صحافة

"المشهد اليوم"...تطمينات سورية للخارج واللاجئون من الأولويات الأوروبيةالانسحاب الإسرائيلي التدريجي بدأ من جنوب لبنان وواشنطن تسعى لإنجاز صفقة غزّة

سوري يلوح بعلم "الثورة" في ساحة الأمويين بوسط العاصمة دمشق (أ.ف.ب)

تسعى الفصائل السورية المسلّحة إلى توجيه رسائل تطمينيّة للدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، لعدة أسباب منها ما يتصل بالسعي الدؤوب لرفع "هيئة تحرير الشام" عن قوائم الارهاب في وقت يجهد رئيسها، أحمد الشرع (المُكنى بأبو محمد الجولاني)، بخطاباته ومقابلاته الاعلامية إلى مسك العصا من النصف، فهو لا يسعى للتخلي عن منطلقاته وخلفياته الاسلامية الدينيّة التي أوصلته الى ما هو عليه اليوم وفي الوقت عينه يرسل اشارات اعتدال وانفتاح لجذب واستقطاب الدول الاجنبية التي يحتاجها ايضاً لتثبيت الحكم في سوريا كما المساهمة في عملية إعادة الاعمار.

ويتزامن ذلك مع بدء عدة دول أوروبية تعليق طلبات اللجوء التي تقدم بها سوريون حتى إشعار آخر لحين تقييم الوضع الحالي بعد انهيار نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد. وبينما شجعت بعض هذه الدول على العودة الطوعية مقابل "اغراءات مالية"، تدرس أخرى ترحيل للاجئين الذين يناهز عددهم 1.3 مليون، 900 ألف منهم تحتضنهم ألمانيا والبقية يتوزعون على القارة الأوروبية بحسب مفوضية شؤون اللاجئين وبتكلفة تتراوح بين 20 إلى 25 مليار دولار.

وسيكون موضوع اللجوء على رأس سلم الأولويات في المرحلة المقبلة خاصة في حال نجاح حكومة المرحلة الانتقالية التي يرأسها محمد البشير في تثبيت المسار السياسي وتوحيد البلاد بعدما مزقتها الحرب على مدار أكثر من عقد وما تبع ذلك من تآكل اقتصادي واجتماعي. وعليه، تتجه الأنظار نحو ما ستكون عليه المرحلة المقبلة لجهة شكل الحكم وآلياته وسط تحديات جمة تضع دمشق أمام خيارين لا ثالث لهما وهما: فإما نجاح العملية الانتقاليّة في تعبيد الطريق نحو الاستحقاقات الانتخابية لتشكيل السلطة وإما الجنوح نحو الفوضى وحرب أهلية جديدة.

وبالتالي، من المبكر إطلاق الأحكام على الفصائل السورية بل لا بدّ من انتظار ما ستؤول اليه الأمور على ضوء التحديات المحلية والمستجدات الاقليمية والدولية. وفي السيّاق، قال محمد البشير، في لقاء مع صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، إن "هدفنا إعادة الأمن والاستقرار لكل مدن سوريا وإعادة ملايين اللاجئين السوريين". وأضاف "ورثنا من نظام الأسد تركة إدارية ضخمة فاسدة ونحن في وضع سيئ للغاية مالياً"، لافتاً إلى أنه لا يوجد "سوى الليرة السورية التي لا تساوي شيئاً ولا عملة أجنبية لدينا".

بدوره، أعلن زعيم "هيئة تحرير الشام" أحمد الشرع أنه سيعمل على "حلّ قوات الأمن التابعة للنظام وإغلاق السجون سيئة السمعة"، مشدداً على "العمل مع منظمات دولية لتأمين مواقع الأسلحة الكيماوية المحتملة". وترافق هذا التصريح مع مواصلة اسرائيل توجيه الضربات الجوية للمواقع العسكرية ومخزونات البلاد من الأسلحة ولاسيما في اللاذقية وطرطوس على الساحل السوري وذلك لليوم الرابع على التوالي. فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أن "أربع مجموعات قتالية تابعة له لا تزال منتشرة في جنوب سوريا".

وإذ قالت وزراة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن وزير الدفاع لويد أوستن أكد، في اتصال هاتفي مع نظيره الإسرائيلي يسرائيل كاتس، على "أهمية التشاور الوثيق بين أميركا وإسرائيل" بشأن الأحداث في سوريا. أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، أن قطر ستعيد افتتاح سفارتها في دمشق بعد استكمال الترتيبات اللازمة.

وفي إطار ذات صلّة، كشف مسؤولون روس لوكالة "بلومبيرغ"، أن موسكو دفعت الأسد للفرار بعدما تأكدت من هزيمته. ونقلت عن 3 مسؤولين روس مقربين من الكرملين قولهم "إن موسكو أقنعت الأسد بأنه سيخسر المعركة بسرعة أمام الجماعات المسلّحة بقيادة "هيئة تحرير الشام"، وعرضت عليه وعلى عائلته ممراً آمناً إذا غادر على الفور".

هذا واعتبر المرشد الإيراني، علي خامنئي، أن "الإطاحة بالأسد كانت نتيجة خطة وضعتها الولايات المتحدة وإسرائيل"، وألقى باللوم على دول جارة لسوريا، في إشارة الى تركيا دون أن يسميها. كما حمّل خامنئي "الجيش السوري جزءاً مما جرى"، نافياً في الوقت نفسه، تراجع دور إيران و"محور المقاومة"، بل توعد بطرد القوات الأميركية من المنطقة.

وبينما ينعم الاسد وعائلته باللجوء في روسيا مع ثروة باهظة، لا تزال عائلات المخفيين والمعتقلين السابقين في سجون الأسد الاجرامية تبحث عن ذويها وسط شهادات حية تقشعر لها الأبدان عن أساليب التعذيب والاعتقال غير الانسانية التي طبعت حكم الأسد، الاب والابن. وفي هذا الاطار، ذكرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أن الأسد "متهم في قتل ما لا يقل عن 202 ألف مدني سوري، بينهم 15 ألفاً قتلهم تحت التعذيب، وإخفاء 96 ألفاً آخرين، وتشريد قسري لقرابة 13 مليون مواطن سوري، وغير ذلك من انتهاكات فظيعة، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية".

الأوضاع الانسانية الصعبة للسوريين لا تختلف عن تلك التي يعانيها أهل قطاع غزّة جراء العدوان الاسرائيلي المستمر، حيث استهدفت غارة جوية فجر اليوم، الخميس، مجموعة من الفلسطينيين المكلفين بتأمين شاحنات مساعدات في معبر رفح مما أسفر عن مقتل 15 على الأقل. ويترافق ذلك مع تكثيف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اتصالاتها مع فريق الرئيس المُنتخب دونالد ترامب سعياً إلى إنجاح مفاوضات وقف النار في القطاع واطلاق الرهائن.

وضمن هذه الجهود، يتوجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى كل من تركيا والأردن بينما يصل مستشار الأمن القومي جايك سوليفان إلى إسرائيل لدفع المحادثات قبل تسلّم ترامب زمام الامور في 20 كانون الثاني/ يناير المقبل، أي بعد أقل من 40 يوماً. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة دعت، في قرار غير مُلزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزّة. والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت.

وفي لبنان، تستمر الخروقات الاسرائيليّة لقرار وقف النار حيث رصدت وكالة "الأناضول" 195 خرقاً اسرائيلياً حتى ليل أول من أمس، الثلاثاء، بالمقابل أعلنت الولايات المتّحدة أنّ الجيش الإسرائيلي نفّذ أول انسحاب لقواته من بلدة الخيام في جنوب لبنان، مشيرا إلى أنّ الجيش اللبناني حل محل القوة الإسرائيليّة المنسحبة، وذلك تطبيقا للاتفاق الذي دخل حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر بعد حرب استمرت أكثر من شهرين وكلفت لبنان خسائر بشرية واقتصادية لا يزال يرزح تحت وطأتها.

 ولا تزال الأحداث السورية ومآلات المشهد السياسي تهيمن على عناوين ومقالات الصحف العربية الصادرة اليوم حيث:

تحدثت صحيفة "عكاظ" السعودية عن تجارة المخدرات في سوريا بعهد الرئيس المخلوع بشار الأسد "لتكون الدولة الوحيدة عالمياً التي تعد فيها تجارة المخدرات أكثر من مجرد تجارة ظل، بل سوقاً موازية ومنظمة تديرها بشكل مشترك عدة أطراف". وقالت: "لم يعد سراً أن تجارة المخدرات، وعلى وجه الخصوص "الكبتاجون"، تشكل أحد أهم مصادر الدخل للدولة التي تتقاسمها مع الميليشيات الداخلية والخارجية لدفع رواتب مقاتليها، وشراء الأسلحة لزيادة سيطرتها على المنطقة".

من جهتها، رأت صحيفة "الراية" القطرية أنه "لا بدّ من مرحلة انتقالية حتى يصل الشعب السوري إلى جمهوريته الجديدة التي يطمح إليها، ولابد أن يحدث ذلك بعدالة تُزيل ترسبات الماضي العالق في تشققات الأرض التي أنهكتها النزاعات المُسلحة والظلم المستطير"، معتبرة أن "العدالة الانتقالية تمتاز بعدة مراحل، يختلف ترتيبها باختلاف طبيعة كل تجربة وخصوصيتها، وبالنسبة إلى سوريا فلا يمكن البدء -بما هو دارج- بلجان تقصي الحقائق والمُلاحقات القضائية، مع كل هذه الهشاشة والضعف اللذين أصابا مؤسسات الدولة".

ولفتت صحيفة "الراي" الكويتية إلى أن "ما يعزّز دقة المرحلة الحالية أن إسرائيل التي أظهرت تحفزاً عسكرياً متعدد الجبهة، "انقضّت" معه على ترسانة جيش بشار الأسد، لا توحي بأنها في وارد التساهل بإزاء أي تنفيذ لاتفاق وقف النار لا يراعي شروطها وأهدافها العميقة"، موضحة أن تل أبيب "تعتبر خروج سورية من المحور الإيراني "لكمة قاصمة" لطهران التي خسرت "بلاد الشام" بالضربة القاضية بعدما خسرت ذراعها الأقوى، "حزب الله" بالنقاط".

وتطرقت صحيفة "القدس العربي" الى أوضاع سجون الاسد حيث قالت "يمكن اعتبار سجن صيدنايا، مجازا لسوريا كلّها، التي صعدت فجأة من السراديب إلى فوق الأرض، واكتشفت فجأة، وبعد 54 عاما من حكم الأسدين، الأب والابن، هواء الحرية النظيف، وإمكانية الخلاص من الفظاعة التي لا تنتهي لمنظومة غادر رأسها فجأة، في عمليّة خاصة للمخابرات الروسية". وتابعت: "قادة "الشبّيحة" المغالين في الإخلاص له (أي الأسد)، وجدوا أنفسهم متروكين مطاردين مع إمكانية المحاسبة على جرائم مهولة ضد شركائهم في البلد، فيما قائدهم يتنعم بأموال البلد المنهوبة، هو وعائلته، ويحظى بالحماية في بقعة من روسيا تحت يافطة "اللجوء الإنساني".

اما صحيفة "الأهرام" المصرية، فأشارت الى أن "فيروس التفكيك في المنطقة لن يتوقف عن الانتشار، وربما تكون هناك دول أخرى مرشحة، فى ظل إشهار إسرائيل لمطلب تهجير الفلسطينيين وفق استراتيجية التوسع الصهيوني القديمة وسيدعمها بقوة وصول ترامب للبيت الأبيض"، مؤكدة أن "الخوف من أن تمر سوريا بفترة من الفوضى والاضطراب وعدم الاستقرار إلى أن تحسم عملية نقل السلطة. فالأوضاع بصورتها الراهنة مازالت غامضة، والرؤوس الحقيقية التي تقود هذه التحولات الجديدة والخطيرة لا تزال مختفية ولم تكشف عن نفسها بعد".

ونبهت صحيفة "الدستور" الأردنية أن "ما يحدث الآن في سوريا حدث في ليبيا، والعراق والسودان واليمن، وغيرها من اقطارنا العربية، كان ذلك عشية الربيع العربي، الدول التي كانت شعوبها تعاني من الظلم ولاستبداد تحولت إلى دويلات، الشعوب التي حلمت بالحرية والعدالة والديمقراطية غرقت، وما تزال، بالدم والخوف والإرهاب". وقالت: "إن الذين اجتمعوا على شعار المقاومة في غزّة ولبنان، والحرب ضد الاحتلال، افترقوا على عتبة سوريا، بين مؤيد للأسد ومؤيد للجولاني".

في سياق مشابه، تناولت صحيفة "الخليج" الاماراتية الأوضاع الانسانيّة المزرية التي يعيشها أهل غزّة حيث أن "الموت جوعاً يهدد أكثر من نصف مليون فلسطيني جراء الحرب الإسرائيليّة، والحصار الذي تفرضه على القطاع، ومنع وصول المساعدات الإنسانية"، مشددة على أن "التجويع المُتعمد هو جريمة حرب ترتكبها إسرائيل يومياً ضد الشعب الفلسطيني في غزة أمام العالم كله، الذي يقف شاهداً من دون أن يتحرك أو يضع حداً لهذا الاستهتار بالقانون الدولي والانتهاك المتعمد لإنسانيّة الإنسان".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن