السعوديون في القدس

في الوقت الذي تنشغل فيه وسائل الإعلام الاسرائيلية ويصرّح أكثر من مسؤول إسرائيلي متهافتين لإقامة علاقات مع المملكة العربية السعودية فاجأت السعودية الجميع بالإعلان عن تعيين السفير نايف السديري سفيراً فوق العادة ومفوضاً غير مقيم لدى دولة فلسطين وقنصلاً عاماً للسعودية في القدس، ولتقديم أوراق اعتماده إلى الجانب الفلسطيني دلالات سياسية وتاريخية وخطوة مهمة في خارطة طريق السلام الذي تقوده المملكة وتسعى له ليعم المنطقة وينعكس بالتالي على العالم خاصة وأنه ومع تزايد حدة التوترات بين الشرق والغرب، تبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى لإرساء نظام عالمي جديد، وهو ما يعني حاجة العالم الماسة لاتصالات واسعة بين مختلف الدول بما يؤدي إلى تحقيق توازن جديد في العلاقات الدولية يرسي دعائم السلام العالمي الدائم.

(...)

إنّ علاقات ملوك المملكة العربية السعودية بالقضية الفلسطينية تتجاوز في طبيعتها المتغيّرات السياسية والدولية، فهي علاقة نابعة من صميم الوجدان الديني والعربي، لا تقاس بالمزاجية والمكايدة السياسية، ولو أنها تقاس بالمكايدة السياسية لأنهت السعودية ارتباطها بالقضية الفلسطينية منذ تحول وجهة البندقية الفلسطينية من الاحتلال إلى ظهور العرب والمملكة تحديداً، واستهداف المملكة ومصالحها بعمليات إرهابية لا يتسع المجال لذكرها، ناهيك عن سيول من بث الأحقاد والشتائم والافتراء والتزوير! فالدولة الحكيمة هي التي تعتمد في سياستها على بُعد النظر ودقة الرؤية والفصل، ولا يمكن أن تكون غوغائية أو عاطفية في خياراتها واتجاهاتها ولا في مواقفها وردود أفعالها.

لقد تعرضت القضية الفلسطينية إلى تشويه متعمّد من أهلها أنفسهم، وفقدت محوريتها بكثرة ما لقي العرب من الفلسطينيين من نكران وجحود وشتائم واعتداء وولاء للأعداء الوجوديين للعرب، وارتزاق وقبول تدخلات دول ليس لها تاريخ يذكر من المواقف السياسية دعمًا للنضال، وإنما هي دخيلة على النضال الفلسطيني، هذه التدخلات التي سمح بها الفلسطينيون وعزّزت من انقسامهم واحترابهم الداخلي، مهّدت الطريق لإسرائيل لمزيد من التصعيد ورفض مبادرات السلام، في وقت كانت تعمل فيه السعودية على جمع الفرقاء الفلسطينيين وتوحيد كلمتهم.

ويكفي المملكة العربية السعودية من ذلك كله اتفاق مكة الذي كان لمصلحة الفلسطينيين ورعته أعلى القيادات السعودية، ولكن سرعان ما نقضته "حماس" بإملاء خارجي، فضلاً عن ذلك فإن القضية الفلسطينية إن خذلها أحد فلم يخذلها أحد قدر بعض أبنائها أنفسهم وابتلعتها الانقسامات، حتى باتت القضية لغة انتخابية تتبارى عليها حماس وفتح، بينما القضية العظمى خارج حساباتهم السياسية!

إن السياسي الفلسطيني، والنخب الإعلامية والثقافية عموماً تعيش حالة من الاضطراب في المواقف، فهم من ناحية ينتهجون خطاباً شعوبياً يسارياً قومياً حاقداً ضد الخليج ويصطفون بجانب الأعداء الوجوديين للخليج لكنهم بنفس الوقت يستنصرون الخليجيين ويطلبون أموالهم وتبرعاتهم!

(...)

ولم تكن المملكة العربية السعودية أو "مملكة السلام" وهي تحتضن وترعى كل محادثات السلام العربية والإقليمية والعالمية، لم تكن تعتمد فقط على مكانتها الجغرافية والدينية والسياسية والاقتصادية فقط، فهي تولي اهتماماً خاصاً بالجانب الدبلوماسي وتطويره واختيار الأنسب من الممثلين لها والخطط التي تعين على إنجاح محادثات ووساطات السلام التي ترعاها يوماً بعد يوم، ولكي تنجح الجهود السعودية الصادقة والعازمة على تحقيق السلام وصناعته وإكماله، لا بد أن تقابل بنفس القدر من حسن النيات والشفافية والمصداقية والإرادة السياسية من قبل أطراف النزاع للتوصل إلى السلام حتى تتكامل الجهود وتتكلل نتائجها بالنجاح وتحقيق المنشود.


لقراءة المقال كاملًا إضغط هنا

("الرياض")

يتم التصفح الآن