرينية "بغض النظر عما يروج في إسرائيل أو الصحف الأمريكية بشأن زيارة الرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط من دون المرور عبر بوابة تل أبيب على أنها تغير السياسة الخارجية، إلا أن تصريحات وزير الاقتصاد الإسرائيلي هي الثابت في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية وهو مستوى التحالف الاستراتيجي بين الطرفين"، مؤكدة أن ترامب يعلم "حجم اللوبي اليهودي في واشنطن والتأثير على صناع القرار الأمريكي، ويدرك جيداً أن زيارته لإسرائيل ضرورة حتمية، وستكون بالوقت المناسب، ليس من باب الرغبة، بل من باب أنها أدوات لتمرير الميزانية الفيدرالية المقبلة في الكونجرس".

بدورها، تطرقت صحيفة "الغد" الأردنية إلى الوضع السوري معتبرة أن "الشرط الامني هو اهم شرط لنجاح رفع العقوبات الاميركية، فلا يمكن لرفع العقوبات ان يأتي بنتائج ايجابية، لان الفوضى والحرب والاقتتال سيؤدي الى نفور رؤوس الاموال المحلية والدولية"، موضحة أنه "سيحسم قرار السوريين امران، اولهما الاستقرار الامني في سورية، وبدء تحرك الاقتصاد بعد رفع العقوبات، وبدون هذين المؤشرين، فإن نسبة العائدين من اللاجئين والنازحين لن ترتفع كما يتوقع البعض، وستبقى بطيئة خلال السنوات المقبلة"، وفق تحليلها.

ومن منظور أخر تناولت صحيفة "الأهرام" المصرية الوضع في سوريا، فكتبت تحت عنوان "فرصة الشرع الضائعة" أن الرئيس السوري "وافق على التطبيع الكامل مقابل رفع العقوبات الأمريكية التي كانت مفروضة على نظام الأسد وترك موضوع الانسحاب ليطرحه وزير خارجيته على القمة العربية التى لا تملك له حلًا". واضافت "في كل ما صدر عن اللقاءات التي عقدها الشرع في السعودية لم يرد ذكر للجولان المحتلة من قريب أو بعيد، وهكذا أضاع فرصة نادرة واتته للتفاوض حول الانسحاب في مقابل السلام، فكيف يعتزم استعادة الأرض المحتلة بعد ذلك والتي يجب أن تكون المهمة المقدسة لأي حكم سوري؟".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن