صحافة

تشكيك ترامب يلجم التفاؤل باتفاق غزة... ونتنياهو يبحث عن تعويض في الضفة

سميح صعب

المشاركة
تشكيك ترامب يلجم التفاؤل باتفاق غزة... ونتنياهو يبحث عن تعويض في الضفة

أضفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد ساعات من عودته إلى البيت الأبيض الإثنين، مسحة من التشاؤم حيال مصير اتفاق وقف النار في غزة بين حركة "حماس" وإسرائيل، عندما قال: "لست واثقاً" بصمود الاتفاق، المكون من ثلاث مراحل بدأ تطبيق الأولى منها الأحد.

يتناقض هذا الموقف مع كان تباهى به ترامب في خطاب التنصيب، أنه تمكن حتى قبل أن يباشر مهماته رسمياً، من إطلاق عملية الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في غزة. وزاد الموقف إرباكاً توقيعه على أمر تنفيذي برفع العقوبات التي كانت فرضتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن على بعض قادة المستوطنين لدورهم في إذكاء العنف في الضفة الغربية.

وسارع المستوطنون إلى الاحتفال بقرار ترامب بالهجوم على قرية الفندق قرب قلقيلية في الضفة الغربية، بينما بدأت القوات الإسرائيلية عملية واسعة في مخيم جنين، بعد يومين من دعوة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الجيش إلى الاستعداد لمهمات جديدة في الضفة. كل ذلك، يبعث الهواجس لدى الفلسطينيين عما ينتظر الضفة في ظل إدارة ترامب التي عينت القس مايك هاكابي سفيراً في إسرائيل، وهو المعروف بعدم اعترافه "بوجود شيء اسمه" الضفة أو وجود احتلال.

إن تشكيك ترامب باتفاق غزة معطوفاً على قراره رفع العقوبات عن المستوطنين، عززا الاعتقاد باحتمال أن يتحول الرئيس الأميركي من موقع الوسيط في الاتفاق إلى التماهي مع موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعتبر أن الاتفاق ليس نهاية للحرب. وهذا ما يثير المخاوف من أن الأخير لن يعدم العثور على مبرر للقول إن "حماس" تعمد إلى انتهاك المرحلة الأولى من الاتفاق، وتالياً وجب استئناف الهجمات على القطاع.

وعندما كان نتنياهو يرفض في الأشهر الـ15 الأخيرة، الدخول في نقاش حول ضرورة البحث عن بديل من "حماس" وفق ما كانت تطالب إدارة بايدن، فإن هذا الرفض يستند إلى اقتناع بأن القبول بهذه الفكرة، يعني الوقوع في فخ الانتقال إلى مرحلة الحديث عن حل سياسي، الأمر الذي يتناقض مع قوله بالحرب حتى "النصر المطلق" وتدمير "حماس" بالكامل. وهذه وسيلة للبقاء في السلطة أكثر منها حلاً واقعياً.

وحتى أمس، لم يكن ترامب قد أفصح عن خطة واضحة المعالم لما بعد اتفاق غزة. واكتفى إلى الآن بتوصيف الوضع متحدثاً عن تحول القطاع إلى "أشبه بموقع هدم ضخم"، مؤكداً أن غزة يمكن أن تشهد عملية إعادة إعمار "رائعة" إذا طبق اتفاق وقف النار.

كما أنه ليس واقعياً، ما نقلته شبكة "إن بي سي" الأميركية أن إدارة ترامب تفكر في نقل جزء من سكان غزة إلى خارج القطاع خلال عملية إعادة الإعمار، وأن أندونيسيا هي من بين الدول المرشحة لاستضافة موقتة للسكان. والتجارب تثبت أن الموقت يصير دائماً، ثم أن هذه الفكرة تتناغم مع فكرة سموتريتش وبن غفير عن ضرورة تشجيع الهجرة الطوعية للفلسطينيين من القطاع.

بديهي، أن اتفاق وقف النار سيبقى هشاً طالما لم يحصن بخطة سياسية. ويطل ترامب على مشهد شرق أوسطي تغير كثيراً في السنوات الأربع الأخيرة التي غاب فيها عن البيت الأبيض. ولذا، لن تنجح العودة إلى إحياء الخطط القديمة. والرئيس الجمهوري الآتي باسم إنهاء الحروب في العالم، سيجد نفسه مجدداً أمام صراع أكثر تعقيداً من أن يحل على طريقة "الصفقات". وبعد 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، تغير وجه الشرق الأوسط، من غزة إلى إيران مروراً بلبنان وسوريا.

في ظل هذه الحال من عدم اليقين، إلى أي مدى لدى ترامب استعداد لبذل الوقت وممارسة الضغوط، ليثبت أنه "صانع سلام" وفق ما يقول، أو يستسلم لفكرة "أن هذه حربهم وليست حربنا"، والتفرغ لمواجهة الصين، واستعادة قناة بنما، وشراء غرينلاند من الدانمارك أو الاستيلاء عليها بالقوة، ورفع العلم الأميركي على المريخ، كي تدخل الولايات المتحدة في "عصرها الذهبي" الموعود؟  

(النهار اللبنانية)

يتم التصفح الآن