وجهات نظر

جيل الألفية... هواجس وتطلّعات (2/2)

يعاني جيل الألفية من إجهاد فكري وذهني ونفسي، بسبب الرغبة في النجاح وتحقيق التميّز في ظلّ بيئة تتّسم بالتنافس الشديد وقلّة فرص العمل في بعض البلدان. وهناك من يرى بأنّ فئة عريضة من جيل الألفية، غير مهتمة بالعمل، وإنما بالنجاح السريع وتحقيق الثراء بكل الوسائل، بسبب اتساع دائرة التفاهة وصعود نجوم التفاهة.

جيل الألفية... هواجس وتطلّعات (2/2)

في عصر الفردانية الفائقة وخصوصًا في المجتمعات التي تفتقد لروابط اجتماعية قوية، والتي تعاني من مظاهر "الحداثة السائلة"، فإنّ جيل الألفية متخم بالنرجسية والانهمام بالذات، والبحث عن النجومية واللعب و الترفيه و التكشّف للعالم لاكتساب إعجاب أكبر عدد من الناس، حتى لو كان السلوك غير أخلاقي.

جيل الألفية خاضع لتأثير هيمنة جيوسياسية الخوف وتطوّر "صناعة العدو"

لذا فإنّ الصداقة التي تُعقد في العالم الرقمي، غالبًا ما تكون عابرة، لأنّ جيل الألفية تتحكّم فيه ظاهرة الترحال الدائم، وهو ترحال وجداني وعاطفي وسياسي وإيديولوجي وديني كذلك؛ بحيث هناك تغيير مستمر لأنماط التديّن وطبيعة الولاءات.

وهذا الوضع تشترك فيه جلّ فئات جيل الألفية في العالم، بحيث يلاحظ الباحثون، ارتفاع مؤشر عدم الثقة في المؤسسات السياسية و"الممارسة الديموقراطية"، فهناك هاجس عدم اليقين بالمستقبل، لأنّ جيل الألفية خاضع لتأثير هيمنة جيوسياسية الخوف وتطوّر "صناعة العدو"، هذا إضافة إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتدهور البيئة والخوف من كوارث طبيعية مدمّرة.

ولا شكّ أنّ هناك اختلافًا بين هواجس جيل الألفية في الغرب، وباقي المجتمعات ومنها العربية، بحيث إذا كان جيل الألفية الغربي يعاني أكثر من فقدان الدفيء الأسري وفقدان المعنى في الحياة وضياع المحدّدات الأخلاقية وتبدّد الفطرة الإنسانية وهيمنة النزعة الاستهلاكية والفردانية الفائقة والعدمية، فإنّ جيل الألفية في العالم العربي، متوجّس من استمرار الأزمات وضياع الأمان والاستقرار والاضطرار إلى اللجوء ومغادرة البلدان، متوجس من عدم قدرة بعض الدول على تقديم الخدمات الضرورية من تعليم وصحة وأمن وعيش كريم.

لذلك فإنّ جيل الألفية في العالم العربي، يتطلّع إلى أن يفتخر بهويته وانتمائه وينتظر عودة الأمجاد، كما يتوخى أن يعيش بكرامة وفي سلام.

يجب إعادة النظر في المناهج التربوية والتعليمية العربية وتصميم خطط جديدة للتواصل مع جيل الألفية

ويُعتقد أنّ هناك حاجة إلى الإنصات إلى جيل الألفية في العالم العربي، ونثق بإمكانية إسهامه في نهوض المجتمعات العربية، ودعم سياساتها التنموية. فقد أظهر شباب بعض الدول المنكوبة بسبب الكوارث الطبيعية وغيرها، مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن، وخصوصًا ليبيا والمغرب في المحنة الحالية، أخلاق التضامن و التآزر والرغبة في المشاركة في تجاوز النكبة وهذا مؤشر مهم، يؤكد على أنّ هذا الجيل ليس كما يعتقد البعض، بأنه يتصف فقط باللامبالاة والانغلاق على الذات.

ويتعيّن على كلّ الحكومات العربية، اعتماد مقاربة تشاركية تدمج هذا الجيل في صيرورة البناء الحضاري. وأنّ العالم أجمع في مواجهة لتحديات الطوفان الرقمي، مما يحتّم التفكير في إعادة النظر في المناهج التربوية والتعليمية وتصميم خطط جديدة للتواصل مع جيل الألفية وتمكينه من العدّة الفكرية والروحية لتفادي آفات التحوّلات التكنولوجية الحالية والقادمة.


لقراءة الجزء الأول: جيل الألفية... هواجس وتطلّعات (2/1)

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن