بعض المظاهر التي أعاينها في شهر رمضان مع الصائمين، سواء في المنازل أو الشوارع، تؤكد أنّ ممارسات العديد من الشعوب في المنطقة العربية تحتاج إلى قراءات تهم العامة أو الرأي العام من جهة، وتتطلب تقييمات من جهة تهم النخب الفكرية والدينية من جهة ثانية.
في الشق الخاص بالعامة، خلال العقد الأخير، برزت ظواهر غريبة بخصوص التعامل الإعلامي مع مواد الفضائيات، بحيث تشرع الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي مباشرةً بعد دخول أول أيام رمضان في صراعات وما يشبه الحروب بسبب مواد بعض البرامج أو المسلسلات، وما النقاش الذي أثير في مصر وفي بعض دول المنطقة حول مسلسل "الحشاشين"، إلّا نموذج بسيط في هذا السياق، بين التنويه به أو نقده وتصنيفه في خانة أزمة الإبداع الفني والتي تندرج ضمن أزمات أخرى ربما تكون بنيوية في مصر.
من بين المفارقات أيضًا، مشكلة كثرة القمامة في بعض الشوارع العربية، والتي تترجم ارتفاعًا في وتيرة الاستهلاك، مع أنه من المفروض أن يكون الأمر عكس ذلك، أو على الأقل، ترشيد الاستهلاك في شهر الصيام.
هذه المفارقات تطرح من جهة ثانية على النخب الفكرية والدينية، أسئلة متجددة حول شعارات "تجديد الخطاب الديني"، أو تجديد العقل العربي، أي أنّ الحاجة ماسة لخوض مواضيع كان البعض يعتقد أنّها أصبحت متجاوزة، بينما يتضح للجميع أنّها لا زالت راهنية وعلى أكثر من صعيد.
(خاص "عروبة 22")