تحذير السلطات المحلية في مأرب جاء متزامنًا وزيادة احتياجات النازحين وضعف التدخلات الإنسانية من قبل المنظمات الإغاثية بسبب نقص التمويل وإسقاط أسماء عشرات الآلاف من المستحقين للمساعدات. وهي أزمة إنسانية نبّهت لها التقارير الأممية، وأظهرت مؤشرات لكارثة مجاعة وشيكة مع نهاية العام الحالي وبداية العام القادم.
ومع وجود نحو أربعة ملايين نازح في اليمن أغلبهم من الأطفال والنساء، حذّرت شبكة "الإنذار المبكر بالمجاعة" من تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في هذا البلد، وتوقعت أن تكون نسبة السكان في اليمن الذين سيحتاجون إلى مساعدات غذائية عاجلة ما بين 50% و 55% في شهر فبراير / شباط من العام القادم، أي أكثر من 17 مليونًا، وهي أعلى نسبة من بين 22 دولة تخضع للمراقبة في نظام الشبكة التي أكدت أنّ أزمة انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن جعله يتصدّر قائمة 22 بلدًا حول العالم تعاني من الأزمات الغذائية.
برنامج الأغذية العالمي قلّص المساعدات في اليمن 3 مرات خلال هذا العام
ووفق بيانات الشبكة، فإنّ اليمن سيشهد مطلع العام القادم انتشارًا واسعًا لانعدام الأمن الغذائي وفق المرحلة الثالثة من التصنيف المتكامل. إذ تعاني الأسر اليمنية من فجوات في استهلاك الغذاء وزيادة في سوء التغذية الحاد عن المعتاد، بسبب محدودية خيارات سبل العيش وارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية فوق المتوسط.
بدوره، أكد برنامج الأغذية العالمي أنه ونتيجة للنقص الحاد في التمويل، اضطرّ إلى تقليل حصص المساعدة التي يوزّعها على المحتاجين، وقال إنه يوفّر حاليًا 40% فقط من سلّة الغذاء القياسية التي يتمّ توزيعها في كل دورة. بالإضافة إلى ذلك، تمّ تحويل أكثر من 900 ألف مستفيد من المساعدات النقدية إلى المساعدات الغذائية العينية.
ومع تزايد خطورة الوضع التمويلي في الأشهر المقبلة، ذكر البرنامج أنه سيضطرّ إلى اتخاذ قرارات صعبة بشأن المزيد من التخفيضات في برامج المساعدة الغذائية في جميع أنحاء البلاد، حيث يشكّل نقص التمويل في خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2023 تهديدًا متصاعدًا للوضع الحرج في اليمن.
وحسب بيانات الأمم المتحدة تلقّت خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن، حوالى 1.34 مليار دولار أمريكي تمثّل 30% فقط من الأموال المطلوبة التي تبلغ 4.34 مليار دولار أمريكي لاستمرار إيصال شريان الحياة إلى ما يقدّر بنحو 17.3 مليون شخص من بين الفئات الأكثر ضعفًا في البلاد.
ونبّهت إلى أنّ هذه الفجوة التمويلية الكبيرة تهدّد الاستجابة الإنسانية، ممّا يُجبر منظمات الإغاثة على تقليص البرامج الحاسمة أو إغلاقها. علاوة على ذلك، أدّى التمويل غير المتكافئ إلى حصول مجموعات معيّنة على الحد الأدنى من الدعم.
وطبقًا لهذه البيانات يتمّ تمويل مجموعات المأوى واللاجئين والمهاجرين بنسبة 16% فقط، في حين أنّ مجموعة التعليم أسوأ من ذلك، حيث تتلقى 10% فقط من التمويل المطلوب. وقال إنّ النقص الحاد في التمويل لمجموعة التعليم يؤدي إلى تفاقم أزمة التعليم المتردية بالفعل في البلاد ويعرّض الأطفال لآليات التكيّف السلبية مثل زواج الأطفال وعمالة الأطفال.
يحصل النازحون والمجتمع المضيف على 40% من الحصص الغذائية فقط
وأظهرت أحدث بيانات مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (اوتشا) أنّ العدد الإجمالي المتوقّع للأشخاص المحتاجين في هذا العام انخفض بشكل طفيف من 23.4 مليون شخص في العام الماضي إلى 21.6 مليون شخص في هذا العام، وأعاد أسباب هذا التراجع بشكل أساسي إلى التعديلات الفنية على تقييمات الاحتياجات على مستوى المجموعة وتوقعات الأمن الغذائي المنقّحة الصادرة في أكتوبر/ تشرين الأول 2022.
وأكد المكتب الأممي في تقريره أنّ هذا الانخفاض لا يعكس تحسّنًا شاملًا في التوقعات الإنسانية، والمكاسب التي تمّ تسجيلها في العام الماضي لا تزال هشّة للغاية، وأنّ الاستجابة الإنسانية في اليمن ستدعم الأشخاص الذين يواجهون نقاط ضعف متعدّدة، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر النازحون داخليًا وأولئك الذين يحاولون العودة، والمهمّشون، والأشخاص ذوو الإعاقة، والمهاجرون واللاجئون.
وبموجب الخطة الجديدة، سيتمّ تنظيم نهج الاستجابة حول ثلاثة أهداف استراتيجية تركّز على الأنشطة المنقذة للحياة، والقدرة على الصمود التي تساهم في إيجاد حلول دائمة، ومركزية الحماية. وتأتي تلبية مستويات الاحتياجات الفورية والكبيرة، وتقديم المساعدة الإنسانية العاجلة المنقذة للحياة إلى 14 مليون شخص، في إطار الهدف الاستراتيجي الأول وحده.
وفي الوقت نفسه، بهدف منع حدوث انهيار أوسع النطاق للخدمات الأساسية والظروف الاقتصادية التي من شأنها أن تزيد من تفاقم الوضع الإنساني المتردي، ستنخرط الجهات الفاعلة في المجال الإنساني والتنمية والسلام، وفق الخطة الجديدة، في عمل منسّق تحت المظلة الإستراتيجية لمجموعة شركاء اليمن التي تمّ إنشاؤها مؤخرًا، وستعمل على تفعيل مجموعة عمل الحلول الدائمة تحت قيادة مكتب المنسّق المقيم للأمم المتحدة، والتركيز المتزايد على الحماية باعتبارها محور الاستجابة، وضمان تعزيز القيادة والتنسيق والمشاركة الجماعية للحدّ من مخاطر الحماية وزيادة قدرات السكان المتضررين.
(خاص "عروبة 22")