صحافة

ماذا نريد من قمة الرياض؟

عماد الدين حسين

المشاركة
ماذا نريد من قمة الرياض؟

تنعقد في الرياض اليوم القمة العربية الإسلامية المشتركة بدعوة من السعودية لبحث كيفية وقف العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان. أي مواطن عربي يتمنى أن تنجح القمة في مسعاها بعد أن وصل حجم الوحشية الإسرائيلية في غزة وجنوب لبنان إلى مستوى غير مسبوق، وبعد أن صارت إسرائيل تتباهى بأن يدها الطولى قادرة على الوصول لأي مكان في المنطقة.

هذه هي القمة العربية الإسلامية المشتركة الثانية، والأولى انعقدت في الرياض أيضا في نفس التوقيت فى نوفمبر من العام الماضي بعد أسابيع قليلة من بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023. النوايا كانت وقتها طيبة، وقادة كل الدول العربية والإسلامية تحدثوا يومها بكلمات جيدة جدا، وأدانوا العدوان الإسرائيلي بكل الصياغات اللغوية الممكنة لكن لم يتخيل أحد أن يصل الإجرام الإسرائيلي إلى هذا المستوى.

البيان الختامي للقمة السابقة كان كبيرا جدا وتحدث في كل التفاصيل المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي، وكرر مد اليد العربية بغصن الزيتون من أجل سلام حقيقي يقوم على المبادرة العربية للسلام والقرارات الدولية ذات الصلة وعلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود يونيو 1967.

السؤال ماذا يريد المواطن العربي من قمة الرياض اليوم؟! أظن أن الإجابة هي طلب واحد وهو أن تتمكن هذه القمة المشتركة من وقف العدوان الإسرائيلي وبعدها يمكن الحديث عن أي أهداف ومطالب أخرى. في ظني ليس مطلوبا من القمة العربية أن ترهق نفسها في الدخول في قضايا ومشاكل وأزمات كثيرة وبيان ختامي طويل، بل أن تركز على خطوات عملية محددة.

كان جيدا أن يتم اختيار موعد عقد القمة بعد أقل من أسبوع من ظهور نتيجة انتخابات الرئاسة الأمريكية التي جرت الثلاثاء الماضي وفاز بها دونالد ترامب على منافسته كمالا هاريس نائبة الرئيس جو بايدن. الأمريكيون والإسرائيليون يتحدثون كل يوم عن "اليوم التالى" ليس في غزة فقط، أو حتى جنوب لبنان ولكن في المنطقة بأكملها، وسمعنا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث بكل صلف وغرور قبل أسابيع عن أنه حان الوقت لتغيير منطقة الشرق الأوسط. وبالطبع هو يريدها على المقاس الإسرائيلي.

وسمعنا ترامب يقول إن إسرائيل دولة صغيرة ينبغي توسيعها وهو كلام شديد الخطورة إذا لم يجد رد فعل عربيا على مستوى الحدث. ليس صحيحا أن الدول العربية والإسلامية لا تملك أي أوراق ضغط لتعدل به كفة الميزان المختلة مع الإسرائيليين وكل من يدعمهم. العرب والمسلمون لديهم عشرات أوراق الضغط وربما مئات، شرط أن يحسنوا استخدامها.

لكن المشكلة الكبرى أنه لا يوجد توافق عربي إسلامي حقيقي على الأهداف الأساسية، والانقسامات بين غالبية هذه البلدان معروفة للجميع، بل إن هناك حروبا أهلية وطائفية وعرقية في العديد من بلدان عالمنا العربي والإسلامي، ليس ذلك فقط، بل إن الانقسام موجود في فلسطين نفسها بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس منذ عام 2007.

وليس خافيا أيضا على أحد الدور الإيراني الخطير الذي صار فاعلا ومؤثرا في المنطقة، وصارت الأرض العربية هي الملعب الذي تتقاتل فيه إسرائيل وإيران ويكون كل الضحايا من العرب. لو أن الدول العربية والإسلامية الكبرى اتفقت اليوم على مجموعة محددة من الخطوات الموحدة فسوف يجبرون أمريكا وإسرائيل على وقف العدوان غدا.

ولأن ذلك صعب فلا يمكننا إلا التمني. لكن المؤكد أن الأطماع الإسرائيلية لا تريد التوقف فقط عند القضاء على حركات المقاومة، بل سمعنا وزراء في الحكومة الإسرائيلية يتحدثون عن دولة إسرائيلية كبرى على أراضي عدد كبير من دول المنطقة.

كل التوفيق لقمة الرياض اليوم.

(الشروق المصرية)

يتم التصفح الآن