صحافة

الحكومة "الآتية" استكشفت رسالة أورتاغوس

روزانا بو منصف

المشاركة
الحكومة

أكثر ما أخر إعلان تأليف الحكومة العتيدة تحت ذريعة تسمية الشيعي الخامس والتي من غير المستبعد ان تولد في الساعات المقبلة كان رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان ينتظر وصول مساعدة الموفد الاميركي الى المنطقة مورغان اورتاغوس وضرورة الاستماع اليها على نحو مباشر للرسائل الاميركية وقدرته على المساومة او ما شابه خصوصا انه كان حصل من سلف الموفدة الاميركية آموس هوكشتين على وعود في شأن اعمار الجنوب.

ففي خلال الاسابيع القليلة الماضية سرت تسريبات متعددة في شان جوهر الموقف الاميركي من الوضع في لبنان لا سيما في الجنوب وانسحاب اسرائيل منه ومستقبل الحكومة فيه، ما ترك اهل السلطة في ارتباك ازاء الهامش الذي يمكن التحرك من خلاله . يرتاح بري الى التعامل المباشر مع الجانب الاميركي والاخذ والرد معه ، فيما ان الرسائل التي نقلت عن الموقف الاميركي من الحكومة كانت على نحو غير مباشر وربما ايضا الكثير من المواقف التي قد تحمل انطباعات شخصية في تفكيك رموزه خصوصا في ظل الكلام عن وجود اتجاهين متناقضين لدى الادارة من مشاركة الحزب في الحكومة من عدمه . والبعض يقول ان الحاجة ماسة لتبيان الموقف الاميركي ومدى حزمه في شأن عدم مشاركة الحزب في الحكومة لانها قد تؤدي الى حصول حركة امل على كل الحصة الشيعية في الحكومة.

الرسالة التي حملتها اورتاغوس واعلنتها من قصر بعبدا معبرة عن موقف ادارتها ، على نحو اثار صدور بيان توضيح عن مكتب الاعلام في القصر الجمهوري انها لا تعبر عن رايه اثار تساؤلات، كانت في شقين واضحين لا لبس فيهما : الاول يتصل بعدم افساح المجال امام مشاركة الحزب في الحكومة . وهنا المجال مفتوح امام الجانب الاميركي لابداء معارضته لتسليم وزارة الصحة في شكل خاص الى الحزب ومن سماه الى هذه الوزارة فيما ان البعثات الديبلوماسية والاجهزة الاستخباراتية الخارجية اظهرت معرفتها بتفاصيل عن اشخاص كثر ليس متاحا للراي العام معرفتها تماما على غرار ما كشفته اسرائيل عن كل هيكلية الحزب وقيادييه وكل تفصيل يتعلق بهم وبتحركاتهم .

فهناك فيتو اميركي على تسلم الحزب حقيبة الاشغال بسبب من مسؤوليتها عن مطار بيروت والمرافق الحيوية وحقائب الاتصالات والدفاع والطاقة والصحة التي ستكون على تماس مع اتجاه لدى الحزب برز في الاونة الاخيرة على تشريع الادوية الايرانية في لبنان وامتلاك الوزارة داتا اللبنانيين كذلك ، الى جانب ترحيبها بعدم حصول الحزب على وزارة الخارجية كذلك.

والرسالة الاخرى من اورتاغوس كانت حول ايران على نحو لم يترك اي لبس حيال البعد الاقليمي المستمر في تاليف الحكومة وسعي ايران للتشويش على انطلاق المرحلة الجديدة في لبنان . والمؤشر الى ذلك ليس تصريحات المرشد الايراني علي خامنئي وترجمة ذلك عبر الامين العام للحزب نعيم قاسم الذي سماه المرشد ممثلا له في لبنان ، الذي يصر على خطاب استمرار " المقاومة " كما لو ان الحزب لم يقرأ او لم يوافق على اتفاق لوقف النار اراد ان ياخذ منه وقفا فعليا للحرب الاسرائيلية فحسب دون تنفيذ سائر البنود الاخرى من خلال الكلام على تمييز بين جنوب الليطاني وشمالا وعدم التزام تنفيذه تفكيك بنيته التحتية في جنوب الليطاني كذلك.

اورتاغوس وجهت الرسالة حول منع ايران من اعادة تمويل وكلائها في المنطقة ومنع تأكيد او توسيع نفوذها في المنطقة وفي لبنان تحديدا . وهي الرسالة الموجهة من ارفع منبر دستوري في لبنان في تحد لما تقوم به ايران التي اوفدت نائب وزير خارجيتها للشؤون القنصلية وحيد جلال زادة بيروت في 31 كانون الثاني الماضي من اجل الطلب من الحكومة اللبنانية أن "تحتضن وترعى الأخوة السوريين الذين نزحوا نتيجة المستجدّات إلى لبنان من سوريا، وعدد منهم من أصول إيرانية".

وهؤلاء يتعدى عددهم المئة الف ونزحوا من سوريا فيما يقول خامنئي ان هناك مجموعة من 110 اشخاص اعدتهم ايران للقتال في سوريا وعلى استعداد لمواجهة السلطات الجديدة فيها واستعادة نفوذها . وهذا يثير التساؤلات عما يجري في منطقة بعلبك الهرمل حيث يقيم هؤلاء والاشتباكات الاخيرة في الحاويك . كما حول اعادة اسرائيل قصف مناطق في البقاع او على الحدود بذريعة تهريب اسلحة كشفت السلطات في سوريا احباط عدة عمليات تهريب اسلحة الى الحزب يرجح انها كانت موجودة في مخابىء سرية لم تكتشف بعد.

ومع ان لا احد يناقش حيال رغبة اهل الجنوب الذين دمرت بيوتهم وقراهم بالعودة اليهم والضغط على اسرائيل للانسحاب منها ، فان لا احد يمكنه انكار وجود توظيف اساسي دافع من الحزب لاغراض او اهداف لا تتصل فحسب بالضغط على اسرائيل للانسحاب فعلا لا سيما ان بقاءها يساهم في تعزيز منطقه عن الحاجة الى استمرار " مقاومته" وتبريرها فضلا عن حماية مواقعه ومرتكزاته. فايران اظهرت عبر جملة هذه المؤشرات وفي ظل الضغوط والعقوبات الاميركية الجديدة الملازمة للكلام عن احتمال فتح باب التفاوض بينها وبين الادارة الاميركية رغبتها في تظهير امتلاكها القدرة وما يكفي من الاوراق لعرقلة انطلاق المرحلة الجديدة في لبنان او للتفاوض معها على ما يناسبها ويريحها.

(النهار اللبنانية)

يتم التصفح الآن