واصلت الصحف العربية الصادرة اليوم مواكبة مستجدات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، على وقع حالة من الترقب لإمكانية عقد جولة جديدة من التفاوض يقودها الوسطاء، الأسبوع المقبل، بعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الولايات المتحدة. في وقت أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته تمكنت من استعادة جثث خمسة محتجزين إسرائيليين من قطاع غزة، خلال العملية التي يشنها على منطقة خانيونس. بينما نقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مصادر أن نتنياهو أبلغ عائلات المحتجزين، أن إسرائيل ستقدم لحركة "حماس" مقترحاً محدثاً لوقف إطلاق النار خلال يومين.
في هذا السياق، رأى خبراء، عبر صحيفة "الشرق الأوسط" الجولة المرتقبة للوسطاء "حاسمة"، في ضوء تطورات لقاءات نتنياهو في واشنطن، وتسريبات أميركية عن دخول الاتفاق "مراحله الختامية"، وسط تباين بينهم بشأن "إمكانية سد كل الثغرات في ظل العراقيل الإسرائيلية المحتملة، وتفاؤل حذر بإمكانية الذهاب لهدنة". بينما نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول غربي ومصدر فلسطيني ومصدرين مصريين أن الجانب الإسرائيلي يحاول إدخال تعديلات على خطة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى، مما يعقد التوصل لاتفاق ينهي الحرب المتواصلة منذ تسعة أشهر على القطاع.
من جانبه، أعلن البيت الأبيض، في بيان، أن الرئيس الأميركي جو بايدن عبّر، في اجتماعه مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، عن الحاجة لسد الثغرات المتبقية وإبرام اتفاق بشأن غزة في "أسرع وقت ممكن"، مضيفاً أن بايدن أكد أيضاً على الحاجة لإزالة أي عقبات تعترض تدفق المساعدات لقطاع غزة. بينما أكدت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، خلال لقاء جمعها مع نتنياهو، "التزامها الراسخ تجاه إسرائيل وأمنها"، لكنها لفتت إلى أنها لن تصمت عن معاناة الفلسطينيين في غزة، معربةً عن اعتقادها بأنه "حان الوقت لإبرام اتفاق بشأن الحرب في قطاع غزة". في حين أشار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى أن "إسرائيل بحاجة لإنهاء الحرب واستعادة الأسرى بسرعة"، وذلك في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز".
بدورها، شنت عائلات الأسرى الإسرائيليين، هجوماً على رئيس الوزراء وطلبت عقد اجتماع عاجل مع فريق التفاوض المعني بصفقة التبادل، بعد تأجيل مغادرته إلى الدوحة، موضحة أنه "منذ أسبوعين، يمتنع رئيس الوزراء عن إرسال إشارة إلى الوسطاء بشأن تنفيذ الصفقة". في وقت حثّ جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إسرائيل، على إبطال قرارها تجريم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، واصفاً القرار بأنه "هراء".
على مستوى التطورات في الضفة الغربية، واصلت القوات الإسرائيلية اقتحام مدن وبلدات فلسطينية عدة فجر اليوم، شملت جنين ونابلس وقلقيلية وبلدة الرام ومخيم شعفاط شمالي مدينة القدس المحتلة بحثاً عمن تصفهم بالمطلوبين لها. بينما كان الجيش الإسرائيلي قد أعلن أن 3 من جنوده أصيبوا في عملية إطلاق النار في النبي إلياس شرق قلقيلية.
بالنسبة إلى الأوضاع على جبهة جنوب لبنان، لا يزال التصعيد متواصلاً بين الجيش الإسرائيلي و"حزب الله"، على ضوء الكثير من الأسئلة حول إمكانية أن تبادر تل أبيب إلى شن عدوان شامل بعد عودة نتنياهو من الولايات المتحدة. في حين أكد قائد سلاح الجو في الجيش الإسرائيلي الجنرال تومر بار أنه "إذا اندلعت حرب في الشمال ومع إيران يمكننا التعامل معها، وقادرون على توجيه ضربة ساحقة للعدو ولدينا مفاجآت". بينما نقلت "القناة 12" الاسرائيلية عن ضابط مخابرات في احتياط حرس الحدود قوله: "على حدّ علمي، نتنياهو اكتسب الشرعية الكاملة في الولايات المتحدة للحرب في لبنان. ويوم هبوطه في إسرائيل سيذهب إلى مقرّ قيادة عمليات الجيش ومن هناك سيبدأ الحرب على لبنان".
إقليمياً، نقلت "رويترز" عن مصدرين أمنيين عراقيين، أن أربعة صواريخ كاتيوشا أُطلقت في وقت متأخر من يوم الخميس على قاعدة عين الأسد الجوية في العراق، التي تتمركز فيها قوات تابعة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وذكر المصدران أن صاروخين سقطا داخل القاعدة بينما سقط الآخران في محيطها. في وقت شنت المقاتلات الأميركية البريطانية، مساء الخميس، غارات على مواقع لجماعة الحوثي، في محافظة الحديدة الساحلية، والتي حولتها إلى قاعدة لتنفيذ الهجمات على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
في هذا الإطار، رأت صحيفة "الرياض" السعودية أن خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي جاء صادماً لكل من كان يعتقد إمكانية الوصول إلى إيقاف نزيف الدم الحاصل، ما يعني أن نتنياهو وحكومته ماضيان في تنفيذ خطتهما رغم وجود معارضة داخل إسرائيل لها، كونها لم تحقق الأهداف التي وضعت من أجلها بعد مضي ما يقارب العشرة أشهر على اندلاعها، خاصة أن الأسرى الإسرائيليين لم يتم تحريرهم بالكامل، وأيضاً وجود خطر حادق بتوسع رقعة الحرب على الجبهة اللبنانية.
بينما أشارت صحيفة "الأهرام" المصرية إلى أنه كما كان متوقعاً بالضبط، راح نتنياهو يواصل أكاذيبه وادعاءاته الباطلة، وكما كان متوقعاً أيضاً لم ينجح في خداع العالم، ولا في مخادعة كثير من أعضاء الكونغرس أنفسهم سواء من الديمقراطيين أو الجمهوريين، معتبرة أن الأكذوبة الكبرى التي رددها أن حربه ضد الفلسطينيين هدفها محاربة الإرهاب، لكنه لم يشرح للعالم كيف يمكن لقتل عشرات الآلاف من أطفال غزة الأبرياء أن يقاوم الإرهاب.
ولفتت صحيفة "الخليج" الإماراتية إلى أن ما تجاهله نتنياهو عن قصد في خطابه هو حل الدولتين، لأنه يرى في قيام دولة فلسطينية مستقلة خطراً على وجود إسرائيل، وبالتالي ليست في قاموسه أو قاموس حكومته، مشيرة إلى أن دعوته الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تشكيل تحالف أمني لمواجهة "محور الإرهاب"، الذي تقوده إيران والذي يهدد إسرائيل والعالم العربي، دعوة ملغومة تدل على سعيه لقيام تحالفات تهدد أمن المنطقة واستقرارها بما يخدم مخططات تفتيتها وتقسيمها، ومحاولة تصوير إسرائيل بأنها ضد الإرهاب ولا تمارسه.
من جانبها، نقلت صحيفة "الأنباء" الكويتية، عن مصدر دبلوماسي في بيروت، أن كلام نتنياهو جاء ليؤكد المؤكد، وهو أن المنطقة ذاهبة إلى تسوية شاملة وطويلة الأمد، إنما على وقع التصعيد والمعارك المتنقلة على غير جبهة، مع احتمال يكبر يوما بعد آخر، وهو اندلاع حرب واسعة ساحتها من غزة إلى طهران، يبدأ بعدها التفاوض على الوضع الجديد والتسوية الفضلى في الشرق الأوسط.
واعتبرت صحيفة "اللواء" اللبنانية أن "مسرحية" نتنياهو لم تنطلِ على الرأي العام الإسرائيلي، وأهالي الرهائن، لأن زيارته إلى واشنطن لم تهدف إلى وقف الحرب والسعي لإطلاق الرهائن، بقدر ما كان يسعى لتجييش الوسط السياسي في العاصمة الأميركية، لمواجهة ضغوط بايدن وإدارته الديموقراطية، التي تطالب بوقف الحرب فوراً، وإفساح المجال لعودة الرهائن إلى عائلاتهم.
(رصد "عروبة 22")