في إجابة مختصرة على السؤال أعلاه؛ وبالارتكاز على العام 2021 الّذي توافرت فيه أحدث البيانات، فضلًا عن أنّه كان غالبًا عامًا خاليًا من فيروس كورونا، فإنّ حجم التّجارة البينيّة العربيّة يبلغ الآن حوالى 12%، أي ضعف ما كان عليه في العام 1997 تقريبًا، كما أنّ 40% من التجارة العربية تجري راهنًا مع آسيا، وهي أعلى نسبة للتبادل مع الدول غير العربية، تليها أوروبا بنسبة 16%.
أمّا بالنّسبة إلى الدّول الأكثر اعتمادًا على الأسواق العربيّة، فيأتي السّودان في مقدمتها حيث تذهب 75% من صادراته إلى الدّول العربيّة، يليه لبنان بنسبة 63% والأردن بنسبة 38%. وفيما يتعلّق بالواردات، تأتي عُمان في المقدّمة حيث تأتي 45% من وارداتها من الدّول العربيّة، يليها السّودان بنسبة 32% والأردن بنسبة 28%.
التّصنيع يستحوذ على 53% من الصّادرات البينيّة العربيّة
وفيما يتّصل بتحديد أكبر المتعاملين العرب في الأسواق العربيّة، فتأتي المملكة العربيّة السّعوديّة في المرتبة الأولى من حيث الصّادرات، حيث تبلغ حصّتها من الصّادرات العربيّة البينيّة 34%، تليها الإمارات العربية المتحدة بنسبة 24%؛ بينما تنقلب الأدوار بين البلدين فيما يتعلّق بالواردات، حيث تبلغ حصّة الإمارات العربيّة المتّحدة 21% وحصّة المملكة العربيّة السعوديّة 18%.
أما عن الهيكل السّلعي للتّجارة البينيّة العربيّة، فالمثير للاهتمام هو أنّ التّصنيع يستحوذ على 53% من الصّادرات البينيّة العربيّة (18% للمواد الكيميائيّة)، تليه الزّراعة بنسبة 21%، والتّعدين واستغلال المقالع بنسبة 16%. في حين أنّ الأرقام المقابلة للواردات تتوزّع على 42% للصّناعات التّحويليّة، و25% للتّعدين واستغلال المقالع، و21% للزّراعة.
ويمكن استخلاص ثلاث ملاحظات حاسمة ممّا سبق:
أوّلًا، أصبحت دول مجلس التّعاون الخليجي (على الأخصّ المملكة العربيّة السّعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة وعُمان) المحرّك للتّكامل التّجاري العربيّ، بعد أن لعبت هذا الدّور دول المشرق العربيّ (مصر وسوريا والعراق في المقام الأوّل) قبل عام 1997.
ثانيًا، يتزايد دور التّصنيع باعتبار السّلع الصناعية هي الأكثر تداولًا بين الدّول العربيّة. من ناحية، لا يعدّ هذا مفاجئاً، إذ لا نتوقع أن يأخذ التّعدين موقع الصدارة لأنّ الكثير من الدّول العربيّة تتمتّع بالاكتفاء الذّاتي من النفط والغاز؛ لكن من ناحية أخرى، يثير هذا الأمر الدهشة لأنّه يؤشر إلى أنّ الدّول العربيّة أصبحت أكثر تنوّعًا (تجاريًا) ممّا كان يُعتقد سابقًا.
ثالثًا، جميع هذه الأرقام التّجارية مقتصرة على السّلع حصرًا، ولا تشمل التّجارة في الخدمات، التي إذا أضفناها (بلغ رقمها الإجمالي 465 مليار دولار في العام 2021) إلى هذه الأرقام، فإنّ مدى التّكامل التّجاريّ العربيّ سيكون أكبر، حيث يتّضح أنّ بعض التّجارة في الخدمات يتركّز بين الدّول العربيّة.
التّجارة البينيّة العربيّة ينبغي لها أن تكون عند مستويات أعلى
وفي الختام، نلاحظ أنّ التّكامل التّجاري العربيّ قد تحسّن، ولكن لا يزال أمامه الكثير لإنجازه. إذ تتمتّع مناطق التّجارة الحرّة المماثلة بتجارة داخليّة بمستويات أعلى بكثير - كاتّفاقية الولايات المتّحدة الأمريكيّة والمكسيك وكندا بنسبة 58%، والسّوق المشتركة لأميركا الجنوبيّة بنسبة 18% - لذا فإنّ التّجارة البينيّة العربيّة من الممكن، بل ينبغي لها أن تكون عند مستويات أعلى. وتعتمد هذه العمليّة بشكل أقلّ على الاتّفاقيّات التّجاريّة، وبشكل أكبر على التّنمية الاقتصاديّة السّليمة، والحكم الرّشيد، والاستقرار السّياسي والنّضج.
(ترجمة لبنى يونس - خاص عروبة 22)