ثقافة

"الفكر العربي".. في نقد السرديات التاريخية!

عمّان - خاص "عروبة 22"

المشاركة

 درج استخدام مفردة "سردية" في الآونة الأخيرة في المقالات الصحافية فضلًا عن الأبحاث الأدبية وغيرها، للإشارة إلى رواية شائعة ومتداولة، علمًا بأن تحليل السرد الأدبي يرجع إلى علماء الألسنية ومنظّري الأدب، ويمكن أن يعرّف علم السرد بأنه البحث في أشكال الرواية والخطاب والطريقة التي تنتقل من الراوي إلى المتلقي.

في سبيل تسليط الضوء على التراث الأدبي والتاريخي والفقهي الأدبي ومراجعة سردياته الشائعة والمتداولة منذ أجيال، عُقد في عمّان وبدعوة من منتدى الفكر العربي مؤتمر فكري تحت عنوان: "نقد السرديات في التأليف التاريخي العربي"، بين 15 و 17 ديسمبر/كانون الأول 2024.

توزعت أعماله على خمس جلسات تناولت جوانب متعددة من التأليف العربي الكلاسيكي والمعاصر، وكانت الجلسة الأولى بعنوان: "الحاجة إلى نقد السرديات" قدّمها عبد الإله بلقزيز (المغرب) شارحًا ومفسّرًا المقصود بالسرديات، وضرورة نقدها ومراجعتها، وعقّب على الورقة يوسف أبو عواد (الأردن).

أما الورقة الثانية في ثاني جلسات المؤتمر، فكانت بعنوان: "خبرة نقد السرديات التوراتية في الفكر الحديث". وهو الموضوع الذي أثار نقاشات واسعة عند صدور كتاب "التوراة جاءت من جزيرة العرب" لكمال الصليبي. وقد ركّز المحاضر عدنان ملحم (فلسطين) في ورقته على الدارسين العرب الذين تناولوا الموضوع مستعرضًا أعمالهم وخصوصًا الجهود التي بذلها فاضل الربيعي في هذا المجال. وقد عقّب على ورقته جمال عودة (فلسطين). وشارك الحضور بمداخلات على الموضوع، خصوصًا أنّ الدراسات تتأرجح بين اعتبار اليمن هو المصدر المفترض للتوراة أو منطقة عسير من الجزيرة العربية.

وقدّمت ناجية الوريمي (تونس) ورقتها في الجلسة الثالثة بعنوان: "نقد السرديات في منظومة التفسير"، تناولت فيها عددًا من كتب التفسير شارحةً الطرائق المختلفة بينها. وقد عقّب على المحاضرة محمد زكاري (المغرب).

وأثارت المحاضرة الرابعة: "نقد السرديات في التاريخ الإسلامي"، التي قدّمها زهير المالكي (العراق)، وعقّب عليها المنصف بن عبد الجليل (تونس)، نقاشًا واسعًا بسبب تركيزها على موضوع الإسرائيليات في التراث الديني الإسلامي.

 المحاضرة الخامسة والأخيرة كانت تحت عنوان: "النقد التاريخي وسرديات الفكر العربي"، قدّمها يوسف الشويري (لبنان)، عرض فيها مجمل أعماله التي تناولت القومية العربية والكتابة التاريخية ومراحل الإصلاحية الإسلامية. وكذلك التأريخ بين الدولة الوطنية والأمّة العربية. وعقّب على المحاضرة، خالد زيادة (لبنان) الذي ركّز على ولادة الكتابة التاريخية العربية الحديثة، في بداية القرن التاسع عشر، مشيرًا إلى مؤلفات عبد الرحمن الجبرتي في مصر ومحمد رسول الكركوكلي في العراق وأحمد بن أبي ضياف في تونس، ليستنتج أنّ العوامل التي أدّت إلى ولادة كتابة تاريخية حديثة ترجع إلى ما يلي:

العامل الأول، هو تكوّن سلطة أو إدارة محلية تتيح نقطة ارتكاز في كتابة التاريخ. العامل الثاني، هو المنهجية المأخوذة عن الكتابات التاريخية التي برزت في أوروبا. العامل الثالث، هو العامل الأيديولوجي، ومثال على ذلك، أنّ المؤرخين القومين قد انصرفوا إلى كتابة تاريخ الأمّة، بينما انصرف مؤرخون آخرون إلى كتابة تاريخ الدولة الوطنية ومراحل تكونها واستقرارها.

شكّل المؤتمر، الذي اعتُبر الأول في موضوعه، خطوة هامة في مجال دراسة السرديات وفي النقد على أن يعقبه مؤتمرات لاحقة تخوض في السرديات الفكرية والتاريخية.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن