صحافة

"المشهد اليوم"…"محور موراغ" يُعقد مباحثات غزّة وتوغل اسرائيلي في لبنان عقوبات أميركية على المقررة الأممية لحقوق الإنسان ودمشق تدعو الاكراد للانضواء في الجيش

فلسطينية تحمل جثمان أحد أقاربها والذي قضى بغارة إسرائيلية على مدينة غزة (أ.ف.ب)

على الرغم من الفجوات التي لا تزال تحول دون التوصل الى اتفاق لوقف النار في غزة، الا ان الضغوط الأميركية ستمهد الطريق أمام الاعلان الرسمي عن هدنة لمدة 60 يومًا يُصار خلالها الى الافراج تدريجيًا عن نصف الأسرى الاسرائيليين الأحياء وعدد أخر من الجثث، وهو ما ستوظفه تل أبيب باعتباره "التزامًا منها بوعودها باطلاق سراحهم"، فيما سيعلن الرئيس الاميركي دونالد ترامب نجاح مساعيه في وضع حد للحرب وسيضيف ذلك الى قائمة انجازاته التي تخوله لحصد جائزة "نوبل للسلام" التي رشحه اليها "حليفه" رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.

أما "حماس" فموقفها بالافراج عن الرهائن ليس بجديد، فهي لطالما اعلنت عن نيتها باطلاق سراح من لديها دفعة واحدة مقابل وقف القتال وتحقيق الانسحاب الاسرائيلي من أراضي القطاع ووقف مخطط تهجير الفلسطينيين، والذي يحظى بالكثير من الجدل بعد تسريبات اعلامية عن وجود مخططات اسرائيلية يتم العمل عليها وتهدف الى نقل عدد كبير من الفلسطينيين الى مدينة رفح وفرض شروط صارمة عليهم. ويسعى نتنياهو واعضاء حكومته اليمينية المتطرفة الى ممارسة شتى الطرق لدفع الفلسطينيين نحو ما يسمونه "الهجرة الطوعية" بعدما جرى هدم معظم المباني والشقق السكنية واستهدف الكوادر الطبية والقطاعات الاستشفائية وتدمير البنى التحتية والمرافق الحيوية، ما حول القطاع إلى مكانٍ غير قابل للسكن.

من جهتها، ذكرت "القناة الـ12" أن نقطة الخلاف الرئيسية بين اسرائيل وحركة "حماس" تتمحور حول الانسحاب الإسرائيلي من "محور موراغ"، الذي يفصل خان يونس عن رفح جنوبي القطاع، فبينما تطالب الحركة بانسحاب كامل تشير التقارير إلى أن إسرائيل تضع خطًا أحمر وتؤكد تمسكها به سعيًا وراء الحفاظ على حرية تحركاتها العسكرية حتى بعد توقيع الاتفاق، لاسيما أن الاحتفاظ بموطئ قدم في هذا الممر الاستراتيجي يُشكل عنصرًا أساسيًا في خطة إسرائيل التهجيرية. وعليه تبدو الأيام، وربما الساعات المقبلة، حاسمة لتحديد مصير المباحثات، حيث قال الرئيس ترامب إن هناك "فرصة جيدة جدا" لوقف إطلاق النار هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل، وذلك بعد لقائه نتنياهو للمرة الثانية خلال يومين في البيت الابيض لمناقشة المستجدات.

هذا ونقل موقع "أكسيوس" عن مصدرين وصفهما بالمطلعيْن أن "مسؤولين كبار من الولايات المتحدة واسرائيل وقطر عقدوا محادثات سرية تناولت الهدنة المُزمع عقدها، مشيرين إلى أن المفاوضات تسير في مسار إيجابي حاليًا رغم وجود بعض العوائق" التي يعمل الوسطاء على ايجاد حلول لها وتقريب وجهات النظر لأن فشل المفاوضات الجارية في العاصمة القطرية، الدوحة، يعني المزيد من تدهور الامور بالنسبة لأهالي القطاع الذين يعيشون على أمل اعلان وشيك لوقف النار واعادة تدفق المساعدات وتخفيف الحصار المفروض منذ شهر آذار/ مارس الماضي. يُذكر أن المعلومات بشأن عملية توزيع الامدادات الغذائية متضاربة، فبينما تحدثت عدة وسائل اعلام اسرائيلية عن حل هذه القضية، أشارت وكالة "رويترز" الى أن تل أبيب مصرة على الإبقاء على نظام توزيع المساعدات المثير للجدل الذي تتولاه "مؤسسة غزة الانسانية" والمدعومة من الولايات المتحدة.

تزامنًا، تصعّد الفصائل الفلسطينية من عملياتها العسكرية النوعية ضد قوات الاحتلال في شمال وجنوب القطاع محققة اصابات بالغة، فبعد "كمين خان يونس" الذي أثار استياء واسعًا في اسرائيل، اعترف جيش الاحتلال بمقتل أحد جنوده خلال محاولة أسره في عملية نوعية كشفت اللثام عنها "كتائب القسام". في المقابل، تواصل اسرائيل ارتكاب المجازر حاصدة المزيد من الشهداء والجرحى وسط مناشدات طبية عاجلة لإنقاذ مستشفى الشفاء، أكبر مركز طبي في القطاع، من شلل تام نتيجة النقص في إمدادات الوقود ما يعني كارثة انسانية ستحل على المصابين الذين يتلقون العلاج وسط نقص حاد في الأدوية الأساسية. وكانت "منظمة الصحة العالمية" أفادت بوقوع أكثر من 600 هجوم على المرافق الصحية في غزة منذ بدء العدوان.

ولا تتوانى واشنطن عن تقديم كل أنواع الدعم لاسرائيل وشخص نتنياهو، فبعد رفع الحظر عن صفقات الأسلحة الثقيلة التي أوقفتها ادارة الرئيس السابق جو بايدن، ها هي اليوم تستهدف المقررة الأممية لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية فرانشيسكا ألبانيسي بسبب "مساعيها غير المشروعة لدفع المحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ إجراءات ضد مسؤولين وشركات ومديرين تنفيذيين أميركيين وإسرائيليين"، بحسب ما أعلن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الذي شدد ايضًا على أن "الولايات المتحدة ستواصل اتخاذ ما تراه من إجراءات ضرورية لمواجهة الحرب القانونية وحماية سيادتها وسيادة حلفائها". وكانت ألبانيزي اتهمت في أحدث تقاريرها الصادرة هذا الشهر أكثر من 60 شركة عالمية، بينها شركات أسلحة وتكنولوجيا معروفة بدعم الأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة والمستوطنات في الضفة الغربية.

وإذا كانت هدنة غزة تتصدّر قائمة الأولويات، الا ان الملف الايراني يعادلها من حيث الاهتمام بظل وجود توافق اسرائيلي - أميركي على منع طهران من امتلاك أسلحة نووية. ويمارس الرئيس ترامب منذ وصوله الى سدة الحكم لولاية ثانية ضغوطًا قصوى ويتخذ اجراءات عقابية على النظام الايراني والتي تجلت أمس، الأربعاء، بفرض عقوبات جديدة على 22 شركة مقرها في كل من هونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة وتركيا وذلك بهدف قطع مصدر تمويل رئيسي يعتمد عليه "الحرس الثوري الايراني". وتجهد واشنطن حاليًا لاعادة ايران لطاولات المفاوضات بعد حرب الـ12 يومًا التي خلّفت وراءها أضرارًا جسيمة في المنشآت النووية، الا ان الظروف المواتية لتحقيق ذلك لم تكتمل بعد رغم وجود قنوات وساطة غير رسمية بين الطرفين لم تفضِ بعد الى أي تقارب.

بدورها، تحاول ايران نسج علاقات جديدة مع الدول الخليجية، وتحديدًا المملكة العربية السعودية، في محاولتها لتخفيف الضغوط المفروضة عليها داخليًا وخارجيًا وكسر حالة العزلة التي عاشتها لسنوات طويلة جراء سياساتها التوسعية وتغلغلها في قلب العواصم العربية. وقد ترجمت زيارة وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي الى الرياض واللقاءات الرفيعة المستوى التي عقدها هذا التوجه، وعلى رأسها الاجتماع مع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان. وتدأب طهران حاليًا الى تقييم نتائج الحرب الاسرائيلية - الأميركية وما خلفته من خسائر في البنى التحتية واغتيال كبار القادة والعلماء النوويين.

ومن ايران الى سوريا التي جدّدت بحزم رفضها للفيدرالية ودعت القوات الكردية للانضواء في الجيش، وذلك خلال اجتماع عقده الرئيس أحمد الشرع، مع قائد "قوات سوريا الديموقراطية" (قسد) مظلوم عبدي، بحضور المبعوث الأميركي توم برّاك، بحسب ما نقلته مصادر كردية ورسمية سورية. وتعمل واشنطن على ايجاد أرضية مشتركة وتقليص حجم الاختلافات كما وضع خارطة طريق لتطبيق اتفاق 10 آذار/مارس والذي تضمن عددًا من البنود، أبرزها دمج مؤسسات شمال شرق سوريا، العسكرية والمدنية، ضمن الدولة السورية، إلى جانب تسليم حقول النفط والغاز إلى الحكومة السورية، وسط تباين بين الجانبين بشأن تطبيق بنود الاتفاق وتوقيت التنفيذ.

لبنانيًا، أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ "عمليات برية خاصة ومحددة" داخل جنوب لبنان تخللها تدمير بنية تحتيّة عائدة لـ"حزب الله" وذلك في خرق جديد لاتفاق وقف النار الذي لم تلتزم به اسرائيل ولو ليوم واحد. من جانبه، اختتم رئيس الجمهورية جوزاف عون زيارة الرسميّة إلى قبرص، والتي جاءت تلبيةً لدعوة من نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليدس. وقد شكلت الزيارة فرصة للتأكيد على أهمية ترسيخ العلاقات القائمة بين البلدين وتعزيزها على الصعد كافة كما شملت المحادثات التحدّيات والمشكلات التي تعترض المنطقة عمومًا على ضوء الوقائع الاخيرة الحاصلة من ايران وصولًا الى غزة.

وفي الشؤون الدولية، لا تهدأ "زوابع" الرئيس ترامب وقراراته، حيث وجه أمس بفرض رسوم جمركية بنسبة 30%؜ على الجزائر والعراق وليبيا، و25%؜ على بروناي ومولدوفا، و20 %؜ على الفلبين. كما أعلن فرض رسوم مماثلة ولكن بنسبة 50% على البضائع الواردة من البرازيل بداية من الأول من شهر آب/ أغسطس المقبل. وهذا الاجراء دفع بالرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا من التحذير من أنّ بلاده يمكن أن "تردّ بالمثل" قائلًا: "أيّ زيادة أحادية الجانب في الرسوم الجمركية ستُقابل بردِِّ في ضوء قانون المعاملة بالمثل الاقتصادي البرازيلي". يُشار الى أن وزارة الخارجية البرازيلية استدعت القائم بالأعمال الأميركي احتجاجًا على الدعم الذي أعلنته السفارة للرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو الذي يُحاكم بتهمة تنفيذ محاولة انقلاب.

وفي جولة اليوم على الصحف العربية قراءة لابرز ما ورد فيها من تحليلات ومقالات:

رأت صحيفة "عكاظ" السعودية أنه "في ظل التغيرات المتسارعة في الشرق الأوسط، أصبحت وحدة السياسة الخارجية لدول الخليج ضرورة ملحة، ليس فقط لحماية مصالحها الوطنية، بل أيضاً للمساهمة الفاعلة في استقرار المنطقة وإعادة إعمارها بعد سنوات من النزاعات"، مشددة على أن "وحدة الموقف الخليجي، متى ما ترافقت مع رؤية إستراتيجية شاملة، ستجعل من دول الخليج لاعبًا محوريًا لا يمكن تجاوزه في إعادة تشكيل الشرق الأوسط كمنطقة أكثر استقرارًا وتعاونًا".

من جانبها، كتبت صحيفة "الراي" الكويتية "دخلت بيروت مرحلة جديدة من الانتظار تشي بأنها ستكون خطيرةً في ضوء ارتسام مسارين متوازييْن يَحكمانها "دبلوماسية ناعمة" يقودها الموفد الأميركي توماس برّاك لحض اللبنانيين على التقاط فرصة مضبوطة على "ساعة توقيت" التحولات المتسارعة في المنطقة ومخاشنة إسرائيلية مستعادة براً وجواً وكأنها "تحمية" لما هو أدهى"، لافتة الى أن "الخشيةَ تزايدت من أن يكون ارتفاع منسوب "التجرؤ" العسكري من تل ابيب، التي تمددت غاراتها أول من أمس إلى زغرتا (الشمال) والبابلية (صيدا) هو في سياق مزدوج"، بحسب تعبيرها.

الموضوع عينه تناولته صحيفة "الجريدة" الكويتية التي حذرت من أن "لبنان سيكون أمام أسابيع حاسمة، تشهد الكثير من الضغوط السياسية الخارجية والداخلية، قد يتخللها توسيع إسرائيل ضغطها العسكري بأشكال متعددة". وقالت "الكرة في ملعب "حزب الله"، الذي لا يزال يطالب بضمانات واضحة بالانسحاب الإسرائيلي الكامل، ووقف الاعتداءات والخروقات وعمليات الاغتيال وإطلاق مسار إعادة الإعمار، بينما سيكون، في المقابل، مستعداً لمناقشة ملف السلاح من ضمن حوار داخلي واستراتيجية دفاعية. ولا يحظى هذا الطرح بأي تأييد خارجي، بينما يثير انقسامًا سياسيًا واسعًا في الداخل اللبناني".

في إطار منفصل، أوضحت صحيفة "الصباح" العراقية أن "الصين وروسيا تسعيان إلى تقوية بريكس ليصبح قوة مضادة للهيمنة الغربية، وقد بدا ذلك واضحًا في القمة الاخيرة في البرازيل التي ادانت العدوان الصهيوني على غزة في رد فعل واضح على الموقف الغربي المساند لإسرائيل"، وأضافت "وفي ملمح واضح بدا وكأن إعلان قمة البرازيل بأنه اعلان لنظام عالمي بديل، في مواجهة سياسات الغرب، وخصوصًا إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، متبنية مواقف، وصفها المختصون بأنها "تصعيدية ومناهضة للهيمنة الأميركية"، بحسب وصفها.

وعما يجري في غزة، أشارت صحيفة "الغد" الأردنية الى أن "التصورات السائدة هذه الأيام، أن وقف إطلاق النار في غزة، كفيل بإطلاق القطار الإبراهيمي من جديد. ويجري تداول أسماء عدد من الدول العربية والإسلامية، المرشحة للالتحاق بركب التطبيع مع إسرائيل"، مستنتجة أن "التطبيع لن يحقق السلام. السلام هو الذي يجلب التطبيع، إن كان عادلا ومنصفا للشعب الفلسطيني".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن