الموضوع المطروح واسع ومتشعّب، وله أهمية خاصة في هذا التوقيت، الذي يحتاج إلى مصارحة لا مجاملة، لذلك فإني سوف أحصر كلامي في ثلاثة محاور أراها حاكمة في الموضوع المطروح للنقاش وهو القضية الفلسطينية وموقف الكويت منها.
- الكويت وعلاقتها بالعروبة السياسية.
- موقف الكويت من القضية الفلسطينية.
- المشهد الحالي في غزّة، مَن الخاسر ومَن المستفيد، ومخاطره على المنطقة.
أمام هذه المحاور الثلاثة يمكن الحديث عن علامات بارزة.
في المحور الأول: الكويت بلاد العرب، وهو العنوان البريدي الذي وعينا عليه للكويت، فهي جزء لا يتجزّأ من جغرافية وثقافة عربية، أهلها عرب روحًا وانتماءً، لذلك فإنّ علاقتها بالعروبة ليست جديدة، وتعلّقها بالقضايا العربية أيضًا ليست جديدة ولا مستغرَبة.
"المرحلة العربية السياسية" علّقت توجّه الكويت مع الحليف الغربي فأصبح الفضاء العربي هو الذي تتحرّك فيه
إلا أنّ توقيت ميلاد استقلال الكويت شهد مرحلة حرجة وفاصلة و هي صعود "القومية العربية" وما صاحبها من صراعات.
فقد كانت ملابسات الاستقلال من رغبة عربية في تقليص "الارتباط ببريطانيا" والتي كانت مهيمنة على الخليج لفترة طويلة، بالتزامن مع مطالبات غير محقة من العسكر الحاكمين في العراق بالكويت، ما خلق ظروفًا سياسية خاصة، منها طلب وجود بريطاني من قبل الكويت، وشروط عربية بأنّ الاعتراف بالكويت تتطلّب خفض العلاقة ببريطانيا، وبالتالي وجود قوات عربية على الحدود الكويتية، وقد بدأت منذ ذلك الوقت ما يسميه أستاذنا عبد الله بشارة "المرحلة العربية السياسية في الكويت" بين عامَي 1960 – 1990.
هذه المرحلة علّقت توجّه الكويت مع الحليف الغربي، كشرط لاعتراف بالكويت عربيًا، ومن ثم عالميًا، فأصبح الفضاء العربي هو الذي تتحرّك فيه الكويت، وأصبح هناك قناعة أنّ حماية الكويت تكمن في استمرار التضامن العربي، وأي خلاف عربي/عربي يُشكّل هاجسًا للكويت وتنشط بقوة للمساعدة في حلّه.
كمثال التدخل لرأب الصدع في أثناء الحرب اللبنانية، وبين الأشقاء في اليمن (شمال/جنوب) كما ترأست لجنة الدفاع عن العراق إبان الحرب العراقية الإيرانية، من بين عدد آخر من القضايا.
إلى درجة أنه عشية الاحتلال العراقي للكويت تحدث الشيخ صباح الأحمد رحمه الله لقناة "سي إن إن" وأجاب على سؤال لو ساءت الأمور من تستنجد به؟ قال: الجامعة العربية!
- في 25 مايو تم اعتداء أثيم على أمير الكويت، وقتها المرحوم الشيخ جابر الأحمد، وتدفقت جماهير إلى قصر السيف، وكان متألمًا، إلا أنه قال: "إنّ ما يوجعني هو صوت المَدافع على مخيمات الفلسطينيين في بيروت"!!.
الصندوق الكويتي للتنمية العربية يخدم أكثر من مشروع التنمية الخارجي الأمريكي
هذه الفترة هي فترة "العروبة النشيطة" من بين مظهرها:
- إصدار مجلة العربي (1958).
- احتضان النضال الفلسطيني.
- إنشاء الصندوق الكويتي للتنمية العربية 1961 (أول مؤسسة عابرة عربيًا للتنمية)، يخدم حتى الآن أكثر من 100 دولة، أكثر كثيرًا من مشروع التنمية الخارجي الأمريكي!
- استخدام قوة الكويت الناعمة في الدفاع عن القضية.
(خاص "عروبة 22")