طبعًا، المسيرة التاريخية طويلة وليست وليدة اليوم، بل هناك العديد من النجوم العرب الذين دافعوا عن ألوان أندية أوروبية مرموقة وشهيرة منذ سنوات طويلة وتركوا "بصمة"، ولكن القيمة السوقية المالية لهؤلاء النجوم لم تكن ذات أهمية كبيرة مقارنةً بالمبالغ الخيالية التي تدفع اليوم ولا سيما من قبل الأندية الكبيرة والعريقة في الدوريات الخمس الكبرى (إنكلترا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا).
إذا أردنا استعراض أسماء أشهر النجوم العرب السابقين حتى يكتمل مشهد موضوعنا اليوم، فهناك العديد منهم، ولكن سنكتفي بالأبرز تاريخيًا ومن بينهم الجزائري رباح مادجر الذي دافع عن ألوان بورتو البرتغالي وأحرز معه كأس دوري أبطال أوروبا عام 1987 في النهائي الشهير أمام بايرن ميونيخ الألماني الغربي، وكيف استطاع اللاعب العربي إحراز هدف التعادل بـ"كعب" القدم في شباك حارس المرمى البلجيكي الشهير جان ماري بفاف على ملعب "إرنست هابل" في النمسا، قبل أن يسجل زميله جواري هدف الفوز 2-1، فأهمية هدف مادجر هو أنّ الأخير أصبح حديث الشارع الكروي لأشهر طويلة وانهالت عليه العروض الخارجية، والأهم أنه "فتح" عين العالم على اللاعب العربي وقيمته وموهبته.
ومن النجوم العرب البارزين أيضًا، الجزائري مصطفى دحلب مع "باريس سان جرمان" الفرنسي وهو الذي نجح في مونديال 1982 بمساعدة مادجر وبلومي لقيادة الجزائر بالفوز على ألمانيا الغربية 2-1، واللافت في الأسماء العربية بأنّ غالبيتها من دول شمال أفريقيا.
لكن ما هو السر؟ بالطبع هناك ميزة خاصة تربط هذه البلاد بقارة أوروبا أولها قرب المسافة وثانيًا الارتباط التاريخي والحالي الوثيق بين المغرب العربي وجنوبي أوروبا والهجرة المنظمة من الدول المذكورة إلى بلدان أوروبية بحثًا عن كسب معيشي أفضل.
وهناك نقطة محورية وهامة جدًا تساعد في احتراف أسهل لنجوم عرب شمال أفريقيا ألا وهي "العقلية" المنفتحة لهؤلاء على الثقافة الغربية وفهمها بطريقة أوسع من باقي شعوب العرب سواءً في الخليج أو سائر دول الشرق الأوسط.
أسهمت زيادة عدد الدول المتأهلة إلى كأس العالم عقب مونديال الولايات المتحدة 1994 من 24 منتخبا إلى 32 في مونديال فرنسا 1998 في اتساع رقعة مشاركة المنتخبات العربية في التصفيات أو في التأهل إلى "العرس العالمي" ما أعطى مساحة أكبر لظهور العديد من النجوم، ومن الطبيعي أن تنهال العروض وترتفع الأسعار تباعًا. وعلى الرغم من الهيمنة "المغاربية" على بطاقات الوصول إلى كؤوس العالم إلا أن بعض النجوم العرب أحدثوا خرقا في "الجدار" الاحترافي الغربي ومن بينهم الحارس العُماني علي الحبسي الذي تألق في الدوري الإنكليزي مع أندية بولتون وندررز وويغان وريدينغ ما بين 2006 و2017 وهو أمر نادر الحصول مع لاعب خليجي على وجه التحديد.
إلى أن ظهر "النجم" المصري محمد صلاح الذي خرج من ناد "متوسط السمعة" في مصر وهو "المقاولون العرب" إلى سويسرا عبر فريق "بازل" حيث بدأ يلفت أنظار الكشّافين الأوروبيين وإدارات الفرق العريقة بعد تسجيله 47 هدفًا، فانتقل بعدها إلى إنكلترا ليدافع عن ألوان "تشلسي" ثم إيطاليا حيث لعب لفريقي "فيورنتينا" و"روما"، قبل أن يعود مجددًا إلى إنكلترا عام 2017 وتحديدًا مع "ليفربول" الذي أصبح من خلاله معشوق الجماهير و"دجاجة" تبيض أهدافًا وحتى "ذهبًا" إذا صحّ التعبير.. حتى فاق راتبه 18 مليون جنيه استرليني في العام، أي أنه أصبح يجني أسبوعيًا 350 ألف جنية استرليني (404 آلاف يورو).
وعلى صعيد متصل، لا يغفل عن بالنا ذكر نجوم عرب ينشطون حاليًا في أوروبا وهم لا يقلّون شأنًا عن صلاح، إن من الناحية الفنية والمهارية أو المادية، وخصوصًا بعد "مونديال قطر"، فنجد المغربي أشرف حكيمي ظهير فريق "باريس سان جرمان" الذي يحتل المركز 36 من بين أفضل "أغلى" 100 لاعب بقيمة تقدر بنحو 73 مليون يورو.
أما "الأغنى" بعد محمد صلاح، فهناك نجم مانشستر سيتي الجزائري رياض محرز بثروة تقدر بنحو 100 مليون يورو، يليه المغربي يوسف النصيري مهاجم إشبيلية بـ50 مليونًا إلى العديد من الأسماء.
ليبقى السؤال: إلى متى ستبقى المواهب العربية مكبوتة في أوطاننا تشخص أنظارها إلى فضاء المهجر لتشقّ طريقها ويشعّ بريقها أمام العالم؟