قضايا العرب

"النكبة والتهجير".. مشروع الصهيونية الدائم!

فلسطين - فادي داود

المشاركة

منذ أن بدأ الاستعمار بخلق ما يُسمى "دولة إسرائيل" كدولة مصطنَعة في المنطقة، انطلق المشروع الصهيوني في الاستحواذ على الأرض وطرد السكان الأصليين بطرق متعدّدة، على قاعدة جعل الأراضي الفلسطينية غير قابلة للحياة بالنسبة للفلسطيني، تمهيدًا لإحلال المستوطنين وخلق أجواء من الراحة والأمان لعيشهم على أرض فلسطين بدعم غربي.

مَن يتتبع تاريخ دولة الاحتلال الدموي، يلاحظ أنها طيلة تاريخها لم تقدّم تنازلًا واحدًا للفلسطينيين أو العرب، بل على العكس من ذلك كانت جميع التنازلات تُقدّم من قبل الدول العربية، ومع كل تنازل حصلت عليه كانت دولة الاحتلال تزيد من أطماعها، فالاستيطان والترحيل والتهجير والإحلال هو الذي حكم فكر الحركة الصهيونية وفعلها على مرّ العقود بشكل يهيّئ الأرضية الفلسطينية لإحداث "نكبة جديدة" متى تسمح الظروف والفرص بذلك.

الهدف من مخطط الاحتلال "فعل التهجير" بمعزل عن "مكان التهجير"

وما الأحداث الدموية الجارية في قطاع غزّة واستمرار الاستيطان في الضفة الغربية، سوى تأكيد متجدد لطبيعة هذه "الدولة" ولمدى الدعم الغربي المفتوح لارتكابها مجازر يومية في حق الشعب الفلسطيني. فلا أحد كان يتصوّر أنّ ما حصل في عام 1948 يمكن أن يتكرّر في عام 2023 بالطريقة نفسها ويُمارس بوسائل عسكرية حديثة برعاية رسمية غربية.

هنا لا بد لنا أن نستنتج بأنّ خطط الاحتلال والدول الغربية المساندة له ليس هدفها القضاء على الجناح العسكري لحركة "حماس" فقط، إنما هي تريد تهجير الناس، والهدف هو "فعل التهجير" بمعزل عن "مكان التهجير". فبالرغم من موقف مصر من رفض تهجير فلسطينيي غزّة إلى أرضها إلا أنّ ذلك لم يلغِ عملية التهجير ولم يغيّر مخطط الاحتلال الذي استبدل اليوم عبارة "التهجير القسري" إلى سيناء بعبارة "التهجير الطوعي" إلى دول العالم، خصوصًا في ظل ما تم الاعلان عنه على سبيل المثال من جانب دولة كندا بقبول هجرة الفلسطينيين والإسرائليين على حد سواء، وهو إعلان يتصف بالخبث ويُقصد فيه تهجير الفلسطينيين "بطابع إنساني" عن أرضهم إلى الأبد، تمامًا مثل الهجرة التي حدثت إبان النكبة.

دعوات غربية خبيثة تنطلق من مسميات "إنسانية" لتمرير المخطط الإسرائيلي

والمتتبع لهذا القرار الكندي يُلاحظ بأنه يتيح لكل فلسطيني من المهاجرين القدامى أن يمنح حق الهجرة لأي قريب له لا يزال في فلسطين، ما يعني أنّه يستطيع أن يجلب أولاد عمه وأولاد خاله وهو ما يجعل أغلب الفلسطينيين المنكوبين يهمّون للهجرة القسرية/الطوعية، خصوصًا وأنّ جميع سكان قطاع غزّة يضعهم الاحتلال اليوم بين خيار الموت قصفًا أو جوعًا وعطشًا أو الرحيل والهجرة.

نحن إذًا إزاء "نكبة جديدة" بكل معنى الكلمة، يجب على كل فلسطيني مقاومتها. ومثلما أُجبرت حكومات غربية على تغيير مواقفها من العدوان الإسرائيلي، ينبغي العمل على استغلال التأييد الشعبي العالمي للقضية الفلسطينية في هذه الفترة للتصدي للدعوات الغربية الخبيثة التي تنطلق من مسميات "إنسانية" في سبيل تمرير المخطط الإسرائيلي المسكون بالنكبة والتهجير.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن