صحافة

"المشهد اليوم"..إسرائيل تدكّ الضاحية وإيران متمسّكة بـ"وحدة الساحات"!الغموضٌ يلف مصير صفي الدين ودول العالم بين إرسال المساعدات وإجلاء الرعايا من لبنان

تناولت الصحف العربية الصادرة اليوم المشهد السياسي العام مع دخول الحرب على غزّة عامها الأول من دون أن يلوح في الأفق أي حلول سياسية تضع حداً لمعاناة الفلسطينيين المستمرة من قتل وتشرد وتدمير ممنهج. فيما يخوض لبنان معركته بعد ربط ساحته بغزة ومصيره بمصيرها، وفق تصريحات ايرانية نقلها وزير خارجيتها الذي أعاد التشديد على تمسك طهران بـ"وحدة الساحات".

وبينما تشتدّ وتيرة الغارات الاسرائيليّة على لبنان ولاسيما على الضاحية الجنوبية لبيروت التي شهدت ليلة عنيفة جداً بلغت نحو 30 غارة، يحاول لبنان إحياء أي فرصة لوقف إطلاق النار والحدّ من الخسائر البشرية مع تزايد أعداد النازحين وخروج 10 مستشفيات عن الخدمة في الجنوب وبعلبك والضاحية ما يضع القطاع الصحي أمام أزمة حقيقية بعدما دق وزير الصحة والمعنيين ناقوس الخطر كما مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي الذي أكد أن لبنان يواجه "أزمة مروّعة".

واذ لا يفرق الاحتلال الاسرائيليّ في عملياته الوحشيّة، سقط أكثر من 100 مُسعف وإطفائي خلال عمليات انقاذ وإجلاء في مناطق متفرقة من لبنان. وكانت وزارة الصحة اللبنانية أشارت الى ارتفاع أعداد الضحايا منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 2036 قتيلاً و9653 جريحاً. في وقت، ناهز عدد النازحين، وفق تقديرات رسمية، مليون و200 ألف نازح ضاقت بهم مراكز الايواء التي بلغ عددها الـ900 وسط تخبط حكومي في احتواء هذه الازمة ذات الابعاد الاجتماعية الكارثية بظل تحذيرات من إنتشار الاوبئة والأمراض.

وفيما بادرت عدة دول حتى اليوم بتقديم مساعدات انسانية عاجلة الى لبنان وأبرزها من مصر والامارات وتركيا وغيرها من الدول تلبية لنداء الاستجابة الذي أطلقته الحكومة اللبنانية. تستمر الدول في اجلاء رعاياها عبر مطار رفيق الحريري الدولي الذي لا يزال يعمل رغم كل المخاطر المحدقة. وتجري اتصالات دولية لحماية المطار والمعابر ومنع إسرائيل من فرض حصار مطبق على البلاد إسوة بما يحصل في قطاع غزّة.

بالتوازن، أعلن "حزب الله" استهداف شركة "أتا" للصناعات العسكرية قرب سخنين شمالي إسرائيل برشقة صاروخية، الى جانب مواقع وتجمعات للجنود كما أوضح أن مقاتليه تصدوا لعدة محاولات تسلل أهمها في بلدة بليدا - مرجعيون وفي محيط العديسة حيث تدور معارك طاحنة منذ أيام هناك. وكانت القناة الـ12 الإسرائيليّة أشارت الى "رصد إطلاق أكثر من 135 صاروخاً من جنوب لبنان تجاه مواقع مختلفة في شمال إسرائيل" منذ صباح يوم أمس، السبت.

الى ذلك، تُكثر التحليلات والتكهنات حول مصير رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" هاشم صفي الدين وسط معلومات متضاربة عن مقتله وآخرين في الضربة التي وجهتها اسرائيل مساء الخميس الماضي، في حين نفى الحزب في بيان صادر عنه ما أسماه "الشائعات الإعلامية" التي تندرج في إطار "الحرب النفسية"، مؤكداً أن مواقفه يعلنها عبر بيانات رسمية فقط. يُشار الى أن الضربات الإسرائيلية المكثفة حالت دون تمكن الطواقم الاسعافية من تفقد موقع استهداف صفي الدين الذي فُقد الاتصال به ليلة الغارة.

وكانت "الجريدة" الكويتية نقلت عن مصدر في "فيلق القدس" أن قائد الفيلق اللواء الركن إسماعيل قآني أصيب بجروح في الغارة التي اغتالت صفي الدين وأنه نُقل إلى طهران حيث خضع لعدة عمليات جراحية، فيما نفى التلفزيون الايراني صحة هذه المعلومات.

وغداة استهداف صفي الدين، بدأ يتردد إسم رئيس المجلس السياسي ابراهيم أمين السيد بكثرة في الساعات الماضية ليكون الأوفر حظاً لتولي منصب الأمين العام لـ"حزب الله" خلفاً لنصرالله رغم الغموض والتكتم الشديد من قبل الحزب الذي يعيد تنظيم هيكليته بعد الاستهدافات العسكرية التي قضت على أبرز قياديه وعناصره.

في غضون ذلك، تستكمل إسرائيل في رصد القياديين الفلسطينيّين واغتيالهم، حيث نعت "كتائب القسام" اثنين من قيادييها اللذين قتلا بقصف إسرائيلي وهما القائد الميداني سعيد عطا الله علي الذي قضى مع زوجته وابنتيه في مخيم البداوي بمحافظة طرابلس شمالي لبنان (والتي تم استهدافها للمرة الاولى منذ بدء الحرب) ومحمد حسين اللويس ببلدة الفيضة في سعدنايل بالبقاع شرقي لبنان.

أما على الصعيد السياسي، فقد حط وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي في دمشق، بعد لبنان، حيث توعّد اسرائيل بـ"رد قوي" في حال مهاجمتها طهران، قائلاً "لكل عمل رد فعل متناسباً ومماثلاً من إيران وربما أقوى". وأردف أن "القضية الأكثر أهمية اليوم هي وقف إطلاق النار خصوصاً في لبنان  وغزّة"، على حدّ  تعبيره.

بدوره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن حكومته ستواجه "كل التهديدات الإيرانية"، مجدداً تأكيده على المضي قدماً "في تغيير موازين القوى في الجبهة الشمالية". وفي تصريح نقلته عنه صحيفة "هآرتس" الاسرائيليّة، هاجم نتنياهو الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، بعد دعوته إلى وقف إرسال الأسلحة لإسرائيل وارساء الحل السياسي، قائلاً: "عار ٌعليك! وإسرائيل ستنتصر بدعمك أو من دونه".

وفي الصحف العربية اليوم:

تحت عنوان "وحدة الساحات والنهاية الحتمية"، كتبت صحيفة "عكاظ" السعودية أن "حزب الله" الذي هيمن وسيطر على لبنان وعطّل مؤسسات البلد الرسمية يدفع الثمن الآن، وقد يكون مستقبله غامضاً"، متسائلة "هل يمكن أن يتخلص لبنان الدولة وتعود قوة جيشه بعد هذه الأحداث الكبيرة ونشهد فك ارتباط هذه المكونات والأحزاب ذات الأيديولوجيات العابرة للحدود..؟".

وأشارت صحيفة "الخليج" الاماراتية إلى أنه بالتوازن مع الجهد الإغاثي الذي تقوم به الإمارات في لبنان "انبرت الدبلوماسية الإماراتية لقيادة تحرك عربي لدى الأمم المتحدة هدفه تكثيف الجهود الدولية لوقف إطلاق النار، ومجابهة الأزمة الإنسانية المستجدة وما أفرزته من تداعيات خطرة مثل نزوح المدنيين داخلياً وزيادة تدفق اللاجئين".

بدورها، تساءلت أوساط مطلعة عبر صحيفة "الأنباء" الكويتية حول من "من يتحمل مسؤولية جرّ لبنان إلى المصير الذي بلغته؟ من يتحمل مسؤولية هذا الدمار الجماعي أمام الشعب والتاريخ؟.". وقالت:"المطلوب اليوم هو فتح فوري لأبواب المجلس النيابي لانتخاب رئيس للبلاد يبادر فور وصوله إلى طلب وقف العمليات العسكرية درءاً للدماء، لأن ما يتعرض له لبنان اليوم هو عدوان لا سابقة له".

وتناولت صحيفة "الوطن" القطرية مرور عام على حرب غزّة، مؤكدة أن "موقف المجتمع الدولي لم يرق حتى اللحظة إلى فداحة ما يحدث.. وهذا العجز عن مواجهة شجع الكيان الإسرائيلي على نقل الحرب إلى الضفة الغربية، ثم إلى لبنان، الأمر الذي يمكن أن تسفر عنه تداعيات في غاية الخطورة، كان يمكن تلافيها منذ زمن بعيد، عبر الدفع باتجاه الدولة الفلسطينية المرجوة".

أما صحيفة "الغد" الأردنية، فقد رأت أنه في حال "انتصار الكيان الصهيوني الوحشي في هذا الصراع الإقليمي الجاري ستكون هناك عواقب وخيمة على العالم العربي". وتابعت: "إنه ليس مجرد اشتباك عسكري أو سياسي، وإنما مواجهة أساسية بين رؤيتين متضادتين لمستقبل الشرق الأوسط".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن