ما يحدث بين أمريكا من جانب، وإسرائيل من جانب آخر، بخصوص الأوضاع في غزة عمومًا، وكارثة رفح خصوصًا - تمثيلية عبثية سوداء، لأن أمريكا هي «حامي حمى» إسرائيل، وإسرائيل نجحت في توريط الرئيس جو بايدن بشكل مباشر في هذه الحرب القذرة.
مشكلة رفح الفلسطينية أنها تحتضن ما يقرب من مليون ونصف المليون فلسطيني الآن؛ بعد أن نزحوا إليها من مناطق غزة المختلفة بتعليمات من الجيش الإسرائيلي.
الكارثة «الكبرى» أن رفح سوف تتحول إلى أنهار من الدماء، لأنها أصبحت منطقة مخيمات للاجئين، واقتحامها يعني أن تتحول المخيمات إلى بِرَك من الدماء، والأشلاء.
الإدارة الأمريكية (كالعادة) تقول الشيء وعكسه، وبعد أن كانت ترفض اقتحام رفح بدأت تُغير كلماتها إلى ضرورة تقليل الخسائر، وهو ما يعني أن أمريكا أعطت «الضوء الأخضر» للجيش الإسرائيلي لاقتحام رفح.
سكان رفح لا يجدون مكانا آخر للتوجه إليه، فهم قد هربوا إليها ظنا منهم أنها مكان آمن، لكنهم الآن لا يعرفون إلى أين يتجهون، خاصة بعد تدمير منازلهم، واستحالة عودتهم إلى تلك المناطق التي كانوا يعيشون فيها.
إسرائيل تضرب بكل التحذيرات الأممية عُرض الحائط، وتسير في طريقها لاقتحام رفح، رغم المخاطر الإقليمية التي تهدد بتوسيع نطاق الحرب.
وقف الحرب في غزة لا يحتاج سوى استصدار قرار «ملزم» من مجلس الأمن، وأمريكا تستطيع أن تفعل ذلك اليوم قبل الغد، لو أرادت، بتعطيلها استخدام حق النقض (الفيتو)، أو الامتناع عن التصويت.
مطلوب جلسة «عاجلة» لمجلس الأمن قبل أن تنفجر «شلالات» الدماء في رفح، ووقف العدوان الإسرائيلي «الغاشم» الذي دخل شهره الخامس.
جوزيف بوريل، منسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، دعا إلى وقف تسليح إسرائيل، وهي أول مرة يخرج فيها صوت مسؤول أوروبي يطالب بإعادة النظر في تسليح إسرائيل، وهو كلام منطقي جدا، لأن من يقدم السلاح لإسرائيل هو الذي يساعدها في قتل كل هذه الأعداد من البشر.
للأسف الشديد لا تزال الأصوات العاقلة مثل بوريل، وبعض المسؤولين الأوروبيين الآخرين، أصواتا فردية غير مؤثرة، وسرعان ما تتراجع هذه الأصوات تحت ضغوط «اللوبي» الصهيوني وسط عجز عربي شامل أظهرته أزمة غزة الأخيرة.
("الأهرام") المصرية