الإختراق الإسرائيلي التكنولوجي السيبراني لشبكة إتصالات "حزب الله"، قد يشكل خروجاً على قواعد الإشتباك المستمرة منذ ٨ تشرين الأول الماضي، ولكنه لن يستطيع تغيير مسار المواجهة المشتعلة على الحدود، والتي من المرجح أن تشهد تصعيداً عسكرياً من الجانب الإسرائيلي، خاصة بعدما تبين أن الضربة الموجعة التي تلقاها الحزب يومي الثلاثاء والأربعاء، لم تؤثر في مستوى جهوزية الحزب على الجبهة.
الواقع الميداني بعد الهجمة السيبرانية لن يكون كما كان قبلها، سيّما وأن محاولات نتنياهو في إستغلال نجاح الإختراق غير المسبوق لشبكة الإتصالات، سرعان ما تلاشت أمام التحذيرات الداخلية الصادرة من قيادات أمنية سابقة، بأن العملية لن تُغيّر من الواقع المتردي في مستوطنات الشمال شيئاً، كما أنها لن تساعد على تسريع عودة المهجرين من الجليل إلى بيوتهم، كما يدّعى رئيس الحكومة في مناوراته الخادعة، بل ستؤدي إلى توريط الجيش الإسرائيلي المنهك أصلاً، في مواجهات أشد شراسة مع حزب الله.
وبخلاف كل التوقعات، فإن العملية الإسرائيلية أجّجت الخلافات السياسية، والإنقسامات الحاصلة منذ عملية طوفان الأقصى وإندلاع الحرب في غزة، حيث أظهرت إستطلاعات إعلامية معارضة شعبية لمغامرات نتنياهو الأمنية والعسكرية، التي تؤدي إلى إفشال مفاوضات إطلاق الرهائن، وتطويل فترة الحرب، فضلاً عن المخاطر المحدقة في الجبهة الشمالية، التي يسعى رئيس الليكود إلى تحويلها إلى حرب شاملة، ضارباً بعرض الحائط بكل الجهود الأميركية لتجنيب المنطقة تداعيات حرب إقليمية، لن تبقى الدولة العبرية بعيدة عن مضاعفاتها المدمرة، وفق الكلام المتداول في الإعلام الإسرائيلي.
تكثيف الغارات العدوانية الإسرائيلية على القرى الجنوبية مساء أمس، هو رد إنفعالي هستيري على ما ورد في خطاب أمين عام حزب الله من تأكيد على عدم عودة المهجرين إلى المستوطنات قبل وقف النار في غزة، والإستعداد لمواجهة إحتمالات عملية برية إسرائيلية لفرض شريط حدودي جديد، بحجة تأمين عودة سالمة لمستوطني الشمال إلى بيوتهم. وذلك بعدما تبين أن هروب نتنياهو من محرقة غزة إلى جبهة الشمال، واستغلاله الفاضح للعملية السيبرانية، لم ينفع في تحسين صورته أمام الداخل الإسرائيلي، ولا في تخفيف حدة خلافاته مع واشنطن.
نتنياهو في مأزق.. ويحاول أن يجعل من مغامرته في لبنان باب الخروج من وحول الحرب الفاشلة في غزة، ولو لجأ إلى أكثر السيناريوهات سوءاً.
(اللواء اللبنانية)