صحافة

التأييد الغربي المتفاني لإسرائيل

عزة رضوان صدقي

المشاركة
التأييد الغربي المتفاني لإسرائيل

بعد ساعات من مجزرة رفح فُجعت من مشهد نيكي هيلي، حاكمة ولاية كارولينا الجنوبية السابقة، والسفيرة الأمريكية التاسعة والعشرين لدى الأمم المتحدة، والمرشحة الرئاسية السابقة، وهي تكتب على قذيفة مدفعية إسرائيلية «اقضوا عليهم». خلال فترة عملها كسفيرة أوضحت نيكي هيلي تأييدها المطلق لإسرائيل. فعندما اعترف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل طرحت مصر مشروع قرار ينتقد هذه الخطوة. عندئذ هددت هيلي المندوبين مباشرة كما بعثت برسالة إلى الوفود محذرة من سيصوت ضد قرار الولايات المتحدة.

دائمًا وأبدًا تعلن هيلي ولاءها لإسرائيل فهي التي قالت إسرائيل لا تحتاج إلينا نحن بحاجة الى إسرائيل. كما تكشف أحاديثها ولاءها المستميت فعندما سُئلت عن المكان الذي يجب أن يذهب إليه سكان غزة، كان ردها فليذهبوا إلى معبر رفح، ويجب على مصر أن تأخذهم.

لكن بكل إنصاف، نيكي هيلي ليست أسوأ من مئات المشرعين الغربيين الذين يدعمون إسرائيل بشكل أعمى. من رئيسة وزراء بريطانيا السابقة ليز تراس التي عرفت نفسها بأنها صهيونية كبرى الى الرئيس بايدن الذي قال: لقد واجهت مشاكل عدة مرات عندما قلت إنه ليس من الضروري ان تكون يهوديًا لتكون صهيونيًا. فأنا صهيوني. أنا لا أقدم اعتذارًا عن ذلك. هذه حقيقة.

علاوة على ذلك، رأينا جميع رؤساء الولايات المتحدة أمثال بوش، وأوباما، وكلينتون، وترامب وقد ارتدوا الكبة أو القلنسوة التي يرتديها اليهود المتدينون ليقفوا في حزن واحترام عند الحائط المبكى. لذا، فإننا نتساءل اليوم عن العوامل التي تحرك الموقف الغربي المؤيد لإسرائيل؟ لماذا لم يُدِنْ المشرعون في الغرب انتهاكات القانون الدولي وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل؟ دعونا نفك رموز هذا التفاني الغريب.

هناك أسباب عدة مثل تحمل الغرب وطأة ذنب ما حدث لليهود خلال الحرب العالمية الثانية كما أن المسيحيين المتدينين منهم يؤمنون بعودة اليهود الى الأرض المقدسة توافقًا مع نبوءات الكتاب المقدس ثم يستند داعمو إسرائيل إلى فكرة أنها موقع غربي قيم يخدم المصالح الغربية في الشرق الاوسط. والبعض الآخر يعتقد أن الغرب راضون بمهاجمة إسرائيل للفلسطينيين وللعرب نيابةً عنهم ويربطون هذا العنف بما حدث في 11 سبتمبر في الولايات المتحدة. ولكن أهم الأسباب تكمن في اللوبي المؤيد لإسرائيل وهو اللوبي الأكثر تنظيماً وقوة في الولايات المتحدة. لا يوجد أي جماعة ضغط دينية أو سياسية تتمتع بموارد مكثفة وثقل مثل اللوبي الإسرائيلي. لذلك فإن الكونجرس الأمريكي ممتلئ بمؤيدي اللوبي الإسرائيلي الذي يدعم ويرعى فقط أولئك الذين يدعمون إسرائيل مما يخلق ولاءً قويا من شرعيين ذوي نفوذ وولاء مستفيضين.

لقد جمعت لجنة الشؤون الأمريكية الإسرائيلية (ايباك) الملايين منذ 7 أكتوبر الماضي ذهبت فورا للتحكم في انتخابات الرئاسة 2024 وبالفعل لقد تلقت نيكي هيلي ما يقارب من مليون دولار من اللوبي الإسرائيلي فلا عجب أنها تظل ممتنة للغاية. بعد الاتهامات الموجهة إلى القادة الإسرائيليين من قبل المحكمة الجنائية الدولية، انفجر السيناتور ليندسي جراهام قائلا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية أن تذهب الى الجحيم. ووفقا لمنظمة اوبن سيكرتس غير الربحية فإن 1400 عضو في الكونجرس الأمريكي قد تمت رعايتهم ومساعدتهم من قبل جماعات الضغط الإسرائيلية منذ 1990. غالبية الكونجرس يؤيد إسرائيل ووفقاً لصحيفة الجارديان حصل هؤلاء الاعضاء على 125 ألف دولار في المتوسط خلال الانتخابات الأخيرة. كما أن اللوبي الإسرائيلي مدعوم بثروة هائلة فالعائلات الصهيونية تنفق بسخاء لتمويل الافراد والمنظمات المؤيدة للصهيونية في الولايات المتحدة ودول غربية اخرى مثل كندا وبريطانيا. ديفيد أزريلي، رجل الأعمال الكندي الإسرائيلي الذى تبلغ ثروته أكثر من 3 مليارات دولار، خدم في شبابه في مجموعة الهاجاناه خلال حرب 1948. كما انشأ الكندى جيرالد شوارتز وزوجته مؤسسة هيسيج التي تقدم ملايين الدولارات سنويًا للذين يقاتلون في الجيش الإسرائيلي ويغطون الرسوم الدراسية ونفقات المعيشة للذين يرغبون في البقاء في إسرائيل للدراسة بعد إكمال خدمتهم العسكرية.

ونتيجة لذلك، يواصل الكونجرس الأمريكي دعمه لإسرائيل وأصدر قرارًا مؤخرا يعلن أن معاداة الصهيونية هي معاداة للسامية والذي تم بأغلبية مدوية حيث وافق 311 ممثلا في الكونجرس على القرار مقابل 14 غير موافق. بمعنى أن من ينتقد الصهيونية أو يرى خطأ في سياسة تجويع إسرائيل للفلسطينيين فإنه معادٍ للسامية.

إنها قوة النفوذ والمال التي تترجم إلى آلية دفاع متحمسة مؤيدة لإسرائيل وتعمي هؤلاء المؤيدين من البصيرة.

("الأهرام") المصرية

يتم التصفح الآن