واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع حالة من الترقب لتداعيات ما بعد خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الكونغرس الأميركي اليوم، وسط مقاطعة ديموقراطية كبيرة أبرزها ستكون من نائبة الرئيس جو بايدن كامالا هاريس نفسها، التي زعمت أن التوقيت يتضارب مع ارتباطاتها، فيما أعلن نحو 100 نائب ديموقراطي مقاطعتهم للخطاب. بينما أعلن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أنه سيلتقي نتنياهو، يوم الجمعة المقبل، في منتجعه في بالم بيتش بولاية فلوريدا.
في سياق متقاطع، يستمر ترهيب اليهود المعارضين للحرب الإسرائيلية على غزة، بحيث أفادت "منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام" باعتقال أكثر من 300 شخص في الكونغرس، من المحتجين المطالبين بوقف تسليح إسرائيل. بينما أشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى "توتر كبير" في اللقاء الذي جمع في واشنطن نتنياهو بعائلات الأسرى، موضحة أن نتنياهو أبلغ عائلات الأسرى أن سياسته هي زيادة الضغط وعدم الرضوخ لشروط "حماس". في حين دانت عائلات الأسرى الإسرائيليين تصريحات عوفير فيليك، مستشار نتنياهو، بأن "حماس" لا تريد صفقة، لافتة إلى أنها تناقض موقف أجهزة الأمن وتصريحات وزير الدفاع، ومعتبرة أنها محاولة لإفشال الإنجازات العسكرية ورغبة سياسية في إفشال الصفقة.
تزامناً، واصل الجيش الإسرائيلي عملية برية جديدة في مناطق شرق خانيونس وسط اشتباكات مع المقاومة الفلسطينية، وغارات جوية تستهدف المدنيين والنازحين. بينما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية، بسقوط 84 شهيداً و329 مصاباً خلال يوم واحد. في وقت أشار المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إلى أن 150 ألف شخص في خانيونس نزحوا خلال يوم واحد فقط، ولفت إلى أن كل "أوامر الإخلاء الإسرائيلية تقلب حياة الناس رأساً على عقب".
من جانبها، حذرت منظمة الصحة العالمية من تفشٍّ لفيروس شلل الأطفال في غزة، فيما بدأت إسرائيل بالفعل تطعيم قواتها ضد المرض. وأفاد أياديل ساباربيكوف، ممثل منظمة الصحة العالمية في القدس، بأنه "قلق لأقصى حد إزاء حدوث تفشٍّ في غزة"، بعد اكتشاف فيروس شلل الأطفال في عينات من مياه الصرف الصحي بالمنطقة التي يمزقها الصراع.
على مستوى التطورات في الضفة الغربية المحتلة، أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني إصابة 3 فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في مخيم قلنديا، كما أفاد بإصابة فلسطينيين اثنين جراء الاعتداء عليهما من المستوطنين في بلدة حوارة بالضفة. في وقت أشارت وسائل إعلام فلسطينية إلى أن القوات الإسرائيلية أقدمت على إقتحام قرية الرشايدة شرق بيت لحم وداهمت عدداً من المنازل.
وسط هذه الأجواء، يتواصل التصعيد العسكري على جبهة جنوب لبنان بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي. وفي مؤشر على السيناريوهات المحتملة في المرحلة المقبلة، ألغى وزير التربية الاسرائيلي يوآف كيش الغاء العام الدراسي في الشمال، معتبراً أن لا مفر من قرار شن حرب واسعة النطاق على لبنان من أجل استعادة السلام والاستقرار لسكان الشمال ومن أجل مستقبل إسرائيل.
من ناحية أخرى، رحبت فصائل فلسطينية، في بيانات وتصريحات منفصلة، بإعلان بكين الصادر عن لقاءات الحوار الوطني الفلسطيني، والذي حمل عنوان "إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية"، مطالبة بسرعة تنفيذ ما تم التوافق عليه من انعقاد الإطار القيادي المؤقت وتشكيل حكومة التوافق الوطني. بينما انتقدت إسرائيل حركة "فتح" لتوقيعها اتفاقاً مع حركة "حماس" عن مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة. حيث أشار وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى أنه "بدلاً من رفض الإرهاب، يحتضن محمود عباس القتلة من (حماس) ويكشف عن وجهه الحقيقي".
إقليمياً، أعلنت القيادة الوسطى الأميركية أنها دمرت، خلال 24 ساعة الماضية، 3 منصات للصواريخ بمناطق يسيطر عليها الحوثيون باليمن، موضحة أن منصات إطلاق الصواريخ مثلت تهديداً وشيكاً للقوات الأميركية وللتحالف والسفن التجارية.
في هذا الإطار، لفتت صحيفة "الشرق الأوسط" إلى أن نقاط الخلاف العلني في مسار مفاوضات "هدنة غزة، تتراجع مع "تحركات جديدة"، تتمثل في مناقشات إسرائيلية للانسحاب من كامل القطاع بأول مراحل تنفيذ مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن، لوقف إطلاق النار، ونقلت عن خبراء أن تلك التحركات تعزز جهود الوسطاء نحو إبرام الصفقة التي خفت بريقها الأيام الماضية مع رفض إسرائيلي لمناقشة بندي الانسحاب من القطاع ووجود "حماس" في الحكم بعد الحرب، مؤكدين أن الحضور الصيني في الأزمة يعطي زخماً لإنجاز اتفاق.
بدورها، أوضحت صحيفة "الجريدة" الكويتية أن المنطقة تعيش على إيقاع رئيس الوزراء الإسرائيلي ونتائج زيارته لواشنطن، إذ أصبح من الواضح أنه يسعى للحصول على دعم أميركي كامل من الديموقراطيين والجمهوريين لمواصلة الحرب وتحقيق أهدافها، بينما هناك مصادر دبلوماسية تشير إلى أن الضغوط ستمارس عليه لإقناعه بالموافقة على الصفقة المقترحة لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن مقابل الحصول على هذا الدعم، وبعدها يمكنه الانتقال إلى المرحلة الثالثة من الحرب.
وأشارت صحيفة "اللواء" اللبنانية إلى أن نتنياهو سيبذل جهوده الحثيثة لنقل اهتمامات الادارة الأميركية والكونغرس من الحرب على غزة، الى مستوى التهديد الاقليمي الذي تمثله ايران واذرعتها العسكرية، وسيؤكد بأن المخاطر الفعلية ضد دولة اسرائيل تتمثل بالاهداف والطموحات الايرانية للسيطرة على المنطقة، وستكون الزيارة مناسبة لحث واشنطن على دعم اسرائيل في مواجهة "حزب الله"، اذا ما قررت تل ابيب توجيه معركتها الفعلية من غزة الى جنوب لبنان.
بينما رأت صحيفة "الدستور" الأردنية أن الحرب الدموية والإجرام الوحشي الرهيب الذي تشنه حكومة اليمين العنصرية هي حرب انتقام، يستهدف بها الوجود الفلسطيني ومكونات الحياة بشكل عام، الأمر الذي يستدعي تحركا أكثر فاعلية وجدية من المجتمع الدولي ومؤسساته لعزل الكيان العنصري وإنقاذ ما تبقى من حرب الإبادة والتطهير العرقي.
وأشارت صحيفة "الشروق" الجزائرية إلى أن المقاومة في فلسطين، وإن بلغت التضحيات لديها أقصى الحدود، هي الآن على وشك تحقيق نصر غير مسبوق وتاريخي على عدوِّها بأن يعود خائبا من زيارته لواشنطن، ويضطر إلى القَبول بشروطها لوقف الحرب والانسحاب وبداية مرحلة التفاوض لإقامة الدولة الفلسطينية بعاصمتها القدس الشريف، وبذلك تكون معركة "طوفان الأقصى" قد حقَّقت أهدافها وتضحيات الشهداء والمجاهدين لم تذهب سُدى.
من جانبها، اعتبرت صحيفة "الخليج" الإماراتية أن طوفان الأقصى غيّر الكثير من المعادلات التي رافقت الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ونسف نظرية الأمن الإسرائيلية، وغيّر إجبارياً قواعد الحرب التي وضعها بن غوريون في وثيقة من 18 نقطة عام 1953 والتي تعتمد على قوة الردع والمبادرة ونقل الحرب إلى أرض العدو استناداً إلى الإدراك بأن إسرائيل غير مستعدة لحروب طويلة. ويجب على إسرائيل ألا تكون الخاسرة، لأن الخسارة تؤدي إلى تدميرها.
لفتت صحيفة "عكاظ" السعودية إلى أن العوامل الداخلية والخارجية في عدد من الدول العربية أنتجت تربة خصبة لظهور تنظيمات ما قبل الدولة، والتي أصبحت مرتبطة بأجندات خارجية وأصبحت هذه التنظيمات خطراً على المنطقة والعالم وأداة في صراعات المنطقة، ومنها الصراع بين إيران وإسرائيل، وبالتالي انتقلنا إلى شكل جديد من أشكال الحروب القائمة ما بين إسرائيل وتلك التنظيمات.
(رصد "عروبة 22")