تمييز عنصري فاضح

استوقفني وأعتقد أنه استوقف الكثيرين الفرق في رد فعل بعض الدول الغربية بين قتل إسرائيل لسبعة أشخاص أجانب من جنسيات غربية من العاملين في منظمة المطبخ المركزي العالمي وقتل دولة الاحتلال لأكثر من 33 ألف فلسطيني معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن.. أوضح بداية أنني حزنت لمقتل السبعة رجال احتراما للحياة الإنسانية ولكن ما يدهشني أن الإعراب عن الأسى لمقتل هؤلاء قابله تجاهل معيب ومؤسف حيال مأساة عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين لا تتوقف آلة الحرب الصهيونية عن المضي في مخططها الإرهابي ضدهم وهو الإبادة الجماعية ضد أشقائنا في قطاع غزة.

ويطرح هذا الوضع تساؤلا ملحا، هل ضحايا إسرائيل هم فقط هؤلاء الأشخاص السبعة لأنهم ينتمون إلى فصيلة «الإنسان» بينما الفلسطينيون والعرب عموما ليست لهم أجساد وأرواح تتسم بالانتماء للإنسان؟ .. هذا الحادث العابر وضع مئات الخطوط تحت ادعاءات هؤلاء بالدفاع عن حقوق الإنسان وأولها الحق في الحياة.. وقد كشفت حرب غزة للعالم، الذي كان يشك في كلامنا بسبب التشويهات الإعلامية والسياسية، مدى العنصرية البغيضة التي ينتهجها مدعو الدفاع عن الإنسان، فالرئيس الأمريكي جو بايدن، يطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار بقدر الإمكان في غزة، وفي الوقت نفسه يزود الدولة الصهيونية بأكبر قدر ممكن من وسائل التدمير الوحشي، قنابل وطائرات الخ، وفي كلماته استخفاف بعقولنا، بل وعقول العالم أجمع حيث تتعرض إسرائيل لانتقادات وإدانات على مستوى العالم بأسره، في عصر باتت فيه التكنولوجيا الحديثة تنقل تفاصيل اي حدث بالصوت والصورة عبر شاشات التليفزيون وتفضح بالواقع، الأكاذيب ودموع التماسيح.

وقد انتقد الموقف الأمريكي المساند لإسرائيل والمشجع لها بعض الشخصيات الأمريكية المرموقة.. ولم تعد تنطلي علينا وعلى غيرنا أنباء «الخلاف» بين بايدن ورئيس حكومة دولة الاحتلال بنيامين «نتن ياهو».. وذكرني الوضع الحالي بتعليق لزوجي الراحل الكاتب على الشوباشي عندما قلت له يوما «إن اللوبي الصهيوني» يتحكم في سياسة واشنطن، رد عليّ بأن إسرائيل هي حاملة طائرات أمريكية في الشرق الأوسط وهو ما يتضح الآن تحت سمع وبصر العالم بأسره.. ولا شك أن الصمود البطولي الفلسطيني لأبناء غزة، للشهر السابع على التوالي، في أطول حرب خاضتها إسرائيل منذ زرعتها بريطانيا في وطننا العربي لتنفيذ مخطط خبيث بتفتيته، ثم ورثتها أمريكا قد أزال الأقنعة الزائفة، وهي تعيث قتلا ودمارا، بوحشية لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية، ضد شعب أعزل لا يمتلك سلاحا سوى سلاح الإيمان بالوطن والدفاع عنه بالروح والجسد، ببذل الدماء التي ذرفها ما يزيد على 100 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، وأيضا كان لقرار الرئيس عبدالفتاح السيسى برفض التهجير القسري لأبناء القطاع إلى شبه جزيرة سيناء، ما أفسد المخطط المعادي، لا سيما تصفية القضية الفلسطينية التي تصدرت الأنباء الدولية وخرجت من طي التجاهل والنسيان إلى الواجهة التي تحمل كل الدول والمؤسسات والمنظمات الدولية، مسؤولية التصدي لحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل والتي تكتب أول صفحة في كتاب نهاية دولة العدوان الوحشي.

("الأهرام") المصرية

يتم التصفح الآن