تدور ماكينة التعمير والبناء في سيناء دون توقف، شبكة هائلة للطرق الحديثة، مشروعات خدمية وزراعية وصناعية، بناء وتشييد تجمعات وقرى ومدن، يشارك فيها أبناء سيناء من شيوخ قبائلها إلى شبابها، أياديهم بأيادي مؤسسات الدولة، تخوض معركة من نوع جديد نحو مستقبل واعد وآمن، فالأراضى التي روتها دماء الشهداء من جنودنا وأبناء سيناء في معارك التحرير والتصدي لإجرام الإرهاب، تتحول الآن إلى أراض خصبة، حيث تجرى زراعة حوالى 400 ألف فدان، من خضراوات وموالح ونخيل وزيتون، ومزارع سمكية، وصناعات صغيرة ومتوسطة وثقيلة، وميناء ومطار وشوارع مرصوفة متسعة، ومحطات جديدة لمياه الشرب والكهرباء.
وتلاحظ عند عبورك إلى شمال سيناء أن عدد الكمائن محدود ولا يكاد يختلف عن معظم محافظات مصر، بعد القضاء على الإرهاب، الذي أعاق عمليات التعمير، وأحال حياة أبناء سيناء إلى جحيم، سواء بعمليات التدمير والقتل العشوائي ومحاولة بث الذعر بين الأهالي، أو تدهور الأوضاع المعيشية نتيجة غياب الأمان، لكن مع تغيّر الصورة بفضل جهود قبائل سيناء مع أجهزة الأمن، والعمل معًا على اجتثاث الإرهاب، عادت الحياة تنبض بالتفاؤل والتعمير والخير والأمان.
فالطلاب ينتظمون في مدارسهم وجامعاتهم، والمزارع تتسع وتثمر الخيرات، من تين وزيتون ومانجو وتمور وخضراوات، أينعت على طول الطريق من القناة حتى رفح الجديدة، وفي القلب منها مدينة العريش التى تستعيد بهاءها، بشواطئها الجميلة، وأهلها النشطين الطيبين.
وكانت سيناء قد دفعت أثمانا غالية، وعانت تحت الاحتلال، وشهدت حروبا متواصلة، وسطرت البطولات بعملياتها ضد الاحتلال، واستكملته باستئصال الإرهاب، وبطولات أهالي سيناء بشيوخها وشبابها لا تحصى، وهناك ما جرى تدوينه من عمليات بطولية، والكثير منها لم يدون أو يتم جمعه، فكانت قبائل سيناء عين مصر الساهرة وحصنها القوي على مدخلها الشمالي الشرقي، ورغم الآمال والوعود بإعادة تعمير سيناء، فإنّ الكثير من هذه الوعود تأخر طويلًا، وتعرضت سيناء إلى إهمال لعقود، وترك ذلك أثره على مشاعر أهلها الذين كانوا يترقبون أن تمد لهم أجهزة الدولة أياديها الحانية، لتلملم جراحهم، وتشعرهم بدفء العودة إلى حضن الوطن، وجاء الإرهاب الأسود ليلقي بقتامته على سيناء وأهلها، ويزيد من معاناتهم، ويحاصرهم بالرصاص واليأس وشظف العيش، ليهجرها بعض أهلها.
لكن الحال تغيرت الآن مع قيادة سياسية وأمنية واعية، وضعت يدها في يد قبائلها بشيوخهم وشبابهم، فكانت اللحمة القوية بين الدولة وقبائل سيناء، التي لم يتمكن الإرهاب من فصمها، لتشهد سيناء ملحمة من نوع جديد، وتتمكن من اجتثاث جذور الإرهاب، وإعادة البسمة والأمل إلى أهلها، وتشرع في أوسع عمليات بناء وتنمية في تاريخ سيناء، وتضخّ الدولة مئات المليارات في عمليات شق الطرق والبناء والتشييد وتوفير المياه العذبة للزراعة والشرب وتمديدات الكهرباء والخدمات الحديثة، وتصبح سيناء مركزا مهما لجذب الاستثمارات، بدءا من المشاريع العملاقة في شرق التفريعة، التي ستصبح من أكبر المراكز الصناعية والتجارية والخدمية على البحر المتوسط، ومن نفق «تحيا مصر» إلى القنطرة شرق حتى العريش يمكن رؤية بعض ما تم إنجازه من مشروعات طموح على أرض الواقع، تؤكد أن سيناء ينتظرها مستقبل أكثر إشراقا، وأن أيادي الدولة مع أبناء القبائل السيناوية ستواصل مسيرة البناء والتعمير والتنمية المستدامة، ولن يوقفها أي متربص أو حاقد، ولن تفلح أي محاولة لإعادة العجلة إلى الوراء، فقد ودعت سيناء العشرية السوداء، التي عاث فيها الإرهاب ونال من أهلها وأهدر الدماء الذكية لمئات الضحايا، والتى منحتنا القوة والعزيمة على التخلص من هذا الطاعون، الذي لا يمكن السماح له بحصد الأرواح، وبذر الكراهية والحقد والدمار.
لقراءة المقال كاملًا إضغط هنا
("الأهرام") المصرية