قضايا العرب

أسباب "فنية" تُجهض لقاء جيبوتي: تأجيل "بارقة الأمل" السودانية!

قبل نهاية العام 2023، عُلّقت آمال الكثير من السودانيين على إمكانية الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان وقائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو "حميدتي"، يُنهي القتال الدموي الدائر بينهما منذ نحو 8 أشهر. لكن ما هي إلا ساعات على إعلان الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" إكتمال الترتيبات لعقد لقاء بينهما في جيبوتي، كان من المقرر أن يعقد اليوم الخميس، حتى تم الإعلان عن تأجيله إلى موعد آخر لأسباب "فنية".

أسباب

وكانت "إيغاد" قد وجهت الدعوة لعقد هذا اللقاء، بينما كان رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك قد أعلن، الاثنين الماضي، إرساله خطابين إلى البرهان ودقلو، يدعوهما إلى اجتماع عاجل لبحث سبل وقف الحرب، فسارع "حميدتي" الثلاثاء، إلى إبداء موافقة غير مشروطة على لقاء البرهان بناءً على مبادرة حمدوك، لكن بقي الجانبان يتحدثان عن "عوائق" قد تحول دون عقد اللقاء، الذي كانت تسعى إليه "إيغاد"، بسبب إصرار قائد "الدعم السريع" على لقاء البرهان بصفته قائدًا للجيش فقط، لا بوصفه رئيسًا لمجلس السيادة، الأمر الذي رفضه الأخير.

وإذ بدا لافتًا تأكيد "الدعم السريع" إستعداد قائده للقاء البرهان "في أي مكان"، بالتزامن مع تأكيد عدم تلقيه دعوة رسمية من "إيغاد" لحضور اجتماع جيبوتي، كان قادة ورؤساء دول "إيغاد" قد أبدوا إثر عقدهم قمة في جيبوتي بداية الشهر الحالي، تفاؤلًا، بشأن إيجاد حل للأزمة السودانية، بعد حصولهم على تأكيدات من طرفي النزاع بالاجتماع الفوري، والاتفاق على وقف العدائيات. غير أنّ البيان الصادر عن القمة أثار أزمة مع الخارجية السودانية، التي أشارت إلى أنّ البرهان اشترط لعقد اللقاء إقرار وقف دائم لإطلاق النار، وخروج قوات "التمرد" من العاصمة، لافتةً كذلك إلى أن المكالمة، التي جمعت رؤساء "إيغاد" و"حميدتي"، تمت بين الرئيس الكيني ويليام روتو و"حميدتي"، بعد انتهاء القمة، وبالتالي هي لا تُعد من أعمالها.

من حيث المبدأ، العامل الأساسي في دفع البرهان و"حميدتي" إلى الموافقة على عقد اللقاء، الذي تأجّل، يكمن بإشتداد الضغوط الدولية عليهما، وهو ما كان قد كشفه، بشكل واضح، وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، الأسبوع الماضي، من خلال الإشارة إلى أنّ واشنطن شاركت بنشاط، خلال الفترة الماضية، في محاولة لإنهاء رعب الحرب الأهلية الفعلية بين المجموعتين، وساعدت في التوصل إلى اتفاق يقضي بأن يجتمع الجنرالان ويلتزمان بوقف إطلاق النار، وذلك بعدما كان بلينكن قد اتهم، قبل أسبوع من هذا التصريح، طرفي النزاع بارتكاب جرائم حرب.

أما على المستوى الميداني، وبينما كانت أنظار العالم شاخصة باتجاه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، كانت قوات "الدعم السريع" تحقّق تقدّمًا عسكريًا على حساب قوات الجيش على أكثر من جبهة، لكن الأبرز كان السيطرة، خلال الشهر الحالي، على مدينة ود مدني، التي تُعد عاصمة ولاية الجزيرة الواقعة في وسط البلاد. بينما توعد البرهان في المقابل بمحاسبة "كل متخاذل" فيما حدث بمدينة ود مدني، مؤكدًا حرص الجيش والأمن والشرطة على القضاء على "ميليشيا الدعم السريع المتمرّدة".

تجدر الإشارة إلى أنّ ود مدني هي ثاني أكبر المدن السودانية من حيث الكثافة السكانية، كما تعد المدينة الاقتصادية الثالثة في البلاد. ومنذ بدء الحرب الحالية، نزح إليها نحو 500 ألف من سكان ولايات الخرطوم ودارفور وكردفان، كما انتقل إليها، مع بقية مدن ولاية الجزيرة، أغلب النشاط الاقتصادي بعد اندلاع الحرب.

على المستوى الإنساني، كانت منظمة الصحة العالمية قد أكدت، في شهر تشرين الثاني، أنّ 11 مليون شخص من السودان بحاجة إلى مساعدات صحية عاجلة، وما يقرب من 25 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية. بينما حذّر برنامج الأغذية العالمي، في الشهر الحالي، من أنّ خطر نقص الغذاء قد يهدد أكثر من نصف سكان السودان، إذا لم تتوقف الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، ولفت الانتباه إلى أنّ ما يقرب من 18 مليون شخص، في جميع أنحاء السودان، يواجهون "الجوع الحاد"، وهو أكثر من ضعف العدد في الفترة نفسها من العام الماضي.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن