العرب وتغيّر المناخ

الجفاف يلقي بثقله على ملايين الجياع في اليمن!

اليمن - محمد الغباري

المشاركة

فيما تُكرّر الأممُ المتحدة القول إنّ اليمن يعاني من واحدةٍ من أسوأ الأزمات التنموية والإنسانية في العالم، وهو في الوقتِ نفسهِ من بين البلدان الأكثر عرضةً لتغيّر المناخ بحيث واجه على مدى عقودٍ أزمة مياه متفاقمة، كشفت نشرة المناخ والإنذار المبكّر التابعة للأمم المتحدة عن تراجعٍ كبيرٍ في معدّل هطول الأمطار مع بداية الموسم الزراعي، وأكدت أن ذلك تسبّب في تأخير الموسم وتفاقم نضوب المياه الجوفية وانعدام الأمن الغذائي ما جعل أكثرَ من 50‎%‎ من الأُسَر تواجه صعوبةً في توفير الحد الأدنى من الغذاء.

الجفاف يلقي بثقله على ملايين الجياع في اليمن!

البيانات المعنية بمعلومات الأمن الغذائي والإنذار المبكر من المجاعة تؤكد أنّ نقص هطول الأمطار منذ أبريل/نيسان الماضي أدّى إلى تراجع الزراعة، وتسبّب في إجهاد المحاصيل والمراعي، وفاقم من نضوب المياه الجوفية، وانعدام الأمن الغذائي. إذ بات يواجه أكثر من نصف الأُسَر صعوبةً في تلبية الحدّ الأدنى من احتياجاتها الغذائية، لا سيما بين النازحين داخليًا والمُعتمدين على الزراعة والرعي في معيشتهم.

وترسم بيانات الطقس صورةً قاتمةً للموسم الزراعي لا سيما وأنّ 70‎%‎ من سكان البلاد يعيشون على الزراعة، بينما كان هطول الأمطار هذا العام أقلّ من المتوقع، ممّا أدى إلى تأخير الاستعدادات، وانخفاض رطوبة التربة، وضاعف من الضغط المائي على المحاصيل والمراعي المعرّضة للخطر أصلًا، خصوصًا في المرتفعات الوسطى والجنوبية. كما عكس مؤشر هطول الأمطار القياسي هذا الجفاف العام، بشكل يشير إلى ظروف جفافٍ جوية محتملة في أجزاء من المرتفعات الجنوبية والمناطق الشرقية.

وتبعًا لهذه الحالة المناخية، تأثّر أداء الغطاء النباتي في اليمن بشكلٍ كبيرٍ لأنّ هطول الأمطار كان أقلّ من المتوسط العام، مع ظروف جفاف لفترات طويلة، وارتفاع درجات الحرارة، بحيث أشارت مقاييس رصد الأرض، إلى وجود إجهادٍ نباتيّ واسع النطاق، لا سيما في المرتفعات الوسطى والجنوبية، وكذلك في المناطق الشرقية الداخلية والساحلية حيث كان نقص هطول الأمطار هو الأكثر حِدّة.

وبالمثل، أدّى شذوذ هطول الأمطار السلبي في محافظات مثل عمران وصنعاء وذمار وإب وتعز وأبين إلى تأخير أو إعاقة تجديد المراعي، وعلى العكسِ من ذلك، وفّرت الأمطار المحلية في حجة وشمال الحديدة تحسيناتٍ طفيفةً في ظروف الغطاء النباتي. ومع ذلك، استمرّ نقص الرطوبة في تقييد نمو الغطاء النباتي، ممّا زاد من المخاطر على الزراعة والمراعي.

بالإضافة إلى ذلك، يُشير تقييم تباين هطول الأمطار إلى ظروفٍ أكثر جفافًا بشكل عام في جميع أنحاء البلاد، مع عجزٍ يتراوح ما بين 20% و80% - مقارنةً بمتوسط الثلاثين عامًا وفق التقييم طويل الأمد (1983-2012). ولم تُظهر سوى مناطق قليلة في محافظة حجة وشمال الحديدة اتجاهًا رطبًا، مع شذوذاتٍ إيجابيةٍ تتراوح ما بين 10% و20%.

كما يشير نظام مؤشّر الإجهاد الزراعي، التابع للنظام العالمي للإنذار المبكّر، إلى إجهادٍ مائيّ كبيرٍ في بعض مناطق ذمار وعمران والبيضاء، إذ راوح مؤشر الإجهاد الزراعي ما بين 25% و55%. وهذا جدير بالملاحظة نظرًا لأنّ موسم الزراعة الرئيسي لا يزال في مراحله الأولى في معظم المناطق الزراعية.

وبالتزامن، أكدت بيانات أممية أنّ وضع الأمن الغذائي في مناطق الحكومة اليمنية حرج، إذ يعاني ما يقرب من نصف السكّان من انعدام الأمن الغذائي الدائم ويكافحون من أجل الحصول على وجبتهم التالية.

ويُظهر آخر تحديث جزئيّ للتّصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي صورةً قاتمةً للمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة، إذ تلفت التقديرات إلى أنه ما بين مايو/أيار الماضي وأغسطس/آب المقبل، سيواجه حوالى 4.95 ملايين شخص حالةً من انعدام الأمن الغذائي، ترقى إلى مستويات أسوأ بما يشمل 1.5 مليون شخص في حالة طوارئ.

ويؤكّد حسين جادين، ممثل منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في اليمن، أنّ "الوضع حرج ويتطلّب تحركًا عاجلًا"، مشددًا على أنّ "الزراعة هي مفتاح حلّ أزمة الأمن الغذائي في البلاد"، وعلى ضرورة تأمين دعم عاجل يوفّر الإنتاج الغذائي المحلي. وحذر جادين من أنّ "النازحين داخليًا والأُسَر ذات الدخل المُنخفض والفئات الضعيفة سيتأثرون بشكل خاصّ، إذ يواجهون ضعفًا متزايدًا بسبب رفض التمويل، وتراجع فرص كسب العيش، وضعف التكيّف" مع التغيّرات المناخية.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن