صحافة

تبادل إشارات إيجابية بين واشنطن وطهران تبعث التفاؤل بجولة تفاوض سادسة خلال أيام

سميح صعب

المشاركة
تبادل إشارات إيجابية بين واشنطن وطهران تبعث التفاؤل بجولة تفاوض سادسة خلال أيام

أرسلت واشنطن وطهران في اليومين الأخيرين، إشارات تنم عن رغبة الجانبين في العودة إلى طاولة المفاوضات، بعدما كانت توقفت بسبب الحرب الإسرائيلية في 13 حزيران/ يونيو والتي تخللها توجيه ضربات أميركية للمنشآت النووية الإيرانية في 22 منه، قبل أن يتم الاتفاق على وقف النار بعد يومين.

عَقِبَ حرب الـ12 يوماً، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيران للعودة إلى جلسة سادسة من الحوار كان يفترض أن تعقد في مسقط، ونسفها الهجوم الإسرائيلي. وبعد ذلك، اتهمت طهران ترامب بأنه مارس نوعاً من الخداع على الإيرانيين، من طريق الجولات الخمس من التفاوض، بينما هو على علم بأن إسرائيل تستعد للحرب. وتبعاً لذلك، رفضت إيران العودة إلى المفاوضات، لا بل اتخذت خطوة تصعيدية الأسبوع الماضي، بتعليقها التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

لكن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي تولى جولات التفاوض الخمس، بعث الثلاثاء بإشارة أولى تنم عن رغبة بلاده في العودة إلى الحوار، إذ أقر في مقال بصحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية بتلقيه رسائل تشير إلى أن واشنطن قد تكون مستعدة لاستئناف المفاوضات. وفي كلام ذي مغزى، أشاد عراقجي بترامب من خلال الكشف عن تحقيق تقدم في الجولات الخمس التي استغرقت خمسة أسابيع أكثر بكثير مما تحقق خلال أربعة أعوام من ولاية الرئيس الأميركي السابق جو بايدن التي وصفها بـ"الفاشلة"، في تطابق نادر في الرأي مع الرئيس الجمهوري، الذي لا يكف عن التنديد بسياسات سلفه.

ولم يكُ بلا دلالة، أن نشر مقال عراقجي تزامن مع زيارته للسعودية ولقائه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يؤيد الحوار بين أميركا وإيران. وكانت الرياض من أول المنددين بالحرب الإسرائيلية، وأعربت عن القلق إزاء الضربات الأميركية. والخميس الماضي، استقبل ترامب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان في البيت الأبيض. وبحسب شبكة "فوكس نيوز" الأميركية للتلفزيون المقربة من ترامب، فإن "اللقاء تناول ملفات محورية أبرزها جهود خفض التصعيد مع إيران، وإمكانية الدفع باتجاه عودة التفاوض بين طهران وواشنطن، بدعم وساطة إقليمية تقودها السعودية".

ومن المؤشرات التي توحي بقرب إحياء المسار الديبلوماسي، قول ترامب، الاثنين، بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض: "حددنا موعداً لمحادثات مع إيران، وهم... يريدون التحدث". وكان المفاوض الأميركي مع طهران ستيف ويتكوف أكثر تحديداً، إذ توقع أن يعقد الاجتماع مع الإيرانيين، خلال الأسبوع المقبل أو نحو ذلك.

ومع أن تقارير أميركية وغربية وإسرائيلية تتحدث عن تأخير البرنامج النووي الإيراني أشهراً أو سنتين إلى الوراء، لا يزال ترامب يصر على أن الضربات الأميركية لمنشآت فوردو ونطنز وأصفهان قد "محت" البرنامج النووي الإيراني بالكامل. وكأنه بذلك، يريد أن يقول للصقور في إدارته ولإسرائيل، إن ما من داعٍ لتوجيه مزيد من الضربات لإيران، وإنه حان وقت ترجمة هذا الإنجاز التكتيكي إلى "اتفاق دائم".

وفي المقابل، وعلى رغم "الخسائر الجسيمة" التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني وفق ما اعترف عراقجي، فإن إيران لا تزال تملك في يدها أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة. وهذا ما أشار إليه مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسي نيكولا ليرنر الثلاثاء، منبهاً إلى "خطر أن تواصل طهران تطوير برنامجها النووي بشكل سري". وفوق كل ذلك، هناك "المعرفة النووية" التي حصلتها إيران في العقود الأخيرة والتي لا يمكن تدميرها بالكامل.

ويسود إدراك عام في الولايات المتحدة وإيران، بأن خفض التصعيد أو تحصين وقف النار، لن يتحققا من دون العودة إلى التفاوض والوصول إلى حل ديبلوماسي. يقول الإيرانيون إن الجولة السادسة لو عقدت في موعدها الذي كان مقرراً الشهر الماضي، لكانت حققت اختراقاً.

هذا التحدي لا يزال قائماً.   

(النهار اللبنانية)

يتم التصفح الآن