صحافة

"المشهد اليوم"…نتنياهو يدعو لتهجير الفلسطينيين والوجهة جنوب السودانالتجديد لقوات "اليونيفيل" في مهب الريح واجتماع عمان يوصي بالحفاظ على امن سوريا

فلسطينيون في بيت لاهيا يحاولون الحصول على مساعدات بظل الحصار وشح المواد الغذائية (رويترز)

لم يكن يومًا القضاء على حركة "حماس" أو تحرير الرهائن الاسرائيليين هدف حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يجدّد في كل مرة دعوة الفلسطينيين الى مغادرة القطاع ضمن ما يسميه "الهجرة الطوعية". بل أكثر يقوم بالتفاوض مع عدد من الدول لتحقيق هذه الغاية على قاعدة "من يبدون قلقهم على الفلسطينيين ويريدون مساعدتهم أن يفتحوا أبوابهم لهم"، على حدّ قوله. وفكرة "التهجير" هذه ليست محض صدفة ولم تأتِ بها احداث 7 تشرين الاول/ اكتوبر 2023 التي استغلتها تل أبيب لتنفيذ هذا المخطط "الجهنمي" بتأييد أميركي واضح سبق وأعلن عنه "صديق" نتنياهو، الرئيس دونالد ترامب، حين تحدث عن تحويل غزة الى "ريفييرا الشرق الاوسط".

ورغم الادانات الدولية والرفض لمثل هذه الخطوات، الا ان اسرائيل تمضي قدمًا ضاربة عرض الحائط بكل الاعراف والقوانين لانها حتى الساعة لم تتلق اي محاسبة على جرائمها وافعالها الوحشية سواء في القطاع المنكوب او في الضفة الغربية التي تنفذ فيها ترانسفير بتواطؤ بين قوات الاحتلال والمستوطنين الذين صعدوا من ارهابهم تجاه الفلسطينيين. هذا المشهد المؤلم يؤكد ان مفاوضات وقف النار التي يحاول الوسطاء "بث الحياة" فيها، ستبقى مبتورة وناقصة لان الاهداف الاسرائيلية باتت واضحة، ابرام صفقة شاملة تنهي الحرب وتطلق سراح المحتجزين ولكن بشروط نتنياهو "التعجيزية" التي لا يمكن لـ"حماس" او اي فصيل فلسطيني الموافقة عليها. ومع ذلك يبدو ان هناك خرق ما تحقق وسط حديث عن اعادة احياء المباحثات التي تسابق خطة احتلال مدينة غزة بعد موافقة "الكابينت" عليها.

هذا وأعلن نتنياهو في تصريحات جديدة عن محادثات تجريها تل أبيب مع بعض الدول لاستضافة الفلسطينيين الذي قال إنه "سيسمح" لهم بمغادرة "مناطق القتال في المقام الأول، ومغادرة القطاع عمومًا، إذا رغبوا في ذلك". في وقت أكد 6 أشخاص مطلعين لوكالة "أسوشيتد برس" أن اسرائيل تفاوض جنوب السودان لتكون هي الوجهة، دون أن يتضح بعد مدى التقدّم في هذه المفاوضات التي سبق وشملت الصومال والسودان وعدد أخر من الدول. وهذه "النكبة" الجديدة يخشاها أهل القطاع الذين يعيشون منذ ما يقارب العامين في خيم النزوح وبين ركام المنازل والمدارس بظل اوضاع انسانية كارثية تزداد سوءًا يومًا بعد يوم اثر تعمد الاحتلال تدمير كل المنشآت والمراكز والمؤسسات. ناهيك عن سلاح التجويع الذي يفتك بأجساد الغزاويين ويؤدي الى ارتفاع في معدلات الوفيات بعد تسجيل 5 حالات جديدة أمس، بينهم طفلان، ليرتفع إجمالي ضحايا الجوع إلى 227 شخصًا، بينهم 103 أطفال.

وتنفي اسرائيل وجود مجاعة أصلًا وتعتبرها من فبركات "حماس" وحملات التضليل الاعلامي، وتشنّ هجومًا على اي دولة او شخصية مؤثرة تتبنى هذا الخطاب رغم أن صور المجوعين التي تخرج من القطاع تشكل دليلًا  بارزًا على ما تمارسه قوات الاحتلال من وحشية وانتهاك صريح لحقوق الانسان. الى ذلك، قال وزراء خارجية 27 دولة، من بينهم بريطانيا وكندا وأستراليا واليابان وحلفاء أوروبيين، في بيان مشترك، إن المعاناة الإنسانية في قطاع غزة بلغت مستويات "لا تُصدق" وإن المجاعة تتكشف على نحو متسارع، مطالبين حكومة إسرائيل بالسماح بدخول جميع شحنات المساعدات الدولية للمنظمات غير الحكومية، وعدم عرقلة عمل الجهات الفاعلة الأساسية في قطاع المساعدات. وهذه ليست المرة الاولى التي تناشد فيها الدول والوكالات الدولية ولكنها جميعها فشلت في تخفيف الحصار المفروض على السكان منذ شهر اذار/ مارس الماضي، اذ أن إجمالي الشاحنات التي سمح الاحتلال بدخولها خلال 15 يومًا لم يتعدَ 1334 شاحنة فقط من أصل 9 آلاف شاحنة مفترضة، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

في سياق متصل، أثار تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، نقلًا عن منظمة "شومريم" أو "الحراس" اليهودية الأميركية حول تعيين شخصية فلسطينية لإدارة القطاع جدلًا واسعًا. ففي حين نفت الرئاسة الفلسطينية تعيين رجل الأعمال سمير حليلة حاكمًا لقطاع غزة، أكد حليلة في مقابلات محلية أن هناك لقاءات واتصالات جرت بهذا الصدد، بهدف الانتقال لليوم التالي للحرب، لكنها لم تفضِ إلى أي نتائج ملموسة خاصة انه يربط نجاح ذلك بالحصول على مباركة جميع الاطراف ووفق شروط معينة أهمها "قبول الشرعية الفلسطينية وتوفير قوات عربية في القطاع لفرض الأمن والسلطة في غزة"، بحسب تصريحاته. وعليه، يبدو ان اسرائيل تستمر في مخططاتها التي تسير بالتوازي مع عمليتها العسكرية التي يقول نتنياهو انه سيعلن في نهايتها "تحقيق النصر على "حماس".

وبانتظار ما ستؤول اليه المفاوضات الجارية والضغوط الممارسة على "حماس" للقبول بالشروط المطروحة، تتجه الانظار الى لبنان الذي يستقبل اليوم أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني آتيًا من العراق فيما تمر البلاد بمرحلة شديدة الحساسية نتيجة طرح مسألة حصر السلاح بيد الدولة، وتكليف الجيش العمل على إعداد خطة تنفيذية لذلك، إلى جانب تبني الأهداف الواردة في الورقة الاميركية التي قدمها المبعوث توم برّاك، الذي أيضًا سيكون له زيارة الى لبنان توصف بـ"المهمة" لانها ستشمل البحث في المرحلة الأولى من الاتفاق والهادفة الى زيادة دعم الجيش وممارسة الضغط على إسرائيل لوقف الخروقات والاعتداءات قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية بعد إنهاء الجيش لخطته.

كل هذه المستجدات تتزامن مع قرب اتخاذ قرار بشأن التمديد لقوات "اليونيفيل" العاملة في الجنوب بظل ضغوط كبيرة تمارسها اسرائيل لاقناع الولايات المتحدة بعدم التجديد لهذه القوات رغم وجود مساعي فرنسية ضاغطة بهذا الاطار. ووسط معلومات متضاربة حيال مستقبل هذه القوات، يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة في السراي الحكومي بحضور وزراء الثنائي الشيعي، ولاسيما بعدما أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس أن "الاستقالة غير واردة"، مشددًا على أن "لبنان يمر بظروف استثنائية تفرض على جميع الأطراف التحلي بأعلى درجات المسؤولية والحكمة".

في الشأن السوري، أشار بيان مشترك في ختام المحادثات التي عقدت في العاصمة الأردنية عمّان، أمس الثلاثاء، والتي جمعت كل من وزير الخارجية الاردني أيمن الصفدي ونظيره السوري أسعد الشيباني والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك، الى ضرورة الحفاظ على أمن سوريا واستقرارها وسيادتها ووحدتها وعدم التدخل بشؤونها. كما تم التطرق إلى أهمية دعم وقف إطلاق النار في محافظة السويداء وايجاد حل شامل للأزمة مع التأكيد على الشروع في مسار مصالحات مجتمعية في السويداء وتعزيز السلم الأهلي. ويُعّد هذا الاجتماع الثاني بين الشيباني والصفدي وبراك خلال أقل من شهر، بعد لقاء أول استضافه الأردن في 19 تموز/يوليو الماضي. ويأتي ذلك في وقت تواصل اسرائيل تعدياتها حيث افادت "الإخبارية السورية" عن توغل دورية لقوات جيش الاحتلال داخل بلدة طرنجة شمال القنيطرة جنوب سوريا.

على المقلب الآخر، رفض العراق الانتقادات الموجهة اليه من قبل المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، مشددًا على أن الاتفاق الأمني الذي تم توقيعه مع ايران يأتي في إطار التعاون الثنائي لحفظ الأمن وضبط الحدود. كما أوضحت سفارة العراق في واشنطن أن لبلدها "الحق في إبرام اتفاقات ومذكرات تفاهم وفقا لأحكام الدستور والقوانين المعمول بها". وهذا الانتقاد يأتي بعد توقيع مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي وأمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني أول أمس الاثنين مذكرة تفاهم مشتركة تتعلق بالتنسيق الأمني للحدود المشتركة بين البلدين بحضور رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني. ويُذكر أن هذه الزيارة الايرانية إلى بغداد تترافق مع انقسامات عميقة في البرلمان العراقي بشأن مشروع قانون يعزز نفوذ قوات "الحشد الشعبي".

في الشأن الايراني، أفادت صحيفة "فاينانشال تايمز" أن فرنسا وألمانيا وبريطانيا أبلغت الأمم المتحدة باستعدادها لإعادة فرض العقوبات على إيران إن لم تعود الى المفاوضات بشأن برنامجها النووي. وتتزايد الضغوط على طهران لدفعها للعودة الى المحادثات في وقت تشهد البلاد تحديات جسيمة على وقع الاختلاف الجذري في وجهات النظر بين مؤيد ورافض بعد الحرب الاسرائيلية - الاميركية الاخيرة. وكانت حكومة الرئيس مسعود بزشكيان تجاهلت الانتقادات الحادة الموجهة اليها من "الحرس الثوري" وأعلنت استعدادها لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة، شريطة أن تعترف واشنطن بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، وتوفير ظروف تصفها طهران بـ "المناسبة". 

في المقابل، لا يترك نتنياهو اي فرصة الا ويتوجه الى الايرانيين في اطار تأليبهم على الحكومة، اذ دعاهم الى النزول الى الشارع لمحاسبتها ومساءلتها. وقال نتنياهو "في هذا الحر الصيفي القاسي لا تجدون حتى الماء النظيف والبارد لأطفالكم"، وأضاف "إليكم الخبر السار: حالما يتحرر بلدكم، سيتوجه أفضل خبراء المياه الإسرائيليين إلى كل مدينة إيرانية، حاملين معهم أحدث التقنيات والمعرفة".

وهنا موجز عن اهم ما اوردته الصحف العربية الصادرة اليوم في تحليلاتها وافتتاحياتها الصباحية:

رأت صحيفة "الوطن" القطرية أن "قتل الصحفيين يشي بأن تل أبيب تخطط لشيء كبير في مدينة غزة، أي لمجزرة مروعة، لا يريد لها أن تنتقل بالصوت أو الصورة، أو بأي طريقة أخرى، وهذا يعني أن استهداف فريق "الجزيرة" ربما تتبعه استهدافات أخرى من أجل تمرير الجريمة، ومنع العالم من رؤية تفاصيل حرب الإبادة التي بدأت تأخذ أبعادًا أكثر عنفًا ووحشية"، جازمة بأن "أنس الشريف سقط، لكن القضية التي حاول نقل صورتها للعالم لم تسقط، فهي قضية الحق في مواجهة الباطل، لذلك لن يتمكن الاحتلال من تحقيق ما يسعى إليه مهما فعل، ومهما ارتكب من جرائم وحشية وإرهابية ودموية، ومدانة بأشد العبارات".

هذا ولفتت صحيفة "الأهرام" المصرية الى أن "إقرار الحكومة الإسرائيلية خطة احتلال كامل قطاع غزة يحمل تداعيات خطيرة قانونية وإنسانية وسياسية"، مضيفة "أن هذه الخطة تتطلب موقفًا حاسمًا ورادعًا من جانب المجتمع الدولي لوقف العدوان على غزة وإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود أو شروط، وإطلاق مسار سياسي وتوظيف حالة الزخم الدولي والدعم الكبير للقضية الفلسطينية إلى خطوات على الأرض لإنهاء هذا الصراع وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم المشروعة".

وتحت عنوان "ماذا لو تم إسقاط الإدارة السورية"، كتبت صحيفة "عكاظ" السعودية أن "محاولة إسقاط الرئيس أحمد الشرع في هذه المرحلة لن يعني مجرّد تبدّل في القيادة، بل سيفتح الباب أمام فراغ سياسي وأمني قد تسعى أطراف داخلية وخارجية لملئه"، مشيرة الى أن "بقاء الشرع، حاجة ملحة لتفادي انزلاق البلاد نحو هاوية مجهولة، خصوصًا أن ما شهدناه من أحداث أمنية حتى الآن قد لا يكون إلا مقدمات متواضعة مقارنة بما قد يحدث في حال غيابه. إن سوريا اليوم على حافة توازن متأرجح، وأي اختلال في هذا التوازن قد يطلق العنان لسيناريوهات تتجاوز حدودها الجغرافية لتطال أمن المنطقة برمّتها"، على حدّ قولها.

صحيفة "البلاد" البحرينية، بدورها، تطرقت الى الوضع اللبناني حيث اعتبرت أن "الساحة هناك شهدت مؤخرًا تحولًا غير مسبوق في مسارها السياسي، مع إقدام الحكومة على خطوة تاريخية تمثلت في إقرار مبدأ حصر السلاح..وهذا القرار يُنظر إليه باعتباره بداية استعادة الدولة هيبتها بعد عقود من التعايش مع سلاح خارج الشرعية"، مستنتجة أن "لبنان اليوم أمام اختبار حقيقي.. فهل سينجح في ترجمة القرار إلى واقع، ويطوي صفحة السلاح خارج الدولة، ويفتح الباب أمام بناء مؤسسات قوية واقتصاد مزدهر؟ أم أن الحسابات الضيقة ستعيده إلى دوامة المراوحة؟".

أما صحيفة "اللواء"، فأكدت أن "زيارة لاريجاني تهدف الى للملمة بقايا "حزب الله" وترميم بنيته من جديد، واعطائه جرعة دعم ايرانية قوية، في حمأة تطويق الحزب بقرار الحكومة حصر السلاح بيد الدولة وحدها"، موضحة أنه "لن يكون بامكان لاريجاني في زيارته، تجاوز مؤثرات المواقف الايرانية الرافضة لقرار الحكومة نزع سلاح "حزب الله" وتدخلها الفظ بالشؤون اللبنانية الداخلية، واعادة ترطيب العلاقات بين البلدين من جديد، مادام يحمل في جعبته يافطة دعم سلاح المقاومة، وبوادر تغيير مسار قرار الحكومة بحصر السلاح بيدها، ما يعني كسر ارادة الدولة، وهذا الامر لن يقبله احد من المسؤولين اللبنانيين"، وفق تعبيرها.

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن