صحافة

الحرب الشاملة في الشرق الأوسط

حسام ميرو

المشاركة
الحرب الشاملة في الشرق الأوسط

بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تجاوز عدد الضحايا الفلسطينيين، حاجز الـ24 ألف مدني، عدا ما أصاب البنى السكنية والخدمية والتعليمية من تدمير، أخرج أكثر من 60% منها عن العمل، من دون أن يتمكّن الحراك الديبلوماسي، العربي والإسلامي والدولي، من إيقاف هذه الحرب، التي تجاوزت أهدافها القضاء على «حركة حماس»، إلى القضاء على الشعب الفلسطيني في غزة.

المفاجئ في معظم التصريحات السياسية والعسكرية الرسمية بعد معركة «طوفان الأقصى» في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، هو اعترافها بأنها فوجئت بالمعركة، واعتبارها أن ما حدث لا يمكن توقّعه، في الوقت الذي كانت فيه المعارك تنتقل من مكان لآخر في المنطقة.

في حال كهذه، فإن فتح أي جبهة جديدة في الصراع، ينبغي أن يكون أمراً واقعياً ومتوقّعاً في حسابات السياسة، فإذا ما وضعنا المعطيات السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية لعموم المنطقة على طاولة الدرس، فإننا لن نحتاج إلى الكثير من الذكاء والحنكة، لاكتشاف عدد السيناريوهات المدمّرة التي تنتجها تلك المعطيات.

ما زالت وجهة النظر التي تقول إن النموذج العراقي لم يمنح بعد كلّ دروسه، لها صوابية بالغة، فقد أسقطت الولايات المتحدة، في لحظة نشوة تاريخية، نظام البعث في العراق، لكنها أنتجت في الوقت ذاته، ممكنات لا حصر لها من التشوّه السياسي، وفتحت في المجال فرصة لتشابك التدخلات الإقليمية، والأخطر من ذلك، أن إسقاطها لنظام البعث، ترافق مع إسقاط الدولة نفسها، والفشل لاحقاً في إنتاج دولة حديثة ديمقراطية، كما كانت واشنطن تبشّر به العراقيين، بل دولة قائمة على الصراع والمحاصصة الإثنية والطائفية والمذهبية والعشائرية.

بشكل مباشر، أو بالوكالة، انخرطت معظم الدول في الشرق الأوسط، في الحروب الممتدّة على رقعة جغرافية واسعة في الإقليم، وهذا الانخراط الشامل يعكس حالة الأزمة المستعصية، الناجمة عن وضع تصوّر معقول وواقعي لمنظومة أمن واستقرار، من شأنها أن تبدأ بمعالجة التناقضات في المصالح القومية للدول، وتساعد في حل قضايا تاريخية عالقة بشكل منصف، وأبرزها القضية الفلسطينية.

إن الحرب الشاملة في الشرق الأوسط، والتي لا يمكن التنبؤ بفصولها المقبلة، من حيث المكان والزمان والسيناريوهات المحتملة لها، ليست فقط نتيجة ديناميات داخلية لصراعات المنطقة، فما تشكّله منطقتنا من أهمية متعددة المستويات على مستوى سوق العمل الدولي، وبالتالي العلاقات الدولية، تجعلها ساحة حرب مثالية للدول الكبرى، التي تعاني هي الأخرى أزمات، بعضها يكاد يصل إلى مستوى المأزق، وبالتالي، هناك حاجة ملحة لتصريف تلك الأزمات في ساحات ذات كلفة منخفضة.

لكن، حسابات الحقل لا تطابق دائماً حسابات البيدر، خصوصاً في الحروب، فنحن نشهد اليوم تهديداً مباشراً للتجارة العالمية في البحر الأحمر، بدأت آثاره تظهر، عبر تحويل الكثير من شركات النقل البحري لخطّ سير سفنها، ما يعني ارتفاع تكاليف التأمين والنقل، إضافة إلى الحرب في أوكرانيا، لذلك، لن يكون مفاجئاً أن يتوسّع نطاق الحرب في منطقتنا، أو إلى مناطق أخرى من العالم.

("الخليج") الإماراتية

يتم التصفح الآن