المصادر السعودية والحكومية اليمنية ذكرت لـ"عروبة 22"أنّ مبعوث الأمم المتحدة بدأ "التحضيرات البروتوكولية" لتحديد مكان وزمان التوقيع على اتفاق وقف الحرب باليمن بعد نقاشات مطوّلة بين السعوديين والعُمانيين، وشارك المبعوث الأممي في مراحلها الأخيرة، بحيث حصل منذ أسبوعين على الموافقة النهائية من الحوثيين على مضامينها، فيما كان مجلس القيادة الرئاسي قد أعلن دعمه للجهود والمساعي التي تقودها السعودية وسلطنة عُمان في سبيل التوصل إلى اتفاق سلام في اليمن.
ووفق المصادر نفسها، فإنّ الاتفاق ينصّ على تجزئة عملية السلام إلى ثلاث مراحل:
في المرحلة الأولى سيتم تجديد اتفاق وقف إطلاق النار لفترة زمنية لا تزيد على ستة أشهر، وصرف رواتب الموظفين المقطوعة منذ نهاية عام 2016 في مناطق سيطرة الحوثيين، حيث ستتولى السعودية تغطية بند المرتّبات لمدة عام، وكذلك رفع كل القيود عن المنافذ البرية والجوية بما فيها زيادة الرحلات من مطار صنعاء إلى عدد من العواصم، وفتح الطرق بين المحافظات. وتوريد عائدات الدولة إلى حساب بنكي سيشرف عليه مكتب المبعوث الأممي ومن خلاله سيتم تقاسم الموازنة العامة بين الحكومة في عدن وحكومة الحوثين في صنعاء.
وخلال هذه المرحلة ستتولى الأمم المتحدة، بالشراكة مع الأطراف الحكومية تثبيت خطوط التماس والإشراف على الالتزام بوقف إطلاق النار، ومعالجة أي انتهاكات للاتفاق، والإشراف على فتح الطرقات بين المحافظات ووضع الترتيبات العسكرية والأمنية اللازمة لفتح الطريق الرئيسي الذي يربط مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة بضاحية الحوبان الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وطريق التجارة الرئيسي الذي يربط محافظة اب بمحافظة عدن، والطريق الذي يربط محافظة مأرب بمحافظة البيضاء.
وبموجب الخطة ستلتزم الأطراف اليمنية، في المرحلة الثانية من الاتفاق والتي تمتد لعام كامل، على الدخول في حوار سياسي لمناقشة كيفية تشكيل حكومة وحدة وطنية ووضع دستور جديد وشكل الدولة ودمج التشكيلات المسلّحة، وغيرها من القضايا الخلافية التي كانت سببًا في الحرب واجتياح الحوثيين للعاصمة في النصف الثاني من عام 2014 حين تبنّى مؤتمر الحوار الوطني خيار الدولة الفيدرالية، وتقاسم المواقع المركزية في الدولة بين الجنوب والشمال، وكيفية تقاسم موارد الدولة والثروات الطبيعية، وهي مخرجات رفضها أيضًا قطاع واسع من الأطراف السياسية الجنوبية التي تطالب بالانفصال.
وبالتوازي مع الانتقال إلى المرحلة الثانية، سيتم تشكيل لجنة اقتصادية تتولى مهمة دراسة الوضع الاقتصادي واقتراح معالجات متفق عليها لإنهاء انقسام البنك المركزي والعملة المحلية ووضع آلية موحّدة لتوريد موارد الدولة إلى البنك المركزي، وهي مهمّة صعبة في نظر خبراء اقتصاديين بسبب الفارق الكبير في سعر الدولار الأمريكي بين مناطق سيطرة الحكومة وسيطرة الحوثيين، إضافة إلى ذلك مطالبة الحوثيين بحصة من عائدات بيع النفط والغاز ورفضهم خلال تلك الفترة توريد جميع المبالغ التي يقومون بتحصيلها من عائدات الضرائب وخاصة ضرائب شركات الاتصالات والقيمة المضافة على البضائع والزكاة التي ارتفعت من مليار ريال في العام إلى خمسمائة مليار ريال، وفق ما أفاد به مسؤولان حكوميان "عروبة 22" وحتى من الرسوم الجمركية من مختلف المنافذ لأنهم وافقوا في هذه المرحلة على توريد عائدات الرسوم الجمركية لموانئ الحديدة فقط.
وإذا ما تجاوزت الأطراف اليمنية المتباعدة في مواقفها ومطالبها السياسية المرحلة الثانية من الخطة وتوصّلت إلى اتفاق يكون قادرًا على التوفيق بين الأطراف الفاعلة عسكريًا وسياسيًا، فإنها ستذهب نحو المرحلة الثالثة من الخطة وهي تشكيل حكومة وحدة وطنية تتولى إدارة الفترة الانتقالية التي يُقترح أن تكون مدتها عامين، على أن تتولى الحكومة المشكّلة من الأطراف المتصارعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في المرحلة الثانية، لتجري انتخابات عامة في نهاية هذه الفترة.
لكن، ونتيجة التعارض الواضح بين مطالب القوى اليمنية المتصارعة، يبدي السياسيون في البلاد تفاؤلًا محدودًا بنجاح الخطة التي كانت حصيلة جهود عُمانية سعودية، ولكنهم مع ذلك يعتبرونها بداية لمسار طويل ينبغي المضي فيه واستكشاف نقاط الالتقاء بحثًا عن مخارج للقضايا الخلافية، ذلك أنّ كثيرًا من القضايا سبق وأن اختُلف حولها خلال مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد في العام 2013 واستمر لنحو عام كامل.
(خاص "عروبة 22")