صحافة

الاقتصاد المصري.. والتحديات "الجيوسياسية"

عدنان كريمة

المشاركة
الاقتصاد المصري.. والتحديات

مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بدءاً من الاثنين الماضي، بعد أن استمرت الحرب بينهما 12يوماً متتالية، ورافقت مرحلتها الأخيرة، ضربات عسكرية أميركية على منشآت نووية إيرانية، بدأت المؤشرات التصاعدية لأسعار الوقود والذهب تتراجع، بشكل ساهم في تغيير دفة الاقتصاد العالمي، الذي كان يتجه بقوة نحو المزيد من التداعيات "الجيوسياسية"، والموجات التضخمية.

وبما أن الاقتصاد المصري، جزء من منظومة الاقتصاد العالمي، فإن المؤشرات تنعكس حتماً على قدراته، لترتفع معدلات التنمية الاقتصادية، ويتم السيطرة بصورة أفضل على أسعار النقد الأجنبي، خصوصاً أن استقرار المنطقة، يدفع نحو عودة الملاحة في قناة السويس إلى طبيعتها، بما يزيد من تدفقات النقد الأجنبي، مع العلم أن خسائر القناة بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر، منذ نوفمبر 2023، بلغت أكثر من 7 مليارات دولار.

لقد سجلت مصر على وقع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، تقدماً في مسار «الإصلاح الهيكلي» الذي بدأته منذ ثلاث سنوات، باعتباره خياراً استراتيجياً لا يمكن التراجع عنه، وذلك بالتنسيق والتعاون مع صندوق النقد الدولي، في سياق مناقشة المراجعة الخامسة لبرنامج التمويل المتفق عليه بقيمة 8 مليارات دولار. وتتوقع الحكومة المصرية صرف شريحة بـ1.3مليار دولار عقب انتهاء هذه المناقشة.

وأشاد الصندوق بإنجازات الحكومة التي تمضي قدماً في الطريق الصحيح، ومسلطاً الضوء على زيادة ملحوظة على أساس سنوي في حصة استثمارات القطاع الخاص التي ارتفعت من 38.5 في المئة خلال النصف الأول من العام الماضي، إلى 60 في المئة في النصف الأول من العام الحالي. وفي الوقت نفسه، تواجه الموازنة المصرية الجديدة للعام المالي 2025-2026، والتي يبدأ تنفيذها الثلاثاء المقبل، اختباراً مالياً قاسياً، سواء على مستوى واقعية تقديراتها، أو مرونة استجابتها للصدمات الخارجية، وهي تعاني عجزاً كبيراً، إذ تبلغ أرقامها نحو6.8 تريليون جنيه، بما يعادل 136مليار دولار، فيما تقدر الإيرادات العامة بنحو 66 مليار دولار، وبما يغطي فقط 48.5 في المئة، من إجمالي حجم الإنفاق المعتمد.

ولوحظ أن حصيلة الضرائب وحدها مقدرة بنحو 52 مليار دولار، وتمثل 78.8 في المئة من الإيرادات العامة، و38.2 في المئة من الموازنة الكلية، يقابلها ارتفاع خدمة الدين العام المقدرة بنحو42 مليار دولار، تمثل63.6 في المئة من الإيرادات، ونحو30.9 في المئة من الموازنة الكلية. وهكذا تبرز خطورة "الحلقة المفرغة" بين التحصيل والسداد، بشكل يضعف قدرة الحكومة على تنفيذ السياسات الاقتصادية، أو مواجهة الصدمات الطارئة، وتبقيها رهينة لأسواق الدين وسعر الفائدة.

والأخطر من ذلك، أنه مع تصاعد التوترات الإقليمية، وتزايد الضغوط التضخمية، وتباطؤ النشاط الإنتاجي، وارتفاع فاتورة الاستيراد، قد تضعف أيضاً القطاعات الاقتصادية على الامتثال الضريبي، مما يهدد باتساع "الفجوة التمويلية"، ويربك الجهود لضبط العجز في الموازنة. أما على صعيد احتياطات النقد الأجنبي، فقد دخلت مصر منذ أغسطس2022، مرحلة جديدة اتسمت بالمرونة والاستباقية في مواجهة التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية.

وفي أقل من ثلاث سنوات زادت احتياطات البنك المركزي بنسبة 46.4 في المئة إلى 48.53 مليار دولار في مايو الماضي، مدفوعة بسلسلة خطوات "استراتيجية"، أبرزها: تحرير سعر الصرف، وتوسيع التمويل الخارجي، وتنامي ثقة المستثمرين، مع الإشارة إلى أهمية تحويلات المصريين في الخارج التي سجلت قفزة تاريخية غير مسبوقة، بلغت نسبتها 77 في المئة خلال 10 أشهر من العام المالي الحالي، مسجلة 29.4 مليار دولار، بنهاية أبريل الماضي، مقابل 16.6 مليار دولار خلال الفترة ذاتها من العام المالي 2023 -2024.

(الاتحاد الإماراتية)

يتم التصفح الآن