صحافة

"المشهد اليوم"…جهود لإنهاء حرب غزّة وتضارب بشأن موعد المفاوضات النووية "بند السلاح" أولوية لبنانية وإيلون ماسك مهتم بقطاع الاتصالات والانترنت في لبنان

فلسطينيون يتجمعون أمام نقطة توزيع لـ"مؤسسة غزّة الإنسانية" وذلك بالقرب من مخيم النصيرات (أ.ف.ب)

يعتمد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومنذ لحظة وصوله إلى البيت الابيض، سياسات ومواقف متناقضة، وضعت الجميع، من أصدقاء وأعداء في خانة واحدة تقريبًا، فيما تبدو مصلحة واشنطن في المقام الأول بعدما رفع شعاره المعتاد "أميركا أولًا". وهذا الشعار نفسه الذي دفعه لابرام اتفاقٍ مع "الحوثيين" بشكل "مباغت" قبل أن يتوصل مع الصين الى تقارب يضع حدًا للأزمة الاقتصادية التي كادت أن تُشعل المنطقة برمتها وصولًا الى الملف النووي الايراني الذي يتفرد ترامب به موعظًا لاسرائيل بوقف إطلاق النار فورًا ومهمشًا دور الدول الاوروبية الساعية لان يكون لها مقعد على طاولة المفاوضات.

وبعكس ما جرى في العام 2003، يجد الأوروبيون أنفسهم على الهامش، بعدما دأب الرئيس الأميركي على اتخاذ قرارات أحادية وآخرها شنّ ضربات عسكرية ضد المنشآت النووية الايرانية وذلك بعد ساعات فقط على اللقاء الذي عقدته كل من بريطانيا والمانيا وفرنسا (أو ما يُعرف بالترويكا الاوروبية) مع وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي في جنيف، ما أوحى بأن القرار بيد الولايات المتحدة وحدها وأنها عازمة على قيادة المباحثات وفق شروطها وبعيدًا عن هذه الدول التي كانت تأمل في أن تكون هي صلة الوصل لا الدول الخليجية التي، يمكن القول، إن ترامب أطلق يدها في هذا الاطار خاصة ان الجولات الخمس السابقة عُقدت برعاية عُمانية.

هذا وأعلن ترامب عن عقد جولة سادسة من المباحثات "الأسبوع المقبل"، بينما تبدو طهران بعيدة كل البُعد عن اتخاذ مثل هذه الخطوة وهو ما أكده الوزير عراقجي الذي قال إن "التكهنات حول استئناف المفاوضات ينبغي عدم التعامل معها بجدية. أقول بوضوح إنه لم يتم التوصل إلى أي اتفاق أو ترتيب بهدف البدء بمفاوضات جديدة". ومع هذا التضارب بين الجانبين، تقف الدبلوماسية في الوسط، فتل أبيب تنتظر معطياتها وواشنطن تسعى لها لفرض اتفاقًا نوويًا جديد يناسب شروطها أما طهران فتمنح نفسها وقتًا كي تلملم تداعيات الحرب الاخيرة والتي تعرضت فيها مواقعها النووية وبناها التحتية لدمار كبير ناهيك عن خسائرها البشرية من قادة عسكريين وعلماء نوويين رائدين. وفي السياق، نقلت شبكة "سي إن إن" عن مصادر مطلعة أن إدارة ترامب ناقشت إمكانية مساعدة إيران في الحصول على نحو 30 مليار دولار لبناء برنامج نووي مدني وتخفيف العقوبات وتحرير مليارات الدولارات من الأموال المجمدة كجزء من محاولة مكثفة لإعادة طهران إلى طاولة المباحثات.

الى ذلك، اتخذت طهران خطوات متسارعة ضد الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعدما صوّت البرلمان على قرار يحظر التعامل معها وبالتالي عدم السماح للمفتشين بدخول المواقع النووية. وكانت الخلافات استعرت بين الجانب الايراني والوكالة التي اتهمتها بالموافقة الضمنية على الضربات الاسرائيلية - الاميركية ضد منشآتها النووية والتماهي معها وعدم ادانتها، في حين وجه المدير العام للوكالة رافايل غروسي انتقادات لاذعة لطهران، مؤكدًا أن "تعاون إيران معنا ليس خدمة، بل إنه واجب قانوني بموجب عضويتها في معاهدة حظر الانتشار النووي". وسارعت عدة دول، ومنها روسيا وفرنسا، الى المطالبة بإعادة الامور الى سابق عهدها محذرة من تداعيات هذه الخطوة. الى ذلك، أطل المرشد الايراني، لأول مرة منذ الاعلان عن وقف النار، حيث أعلن "النصر" على الولايات المتحدة واسرائيل، مشددًا على أن بلاده لن تنصاع لأوامر الاستسلام ابدًا.

و"النصر" الايراني يقابله آخر اسرائيلي، لا ينفك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالاعلان عنه والتبشير بنتائجه الايجابية على تل أبيب، معتبرًا أنه "سيُتيح فرصًا لعقد اتفاقات سلام جديدة لا يجب على إسرائيل أن تُضيعها". أما موقع "أكسيوس"، فأفاد بأن الأخير يسعى للقاء ترامب خلال الأسابيع المقبلة للاحتفال بالضربات المشتركة على البرنامج النووي الإيراني، مشيراً إلى مباحثات أولية بين الجانبين، مع احتمال عقد الزيارة في الأسبوع الثاني من شهر تموز/ يوليو المقبل. وأضاف الموقع عينه أن ترامب يركّز حاليًا على إنهاء حرب غزة، وتعزيز اتفاقيات السلام والتوصل إلى وقف إطلاق نار وتبادل أسرى.

ومنذ اللحظة الاولى للاعلان عن وقف اطلاق النار بين اسرائيل وايران بناء على وساطة قطرية واقتراح أميركي، تتجه الانظار الى غزة، التي تحولت الى ساحة قتال مستمرة مع تصاعد يومي لاعمال العنف، حيث عادت محركات الوسطاء، لاسيما من قبل قطر ومصر، للعمل بهدف الدفع نحو حلول عملية تنهي الصراع المستمر في القطاع. وبحسب المعطيات، فإن واشنطن تدفع نحو حلول عملية بناء على مقترح المبعوث الاميركي الى الشرق الاوسط ستيف ويتكوف والقاضي بإطلاق سراح 10 رهائن إسرائيليين أحياء مقابل وقف إطلاق النار في القطاع لمدة 60 يومًا، تُناقش خلالها خطة إنهاء الحرب. الا ان هذا المقترح لا تزال ترفضه تل أبيب المتمسكة بهدنة جزئية بعيدًا عن أي اتفاق لوقف الحرب خاصة بعد التوسع الاخير الذي حققته في الميدان.

انسانيًا، أعلنت "منظمة الصحة العالمية" عن تسليم شحنتها الطبية الأولى الى القطاع منذ فرض اسرائيل الحصار الشامل في أوائل شهر آذار/ مارس الماضي، مشيرة الى أنه سيتم توزيعها على المستشفيات ذات الأولوية في غضون أيام. وتأتي الموافقة الاسرائيلية بعد تحذيرات من انهيار القطاع الصحي بأكمله نتيجة وقف الامدادات وعدم توفر الوقود ناهيك عن الاستهدافات الاسرائيلية المتعمدة. وفي الاطار عينه، لا يمر يوم دون وقوع شهداء واصابات بالقرب من مراكز توزيع المساعدات الخاصة بـ"مؤسسة غزة الانسانية"، التي باتت أشبه بـ "مصائد" قتل الجوعى الذين ضاقت بهم السبل نتيجة الحصار والنزوح والعمليات العسكرية.

وبالتزامن مع هذه المستجدات، أثارت دعوة ترامب الى وقف محاكمة نتنياهو في قضايا فساد، سجالاً حادًا في إسرائيل، اذ دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية، الرئيس الأميركي إلى عدم "التدخل" في الشؤون الداخلية لبلاده قائلًا: "نحن ممتنّون للرئيس ترامب، لكن ينبغي للرئيس ألا يتدخل في محاكمة قضائية بدولة مستقلة". وتتزايد الضغوط الداخلية على نتنياهو،  الذي يجد نفسه في مرمى الانتقادات والدعوات لانهاء حرب غزة فورًا وانقاذ الأسرى المحتجزين لدى حركة "حماس"، خاصة بعد تزايد اعداد القتلى والجرحى من الجيش الاسرائيلي داخل القطاع واخرها الكمين المُحكم في خان يونس والذي اودى بحياة ضابط و6 جنود اسرائيليين.

أما في الشأن اللبناني، فقد أعلن رئيس "الحزب التقدّمي الاشتراكي" السابق وليد جنبلاط أنه أتمّ قبل ثلاثة أسابيع تسليم مخزون من الأسلحة إلى الجهات الرسمية، داعيًا الى حصر السلاح بيد الدولة فقط. وهذا الموقف اللافت يترافق مع محاولات لبنانية رسمية لانهاء ملف السلاح داخل المخيمات الفلسطينية ناهيك عن الملف الأكثر أهمية والمتعلق بترسانة "حزب الله". ورغم كل التصريحات لا تزال الخطوات اللبنانية العملية تفتقر الى التنفيذ وسط تصاعد الاعتداءات الاسرائيلية اليومية والتي أودت أمس، الخميس، الى سقوط شخصين في غارتين استهدفتا شقرا وبيت ليف جنوب البلاد. هذا وبرز، في اطار مختلف، الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس جوزاف عون والرئيس التنفيذي لمجموعة شركات "تسلا" و"سبيس إكس" ومنصة "إكس" إيلون ماسك، الذي أعرب عن مدى اهتمامه بلبنان وبقطاع الاتصالات والإنترنت فيه، معلنًا عن رغبته بأن تكون شركاته حاضرة في لبنان.

دوليًا، كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن موافقة نظيره الأميركي على حضور محادثات سلام محتملة بين أوكرانيا وروسيا في تركيا "إذا شارك فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين". وتسعى أنقرة الى استكمال المفاوضات السابقة التي لم تصل الى اي نتائج مثمرة نتيجة غياب النقاط المشتركة بين البلدين. وفي وقت سابق بذلت الولايات المتحدة جهودًا استثنائية من اجل التوصل الى وقف اطلاق النار وارساء هدنة شاملة الا ان ذلك كان دونه الكثير من العقبات لاسيما من جانب موسكو التي تسعى لتعزيز شروطها التفاوضية بينما تستكمل توسعها الميداني والعسكري.

وفي جولتنا الصباحية على ابرز المقالات والعناوين الواردة في الصحف العربية نرصد التالي:

كتبت صحيفة "البيان" الاماراتية "تشعر إسرائيل أن لديها فائض قوة وأنها الدولة المهيمنة على الإقليم"، معتبرة أن "نهاية الحرب تشي إلى عدم إمكانية إسرائيل لتحقيق قدر كبير من أهدافها رغم أنها استطاعت تعطيل البرنامج النووي الإيراني إلى حين. كما أن النهاية تشير إلى توجس واشنطن من الانجرار إلى حرب طويلة، لهذا أصر الرئيس الأمريكي على تسمية الحرب حرب الاثني عشر يومًا، لطمأنة قاعدته الشعبية بأنه لم يورط الولايات المتحدة في حرب بلا نهاية"، على حدّ قولها.

من جهتها، شدّدت صحيفة "عكاظ" السعودية أن "استمرار الدعم الإقليمي لسوريا ولبنان مرهون باستقرار النظامين، فدول العالم لا يمكن أن تقدم أي دعم لحكومات مضطربة أو تعاني من حروب أهلية، ذلك أن الدعم غايته النهائية حماية الشعب والحفاظ على استقراره وعدم وجود حكومة مستقرة في أي بلد سيقف عقبة أمام الكثير من الأمور منها النشاط السياحي والاقتصادي بل والسياسي أيضاً". وقالت "إن أمام سوريا ولبنان فرصة تاريخية ظلت غائبة لعقود، أولها التخلص من هيمنة بعض القوى الخارجية على البلدين، وإنهاء وجود "حزب الله".

وضمن الإطار عينه، أوضحت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن "الورقة الأميركية، والتي تتناول معالجة ملف سلاح "حزب الله" والانسحاب الإسرائيلي من مزارع شبعا تقوم على قاعدة "الخطوة مقابل خطوة"، لافتة  إلى أن "لبنان أمام لحظة دقيقة واختبار مزدوج: الحفاظ على سيادته الكاملة من جهة، واعتماد الواقعية السياسية والدبلوماسية من جهة أخرى…فالطرح الأميركي، وإن بدا لأول وهلة فرصة لكسر الجمود، إلا أنه لا يخلو من محاذير. إذ يخشى أن يتحول إلى فخ تدريجي، يُطلب فيه من الدولة اللبنانية اتخاذ خطوات أحادية أو غير متكافئة في ملف دقيق"، بحسب وصفها.

وعن الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، أشارت صحيفة "الأهرام" المصرية الى أن "ترامب تدخل لوقف إطلاق النار من أجل حماية الصهاينة، بعدما لاحظ حجم الأضرار التى لحقت بالكيان اللقيط، وأدرك أن دويلة بهذا الحجم الضئيل لن تستمر طويلًا، فى حرب تستنزفها مالًا وعتادًا وبشرًا، في وقت تملك إيران القدرة على الاستمرار لمدة أطول، فكان قراره بالضرب الخفيف للمفاعل الذري الإيراني"، متوقعة أن اتفاق وقف إطلاق النار "لن يدوم طويلًا، فالصهاينة لن ينسوا أبدًا جرأة الرد الإيراني، وحين يشعرون أنهم استردوا عافيتهم سيعاودون العدوان، فهى هدنة على كف شيطان".

أما صحيفة "الخليج" الاماراتية، فنبهت الى أن "تباعد المواقف بين الأطراف حول القدرات النووية الإيرانية يهدد بخطر الانتكاس والعودة مرة أخرى إلى "المربع الأول" الذي عجل بالحرب الإسرائيلية على إيران"، موحية بأن "اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الاميركي دونالد ترامب هو اتفاق من دون ضمانات، خاصة أن إيران تصر على عدم منح إسرائيل مكاسب بالمفاوضات عجزت عن تحقيقها بالحرب".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن