ستعقد القمة العربية بعد عدة أيام في مملكة البحرين إن شاء الله، في ظل أجواء وظروف استثنائية - كما جرت كل القمم السابقة - حتى أصبحت «الاستثنائية» هي القاعدة بالنسبة لعالمنا العربي!
البحرين ستضع كل إمكانيتها لإنجاح هذه القمة الصعبة، والخروج بمكاسب تخدم الشعب العربي الذي يئس من خيباته المتكررة، البحرين تلك الدولة التي نجحت في التصدي لمشروع إسقاط الدول العربية تعرف تماماً ماذا تعني الانقسامات والخلافات البينية في الدول، وتعرف أيضا أنه لا صوت يعلو على صوت القانون والمؤسسات والدولة الوطنية، وهذا الإدراك وحده ما حمى البحرين من السقوط كما كان مخططاً لها، وتعرف كيف تواجه الضغوط أياً كانت قوتها وصعوبتها، حتى لو كانت من دولة كالولايات المتحدة الأميركية، فإن البحرين قادرة على أن تقول لها لا، حين يكون أمنها على المحك.
ستعقد هذه القمة، ولأول مرة، بعد أن وصل أثر المستجدات في القضية الفلسطينية إلى شكل غير مسبوق في العالم الغربي، بحيث يهدد أمن واستقرار الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، لا بسبب تهديدات عربية بالانتقام لأرواح الضحايا والشهداء كما جرت العادة، بل بسبب تعاطف الشعب الأميركي والأوروبي هذه المرة مع الفلسطينيين لدرجة تصادمه مع أنظمته، ودخول أفراد منهم السجن، وفصل آخرين من جامعاتهم ومن مناصبهم، وذلك استثناء غير مسبوق في كل تاريخ القضية، وسيؤثر حتماً على مسار القضية في الأروقة الدولية، ولا بد أن يظهر ذلك الأثر في اجتماع القمة العربية هذه المرة، فلا يجوز أن تجتمع القمة دون أن تأخذ في اعتبارها ذلك التأييد الذي يكتسح الشارع الأميركي، وتكون على قدر هذه المسؤولية بالإجماع على رأيٍ ومشروع تتجاوز فيه هذه القمة الاختلاف الفلسطيني، وتضع الفرقاء أمام مسؤوليتهم، وتبعد كل طرف مستفيد من هذا الاختلاف للبحث عن دور له في رسم المستقبل الفلسطيني، فإن لم تكن هذه القمة العربية فرصة لإنقاذ الشعب الفلسطيني فمتى ستكون إذن؟
ستعقد هذه القمة ودولة السودان تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد أن لفظتها ليبيا والصومال واليمن سابقاً لذات الأسباب، فرقاء يتقاتلون، وكل منهم حصان طروادة لقوى إقليمية تبحث لها عن موقع قرب مصادر النفط والغاز والموانئ، وتحت وطأة هذا الصراع ينهش الجوع والعطش والرصاص أجساد الشعوب، ويتركها جثثاً بلا مقابر.
(الشرق الأوسط)