صحافة

عام على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل؟

وفاء صندي

المشاركة
عام على حرب غزة.. ماذا حققت إسرائيل؟

مع دخول حرب غزة عامها الثاني، لايزال جيش الاحتلال يواصل هجماته الجوية والبرية العنيفة في مناطق مختلفة من القطاع، وإبادته شعباً بأكمله مما أودى بحياة نحو 42 ألف قتيل وجرح قرابة 97 ألفا آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة الى نزوح وتشريد أزيد من مليوني شخص.

عملت إسرائيل خلال عام كامل على تدمير البنى التحتية للقطاع بشكل ممنهج، بما في ذلك الطرقات والمنشآت والمستشفيات، شبكة الكهرباء ومرافق المياه والصرف الصحي، المصانع والمزارع والاسواق. وفق تقارير حكومية، دمر الجيش الاسرائيلي 3 كنائس، و611 مسجدا بشكل كلي و214 بشكل جزئي، و206 مواقع أثرية وتراثية، و36 منشأة وملعبا وصالة رياضية. ودمر 125 مدرسة وجامعة بشكل كامل، و337 بشكل جزئي، فضلا عن تدمير كامل لنحو 201 مقر حكومي.

فيما يتعلق بتكاليف الحرب على إسرائيل، فقد أدت الحرب الى مقتل أزيد من 720 جنديا، وبلغت فاتورتها الاقتصادية 66 مليار دولار، وهو ما يعادل نسبة 12% من الناتج المحلي لإسرائيل. وقد بلغ الإنفاق الحربي خلال العام الماضي 25.9 مليار دولار وعجز الميزانية 8.3%، مما أدى إلى زيادة الاعتماد على القروض لتمويل هذا العجز، وقد بلغت قروض إسرائيل خلال العام الماضي قرابة 53 مليار دولار. كما تراجعت قيمة العملة الإسرائيلية، مما أثر على رصيد إسرائيل من احتياطيات النقد الأجنبي، وانخفضت البورصة بسبب هروب الكثير من المستثمرين الأجانب.

بالإضافة الى التكلفة البشرية والاقتصادية، أشعلت حرب غزة فتيل الصراع في مناطق أخرى في المنطقة، ووصلت تداعياتها الى جميع أنحاء الشرق الأوسط، وقد تصل تداعياتها للعالم اجمع خلال الفترة القادمة، خاصة مع فتح إسرائيل جبهة لبنان وتبادل الضربات بينها وبين "حزب الله" من جهة، وايران من جهة أخرى، واذرع ايران في المنطقة من جهة ثالثة. مما سيدفع إسرائيل الى توسعة حربها لتشمل جبهات متعددة في سوريا والعراق واليمن.

عندما بدأت إسرائيل حربها ضد حماس غداة هجوم 7 أكتوبر، حددت أهدافا رئيسية لهذه الحرب ضمنها القضاء على "حماس" واسترجاع الرهائن. بعد عام من الحرب، الحركة مازالت قائمة، وما زالت تشن هجمات نوعية على القوات الإسرائيلية. أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي، أن 60% من مقاتلي "حماس"، لقوا مصرعهم أو جرحوا، وهو ما يعني أن إسرائيل لم تقترب بعد من تحقيق هذا الهدف. اما الرهائن فلا يزالون محتجزين لدى "حماس" ولم تنجح كل المساعي للوصول الى صفقة تنهي الحرب وتعيد الرهائن الى عائلاتهم، في وقت تشتدّ فيه الانقسامات بشكل كبير داخل اسرائيل.

بعد فشلها في تحقيق هذه الأهداف وحسم الحرب على أرض المعركة، ولحفظ ماء وجهها امام العالم، لجأت حكومة نيتانياهو إلى سلسلة من الاغتيالات، معتقدة ان من شأن ذلك إضعاف "حماس" و"حزب الله" أو إرباكهما. اغتيال إسماعيل هنية وبعض قيادات "حماس"، واغتيال امين عام "حزب الله" وقيادات الحزب في عمليات ضخمة وممنهجة لا يعني حسم المعركة لمصلحة إسرائيل ولا يعني بالتأكيد نهاية "المقاومة". ففي وقت كانت تعتزم إعلان انتصارها واجهت ضربات صاروخية من إيران غير مسبوقة، وواجهت مسيرات من المقاومة الإسلامية العراقية، ومقاومة داخلية من "حزب الله" منعت أي توغل بري للقوات الإسرائيلية في جنوب لبنان، مما أربك حسابات إسرائيل وأعادها لمربع الصفر.

بعد عام من الحرب، يبدو الواقع الوحيد هو أن غزة تدمرت بشكل كامل، ولبنان تواجه نفس المصير في ظل صمت وعجز العالم عن إيقاف وحشية القوات الإسرائيلية. فهجوم 7 أكتوبر وما تلاه، وان كشف اكذوبة الجيش الذي لا يقهر، وإن أبرز قوة "حماس"، الا أنه فى المقابل دمر غزة بالكامل وشرد شعبها بعدما أيقظ مخاوف إسرائيل الوجودية وجشعها في التوسع، ودفعها لاتخاذ قرار بالقضاء التام على قدرات "حماس" في غزة، ولاحقاً قدرات "حزب الله" في لبنان، وشن حرب إبادة لا تزال متواصلة.

إسرائيل لم تعد مكترثة بالسلام والتطبيع، ولم يعد اتفاق إبراهام يشكل أولوية استراتيجية قومية مهمة بالنسبة لها بعد ان اتخذت من قانون الغاب وسيلة لتحقيق اهدافها وتغيير الواقع لمصلحتها بحجة"الدفاع عن نفسها". هي تقول إنها تستطيع ضرب أعدائها أينما كانوا، وهي لا تزال تبحث عن جرّ ايران والولايات المتحدة الأمريكية إليها، وتصبح الحرب الكبرى التي رسم رئيس حكومتها معالمها منذ سنة. فهل ستتحقق هذه النبوءات؟ كل السيناريوهات واردة والحرب لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات.

(الأهرام المصرية)

يتم التصفح الآن