حرب غزة الخامسة وما قادت إليه من نتائج وخيمة على الشعب الفلسطيني؛ وضعت معاهدات السلام العربية الإسرائيلية في اختبار قاسٍ تتعرض فيه لأخطار وخيمة. حتى الآن فإن المعاهدات المصرية والأردنية والإبراهيمية (الإمارات والبحرين والسودان والمغرب) لا تزال صامدة؛ ولكنها جميعها تبتعد عن نقطة السلام التي كانت لديها عند التوقيع.
في نفس الوقت فإن هذا السلام بالغ الأهمية لهذه الدول سواء في بناء نفسها ورخائها، وإنما أيضا في التعاون مع دول العالم المتقدمة التي قد تكون ساخطة على إسرائيل، ولكنها ساعة الحقيقة تناصرها ولا تضيف أكثر من الصمت إلى القضية الفلسطينية. باختصار ما نحتاجه هو مشروع عربي للسلام والأمن في المنطقة يوجد فيه ما هو أكثر من التعرض للقضية الفلسطينية ومبادلة الأرض بالسلام.
المشروع العربي فيه ضرورة تنبثق من المتغيرات الجديدة في العالم، وفي مقدمتها انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة باختيار غير مسبوق للشعب الأمريكي وباتباع غير مقبول لليمين الإسرائيلي المتعصب للحرب وإسالة الدماء وتهجير الشعب الفلسطيني.
المشروع العربي للسلام لن يكون فقط من أجل تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإنما أيضا إقامة سوق إقليمية واسعة للتنمية والتقدم والرخاء يعزز المصالح الوطنية للدول العربية. الطريق إلى ذلك يبدأ أولا بإنشاء تآلف عربي للدول التي أقامت بالفعل دولة وطنية ذات هوية متميزة ولا تعرف الانشقاق أو الحرب الأهلية ولها مصلحة قائمة في السلام الإقليمي.
وثانيا إعادة تشكيل النخبة السياسية الفلسطينية بحيث تخرج منها الاعتبارات الأيديولوجية ويدخل إليها الإخلاص التام لإقامة دولة وطنية فلسطينية مستقلة لا تعرف فصلا للسلاح عن السلطة السياسية الشرعية. وثالثا إدماج إسرائيل واستيعابها في المنطقة كدولة تشارك في بناء إقليم مزدهر يبدأ بالبناء على إقليم منتدى غاز شرق البحر الأبيض المتوسط بإقامة إقليم آخر للرخاء المشترك في شمال البحر الأحمر، يستند إلى التجربة التنموية السعودية في شمال غرب المملكة والتجربة المصرية في شمال شرق مصر في سيناء.
(الأهرام المصرية)