تُبذل جهود مكثّفة لربط التدريب المهني باحتياجات سوق العمل داخليًا وخارجيًا، وهنا تكمن أهمية تضافر الجهود، وتكثيف التعاون بين شركاء العمل والتنمية، من أجل تنفيذ خطط وبرامج بربط التعليم، والتدريب المهني بإحتياجات سوق العمل في الداخل والخارج، بالتعاون مع القطاع الخاص، لتطوير منظومة التدريب المهني، وتأهيل متدربين بمهارات عالمية على احتياجات السوق.
يواجه سوق العمل العديد من التحديات، تزامنًا مع ما يشهده العالم من تطورات متلاحقة صناعيًا وتكنولوجيًا، والتي أثرت على فرص العمل، سواءً إيجابًا باستحداث بعضها أو سلبًا باندثار البعض الآخر، ولعل ما يحدث اليوم هو هذه المسألة على وجه التحديد ومحاولة الإجابة على تساؤل هام للغاية وهو كيف يمكن لسوق العمل أن يستفيد من الموارد البشرية ويستثمر فيها أو يحفظها من الهدر والضياع في ظل تلك التحديات.
التدريب المهني يشكّل ضمانات رئيسية للإستدامة الاجتماعية والقدرة على الصمود في مواجهة التحديات
ويرتبط توافر فرص العمل ارتباطًا وثيقًا بعدة عوامل منها، مستويات التعلّم والمعرفة والخبرة المكتسبة وقدرة الفرد على النجاح في التعليم المستمر، وتلقي التدريب المهني الجيد والمتطور المستجيب لاحتياجات ومتطلبات سوق العمل المتطور، إذ تساهم جميعها في تكوين فائض لتلبية الطلب من العمالة الماهرة لسوق العمل، وتساعد في النهوض بالقطاعات المختلفة، ومواجهة المشكلات المتعلقة بالبطالة وتقليل حدّة الفقر ومواجهة التكاليف المتعلقة بالتعليم، فالتعليم والتعليم الفني والتدريب المهني يشكّل ضمانات رئيسية للإستدامة الاجتماعية والقدرة على الصمود في مواجهة التحديات التي تعصف بالمجتمعات.
وتتصف العلاقة بين التعليم المهني ومتطلبات السوق، بعدم التوازن بين مناهج التعليم والتدريب واحتياجات التنمية وسوق العمل، فضلًا عن ضعف التخطيط والإدارة في إعداد قوة عمل مؤهلة للتفاعل مع التغيّرات المتسارعة وانعكاساتها على طبيعة احتياجات سوق العمل، وعليه سائر خريجي التعليم المهني الذين يواجهون مشكلة البطالة، ويبحثون عن فرص عمل بعيدة عن اختصاصاتهم.
كما يُعدُّ قطاع التعليم والتدريب المهني، الوسيلة التي تمكِّن المشاركين من اكتساب المهارات العملية والإدارية وفهمها، وتمكِّنهم من العمل في مهنة، أو مجموعة من المهن المحدَّدة، إذ تُوفَّر هذه المهارات العملية في مجموعة واسعة من الإعدادات عن طريق مقدّمي الخدمات التعليمية والتدريبية المختلفة في كلا القطاعين العام والخاص، ويزوِّد التعليم المهني المشاركين بالمهارات المهنية التي لا غنى عنها للمشاركة الفعَّالة في العمل والحياة، كالوعي الذاتي والثقة بالنفس، وتعزيز العلاقات الشخصية، والمواطنة، ومهارات الاتصال والتواصل، والريادة، بحيث أصبح التعليم المهني يؤدِّي دورًا مهمًا ومحوريًا في تسيير دفة الحياة الاقتصادية والاجتماعية.
يجب أن يكون التخطيط منسجمًا مع البيئة وأن يرتبط ارتباطًا مباشرًا بسوق العمل واحتياجاته
يجب أن يستمر التطوير والتحديث في الوسائل والأساليب ومواكبة التطورات، وأن يكون ذا مردودٍ اقتصادي عالٍ، ويحاول المزج في مواقع العمل والتدريب، وأن يكون التخطيط منسجمًا مع البيئة ويوفر السلامة والأمن للعاملين والتجهيزات، وأن يرتبط ارتباطًا مباشرًا بسوق العمل واحتياجاته، وأن يقدِّم خدمات عملية لقاء أجور تدفع من قبل الجهات المستفيدة سواءً أكانوا أفرادًا، أم شركات، أم مؤسسات.
في الختام، تتعدد مجالات وتخصصات التعليم المهني التي تقدّمها مختلف المؤسسات التعليمية المتخصصة، ونسلط الضوء على بعض المجالات الحيوية التي يمكن التخصص فيها، منها صناعة السيارات، من المركبات المستقلة إلى مصادر الوقود البديلة، إذ يمر قطاع السيارات بتطورات سريعة مع العديد من الإضافات التكنولوجية التي تتطور باستمرار، ولهذا هناك العديد من الدورات العملية والمرتبطة بصناعة السيارات مثل: أداء السيارات وصناعات السيارات الثقيلة والسيارات الخفيفة، ويمكن للمهتمين بمجالات التعليم المهني، الالتحاق بإحدى الدورات التعليمية التي ستؤهلهم للالتحاق بسوق العمل في قطاع صناعة السيارات، كما تتعدد المهن المرتبطة بمجال البناء والتشييد، بل وتتداخل فيها العديد من المجالات والصناعات الأخرى مثل: التصميم، الهندسة، النجارة، الكهرباء، دون إغفال حقيقة أنها واحدة من أكثر المجالات المتاحة والمتوفرة في إطار فرص العمل على مستوى العالم.
(خاص "عروبة 22")