اقتصاد ومال

القدرات الصناعيّة.. لتحويل الاقتصاد من عينيّ إلى إنتاجيّ

الهدفُ الرّئيس لهذه المقالة هو الإضاءة على أهمية القدرات الإنتاجيّة الصناعيّة بمختلف أنواعها، بوصفها تحوّل الاقتصاد من عينيّ الى إنتاجيّ، لخلق فرص عمل للشّباب، إذ إنّ تطوير قاعدة المهارات تزيد من كميّة وإنتاجيّة اليد العاملة المستخدمة في الاقتصاد، كما أنّ عدم كفاية التّعليم وتطوير المهارات يوقِع الاقتصادات في حلقة مفرغة من الإنتاجيّة المتدنّية والدّخل المنخفض.

القدرات الصناعيّة.. لتحويل الاقتصاد من عينيّ إلى إنتاجيّ

تحاول هذه المقالة تحليل كيف يمكن للسياسات الرّامية إلى تطوير وتعزيز الملاءمة بين التدريب والمهارات، وإلى زيادة سُبُل الحصول على المهارات لعدد أكبر من العاملين، وأن تساعد في المقابل على التحوّل إلى حلقةٍ متقدّمة ذات مستوى أعلى من الإنتاجيّة والعمالة ونموّ الدّخل والتنميّة، لتوفير فرص عمل للشباب.

نُظم تطوير المهارات الفعّالة تربط التّعليم بالتّدريب التّقني بدخول سوق العمل

إنّ تطوير المهارات أساسي لتحسين الإنتاجيّة، والتي بدورها هي مصدر مهمّ لتحسين مستويات المعيشة وزيادة النموّ، إذ تشمل العوامل الأساسيّة الأخرى سياسات الاقتصاد الكلّي الرّامية إلى زيادة فرص نموّ العمالة لصالح الفقراء إلى أقصى حدّ، وبيئة مؤاتية لتنمية المنشآت تنميةً مستدامة والاستثمارات الأساسيّة في التّعليم الأساسي والصحّة والهياكل الأساسيّة الماديّة.

ويمكن لنُظم تطوير المهارات الفعّالة أن تربط التّعليم بالتّدريب التّقني بدخول سوق العمل، وبالتعلّم في مكان العمل والتعلّم المتواصل، إذ تساعد الدّول على استدامة نموّ الإنتاجيّة وترجمة ذلك النموّ إلى وظائف أكثر وأفضل، وهنا نتناول التحدّيات التي تواجهها الدّول على مستويات مختلفة من التنميّة والخيارات السياسيّة لهذه الدّول، من أجل ربط نُظُم تطوير المهارات، ليس فقط بالاحتياجات الرّاهنة لأسواق العمل، بل أيضًا بالاحتياجات المستقبليّة.

يتناسب موضوع المهارات من أجل تحسين الإنتاجيّة ونموّ العمالة والتنميّة، مع الاحتياجات المتعلّقة بتطوير المهارات المحدّدة والمعرفَّة في البرامج الوطنيّة للعمل اللّائق، وباعتبار هذه البرامج الوسيلة الرئيسيّة لتعزيز العمل اللائق على المستوى الوطني، ويحدّد العديد من البرامج الوطنيّة الحاليّة العمل اللّائق وتطوير المهارات والإنتاجيّة وتحقيق القابليّة للاستخدام كأولويّات وطنيّة من أجل تحسين القدرة التّنافسية وتعزيز قابليّة استخدام الشّباب وزيادة فرص العمل اللّائق لصالح المجموعات المحرومة من هذه الفرص.

ويخفّف نموّ الإنتاجيّة من تكاليف الإنتاج ويزيد العائدات من الاستثمارات، التي يمنح بعضها دخلًا أكبر لأصحاب الأعمال والمستثمرين، في حين يُحوَّل بعضها الآخر إلى أجور أعلى. كما تنتفع الحلقة الحميدة بين الإنتاجيّة والعمالة من خلال الجانب الاستثماري في الاقتصاد، عندما تُعيد إحدى الشركات استثمار بعض أرباح الإنتاجيّة في ابتكار المنتجات والعمليّات وفي إدخال تحسينات على المنشأة والمعدّات.

ينبغي تعزيز المهارات والتّكنولوجيا في آنٍ واحد من أجل ضمان استدامة نموّ الإنتاجيّة والتنميّة

وإذا كانت الدّول المتقدّمة بصدد دفع الحدود التّكنولوجية، فإنّ الدّول الناميّة بصدد الاتجاه نحو هذه الحدود، ويسمح التقليد بالاستثمار في القطاعات غير التقليديّة وبتطبيق التّكنولوجيّات الجديدة على مجموعة أوسع من الأنشطة الاقتصاديّة، ويعني هذا أنه ينبغي تعزيز المهارات والتّكنولوجيا في آنٍ واحد من أجل ضمان استدامة نموّ الإنتاجيّة والتنميّة.

وفي إطار التّمكين الاقتصادي والاجتماعي للشّباب، من خلال معالجة الفقر والتهميش ودفع أهداف التنميّة المستدامة، تقوم منظّمات دوليّة تنمويّة غير حكومية تربط الشّباب بالفرص الوظيفيّة والاقتصاديّة، بتعظيم جهودها لحماية الشّباب من الإيديولوجيات المتطرّفة من خلال التّمكين الاقتصادي والاجتماعي، من الحكومة إلى القطاع الخاصّ، والمنظّمات غير الحكوميّة والدّوليّة والثنائيّة، وتشمل هذه الشراكات العديد من صناديق الأمم المتّحدة ووكالاتها وبرامجها، مثل هيئة الأمم المتّحدة للمرأة، وبرنامج الأمم المتّحدة الإنمائي.

ومن الجدير الإشارة إلى تقديمها المساعدة للشّباب من خلال مجالات برامجها الأساسيّة الثّلاثة: التّوظيف، وتطوير المشاريع، والبحث والسياسة. وتدعم وحدة التّوظيف جهود التّوظيف الشّبابي من خلال تطوير آليّات تقوم بالرّبط بين الباحثين عن عمل وبين فرص العمل؛ وتعليم الشّباب كيفية تحويل الوعي والمهارات والخبرات بنجاح إلى عمل؛ والسّعي مع جهات العمل لتعزيز ممارسات توظيف الشّباب.

تساعد القدرات الصناعيّة على التحوّل إلى حلقة متقدّمة ذات مستوى أعلى من الإنتاجيّة والعمالة

مما لا شك فيه أنّ الاقتصاد العيني هو الأصل في حياة البشر وسبيل تقدّمهم، ولكن لا يكفي وحده لتيسير تعاملات البشر، فكان لا بد أن يزوّد بأدواتٍ ماليّة تسهّل عمليات التّبادل من ناحية، وتساعد على العمل المشترك من أجل المستقبل من ناحية أخرى. وتكمن أهمية الفارق بين الاقتصاد المُنتج والاقتصاد العيني في عدة نقاط هي:

- لا يعتمد الاقتصاد المُنتج على الصّدفة، بل يرتكز إلى الجُهد المبذول لتحسين الاقتصاد المحلي.

- يستند إلى عوائد استثماريّة ثابتة، مع عدم الاعتماد على هبات الطّبيعة التي يرتكز إليها الاقتصاد العيني.

- يسهم الاقتصاد المُنتج في تأمين فرص العمل للشباب وفي رفع تصنيف الاقتصاد المحلّي من قائمة الدّول المستهلكة إلى الدّول المنتجة.

وفي الختام، لا تحوّل القدرات الانتاجيّة الصناعيّة الاقتصاد من عينيّ الى إنتاجيّ، لخلق فرص عمل للشّباب فحسب، بل تساعد في المقابل أيضًا على التحوّل إلى حلقة متقدّمة ذات مستوى أعلى من الإنتاجيّة والعمالة ونموّ الدّخل والتنميّة، وتعزيز القدرات الانتاجيّة الصناعيّة لدعم سوق العمل والاستثمار المحلّي والوطني.

(خاص "عروبة 22")
?

برأيك، ما هو العامل الأكثر تأثيرًا في تردي الواقع العربي؟





الإجابة على السؤال

يتم التصفح الآن