المرشح الرئاسي، هو ذلك الذي ستجد اسمه، ورمزه، في القائمة النهائية، التي ستعلنها اللجنة الوطنية للانتخابات، في المستقبل القريب. أما الناقد السياسي، فهو الوصف الذي يليق، مجازًا، بغالبية الذين تصفهم وسائل إعلام دولية، إقليمية، ومحلية، بالمعارضين السياسيين، والذين كان من بينهم من أعلن، سابقًا، أو حاليًا، اعتزامه الترشح في انتخابات الرئاسة، فمنحته تلك الوسائل، صفة المرشح الرئاسي المحتمل!.
لكي تصبح مرشحًا محتملًا، لا بد أن يكون معك تزكية من 20 عضوًا في مجلس النواب، على الأقل، أو ما لا يقل عن 25 ألف تأييد من مواطنين، ينتمون إلى 15 محافظة، وبحد أدنى ألف مؤيد من كل محافظة، و... و... ويظهر اسمك في القائمة المبدئية لأسماء المرشحين. وبالتالي، لا نجد معنى لأن يوصف شخصٌ ما، نجامله حين نصفه بالناقد السياسي، بأنه مرشح رئاسي محتمل، أو كان مرشحًا محتملًا، وحال دون ذلك حبسه في قضية جنائية، إلا بأنها محاولة بائسة لمنحه حصانة، لا يمنحها الدستور أو القانون للمرشح الفعلي. وغالبًا، ستظهر أسماء تعلن تراجعها، أو انسحابها، أو منعها، لكي تزعم وسائل إعلام، تحت مستوى الشبهات، أن «المرشحين المحتملين أمام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسى إما انسحبوا أو تم منعهم من الترشح»، كما فعلت الـ«جارديان» البريطانية، مثلًا، في 16 يناير 2018، قبيل الانتخابات الرئاسية الماضية!.
تأسيسًا على ذلك، نرى، ويرى كثيرون، أن قاموس العمل السياسي والإعلامي المصري، والعربي إجمالًا، يحتاج إلى مراجعة تعريف ومسؤوليات المعارض السياسي، خاصة بعد أن اتسعت استخدامات الصفة، لتشمل كل من هبّ ودبّ بأصبعه على لوحة مفاتيح الكمبيوتر، أو التليفون المحمول. صحيح، أن المعارضة، لغويًا، تعني الاحتجاج أو الرفض أو الممانعة، لكنها، اصطلاحًا، باتت مرتبطة بأحزاب الأقلية في المجالس النيابية، غير الشريكة في الحكم، التى يكون لديها، عادة، برنامج عملي، قابل للتطبيق، تراه أفضل من ذلك الذي تطبقه الحكومة أو السلطة القائمة، وتعتزم تنفيذه حال وصولها إلى السلطة، أو المشاركة فيها، وإلى أن يحدث ذلك، يقوم أعضاؤها، أو ممثلوها في تلك المجالس، بمراقبة الأداء الحكومي وتقييمه ومحاولة تقويمه. وهي، بهذا الشكل، تختلف عن حركات الاحتجاج، أو جماعات الضغط، التي قد ترفض سياسات، أو يكون لديها مطالب، وتريد من النظام السياسي القائم، تغيير الأولى أو تحقيق الثانية. ما يعني أن المعارض، اصطلاحًا وليس لغويًا، هو ذلك الشخص المنتمي إلى حزب أو تيار سياسي، لم يصل إلى السلطة وليس شريكًا في الحكم.
في منطقة رمادية، بين المعارضة والسلطة وحركات الاحتجاج وجماعات الضغط، يقف الناقد السياسي، الذي قد يكون أكاديميًا، أو من ذوي الخبرة، أو حتى سياسيين فاشلين، بالضبط، كما يتهم كثير من الأدباء والسينمائيين الناقد الأدبي أو السينمائي بأنه مبدع فاشل. ولدينا أمثلة عديدة، في مصر والعديد من دول العالم، على نقاد سياسيين، كانوا تجسيدًا للفشل حين مارسوا العمل السياسي، أو تولوا مناصب في السلطة التنفيذية.كما أن هناك أحزابًا عديدة، هنا وهناك، تحولت إلى ما يشبه الجمعيات أو النوادي الفكرية، وربما الطرق الدينية، ولم يعد لها أي تواجد على الأرض، حين تجاهلت بديهيات، كاستحالة تقاطع المتوازيات، واكتفت بالتنظير ونقد، أو انتقاد، أداء السلطة القائمة، أو توجهات ومواقف أحزاب أخرى، دون أن تطرح برامج أو تصورات بديلة.
(...) الخلاصة، هى أننا ما زلنا، إلى الآن، وباستثناءات قليلة، تثبت القاعدة ولا تنفيها، أمام نقاد سياسيين، لو أردنا مجاملتهم، ولا يصح وصفهم بالمعارضين أو المرشحين المحتملين. مع الوضع في الاعتبار أن الناقد، أي ناقد في أي مجال، عليه أن يستهدف المصلحة العامة، وألا يبني تقييمه، السلبي أو الإيجابي، على الغش أو الخداع أو التدليس، أو يخلط بين الشائعات والحقائق، والمعلومات ووجهات النظر. والأهم، هو أن يكون موضوعيًا، ولن نقول محايدًا، يعرض الوقائع بظروفها وملابساتها، ولا يتناول أمورًا لا يعرف جوانبها وأبعادها، حتى لا يفقد النقد جدواه، وكي لا يكون حضوره باهتًا، أو بائسًا، على هامش المشهد السياسي، الأدبي، أو السينمائي.
(الأهرام)