صحافة

"المشهد اليوم"...مفاوضات هدنة غزّة تصطدم بشروط نتنياهو الجديدةترامب يشن هجوماً لاذعاً على الرئيس الأوكراني والاحتلال تعمّد تدمير قرى وبلدات جنوب لبنان

عائلات الرهائن يحتجون خارج مقر إقامة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمناسبة مرور 500 يوم على أحداث 7 أكتوبر (رويترز)

تتسارع وتيرة المواقف السياسيّة العربية الداعية الى إعادة إعمار قطاع غزّة المنكوب دون تهجير الفلسطينيين من أرضهم، حيث لا يزال مقترح الرئيس الاميركي دونالد ترامب "الصادم" يحتل صدارة الاولويات ويترافق مع تحركات من قبل الوسطاء لدفع اسرائيل لاستكمال بنود الاتفاق والشروع في المرحلة الثانية من المفاوضات بغية الحفاظ على الهدنة الهشة ومنع العودة الى الحرب، وهو ما تعرقله تل أبيب، حتى اللحظة، بعدما وضعت على الطاولة 3 شروط رئيسيّة، وتشمل نزع سلاح "حماس" ونفي قادتها الى الخارج ومنع أي دور سياسي لها في مستقبل القطاع.

هذه الشروط "الألغام" يضعها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو على الطاولة لعرقلة المحادثات وتحميل الحركة مسؤولية ذلك، لاسيما أن عدم العودة الى الحرب سيسهم في تفكيك ائتلافه الحكومي. ومن هنا جاء اختياره وزير الشؤون الاستراتيجيّة رون ديرمر، المقرب منه، لقيادة فريق المفاوضات بدلاً عن رئيس الموساد ديفيد برنياع الذي وجه له بعض الانتقادات اللاذعة حول كيفية ادارته السابقة للتفاوض. وعلى الرغم من المرونة التي تبديها "حماس" التي وافقت على المطلب السياسي المتمثل بعدم مشاركتها في حكم القطاع، الا انها لن ترضخ لمطلب نزع سلاحها ونفي قادتها، ما يعني أن فرص استكمال التفاوض تبدو "ضعيفة جداً".

وفي تصريحات واضحة، رفضت الحركة الطرح الإسرائيلي الجديد، واصفة اياه بأنه "حرب نفسية سخيفة"، مؤكدة أن "أي ترتيبات لمستقبل قطاع غزّة ستكون بتوافق وطني". ويتزامن ذلك مع التسليم المرتقب لجثامين 4 إسرائيليين اليوم، للمرة الاولى، في وقت ينتظر أن يشهد يوم السبت على اطلاق سراح 6 رهائن "أحياء". وتدفع "حماس" باتجاه تسليم جميع الاسرى في المرحلة الثانية "دفعة واحدة وليس على دفعات في مقابل إطلاق سراح كل الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من سجون الاحتلال"، وفق ما نقله المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" طاهر النونو. ووفق مؤسسات حقوقية فلسطينية، تعتقل تل أبيب في سجونها أكثر من 10 آلاف فلسطيني، بينهم نحو 600 محكوم بالمؤبد.

الى ذلك، كشفت هيئة البث الإسرائيليّة أن نتنياهو قرر البدء رسمياً في مفاوضات المرحلة الثانية الأسبوع المقبل، على قاعدة "نزع سلاح "حماس"، لافتة إلى أن المفاوضات ستبدأ مع وصول المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إلى إسرائيل، دون تحديد موعد واضح. ويتوقع أن تنتهي المرحلة الأولى من تنفيذ الاتفاق، الأسبوع المقبل، فيما أشارت صحيفة "هآرتس" الى أن "نتنياهو يخشى انهيار حكومته، بسبب وقف الحرب، لذلك فإن مصلحته تقتضي استئنافها. وهو يفتش عن طريقة يتم فيها اتهام "حماس" بالمسؤولية عن إجهاض المفاوضات".

بدوره، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن "فلسطين ليست للبيع، ولن يتم التخلي عن أي شبر من أرض دولة فلسطين سواء في قطاع غزّة أو الضفة الغربية أو القدس، والتمسك بالشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية كأساس لأي حل سياسي للقضية الفلسطينية"، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا). ويأتي ذلك مع تشديد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مؤتمر صحافي مع رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز بمدريد، على "موقف القاهرة الثابت الداعي لضرورة التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزّة وتبادل الرهائن والاسرى وادخال المساعدات الانسانية"، وهو الموقف نفسه الذي تبنته الدوحة، خلال مؤتمر صحافي، أمس، جمع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مع الرئيس الايراني مسعود بزشكيان في طهران.

وبعد القدس والسعودية، حط وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في الامارات كآخِر محطات جولته الشرق أوسطية حيث كان على جدول اعماله التطورات في منطقة الشرق الأوسط، خاصة المستجدّات في الأراضي الفلسطينيّة المحتلة، والمساعي المبذولة تجاه الأزمة في قطاع غزّة وتداعياتها على السلام والاستقرار والأمن الإقليمي. وفي هذا الاطار، جدّد الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان موقف بلاده "الثابت الرافض لأي محاولات تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه"، مشدداً على ضرورة أن ترتبط عملية إعمار غزّة "بمسارٍ يؤدي إلى السلام الشامل والدائم الذي يقوم على أساس حل الدولتين".

أما لبنانياً، يستكمل الجيش انتشاره في القرى والبلدات بعد انسحاب الاحتلال الاسرائيلي منها، والذي استفاد من اتفاق الهدنة لتنفيذ عمليات تفجير ضخمة استهدفت المباني والممتلكات والاراضي وحولتها الى كومة حطام، ما يعني ان تقديرات عملية اعادة الاعمار ستكون اعلى بعد الكشف عن حجم الاضرار الجسيمة والدمار الهائل الذي تركه العدو خلفه. هذا ويحاول لبنان الرسمي جاهداً الدفع نحو خروج الاحتلال من كل الاراضي اللبنانية بعدما احتفظت لنفسها، بحسب ما نقلته صحيفة "الشرق الأوسط" عن مصادر أمنية واسعة الاطلاع، بسبعة مواقع، رغم الاعتراف بالبقاء في خمسة، ويبلغ أعمقها ثلاثة كيلومترات داخل الأراضي اللبنانية. ورغم الانسحاب، استكمل العدو انتهاكاته حيث شنّت مسيرة اسرائيليّة غارة على سيارة في بلدة عيتا الشعب ما ادى الى استشهاد شخص كما أفادت وزارة الصحة عن جرح شخصين في بلدة الوزاني نتيجة اطلاق جنود الاحتلال النار عليهما.

وعلى المقلب السوري، أظهرت مسودة إعلان اطلعت عليها "رويترز" أن الاتحاد الأوروبي قرر تعليق عدد من الإجراءات التقييدية "في مجالات الطاقة والنقل وإعادة الإعمار، إضافة إلى تسهيل التحويلات المالية والمصرفية المرتبطة بها". وأشارت المسودة ايضاً إلى أنه سيتم تمديد إلى أجل غير مسمى الإعفاء الإنساني الذي يسهل إيصال المساعدات الإنسانيّة. ومن المتوقع أن يناقش وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي ذلك خلال الاجتماع الذي يُعقد في بروكسل الاثنين المقبل. من جانب آخر، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن القيادة السورية الجديدة تدرك وجود مخاطر تهدد وحدة البلاد، معتبراً أن "الأهم هو منع تكرار ما وصفه بالسيناريو الليبي في سوريا". ومنذ الاطاحة بنظام بشار الاسد، تسعى دمشق لرفع العقوبات المفروضة عليها والتي تحدّ من قدرتها على النهوض الاقتصادي والبدء في مرحلة التعافي التي لا تزال تحتاج لوقت طويل.

وغداة الانتقادات الاوكرانية للمفاوضات الثنائية التي عُقدت بين الموفدين الاميركي والروسي لبحث انهاء الحرب في السعودية وبعد قرار الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي تأجيل زيارته الى الرياض كرسالة "احتجاج" على تحييد كييف من مناقشة مستقبلها والاتفاق على حسابها دون ضمانات أمنية قوية، شنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجوماً لاذعاً على نظيره الأوكراني الذي نعته بـ"ديكتاتور بلا انتخابات"، معتبراً أن الاخير دفع "الولايات المتحدة الأميركية لإنفاق 350 مليار دولار، للذهاب إلى حرب لا يمكن الفوز بها، ولم يكن ينبغي أن تبدأ".

واذ شدّد  ترامب على أن "هذه الحرب أكثر أهمية بالنسبة لأوروبا مما هي عليه بالنسبة لنا (لأميركا)"، قال ترامب "إن أوروبا فشلت في جلب السلام، وأن زيلينسكي قام بعمل فظيع، فبلده محطم، وتوفي الملايين دون داعٍ". ويزيد هذا "الانقلاب" في السياسة الاميركية مخاوف الدول الاوروبية التي تحاول التوحد للحفاظ على أمنها الجماعي رغم الخلافات الواسعة في وجهات النظر بينها. هذا ويلتقي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الرئيس الأميركي الاسبوع المقبل في واشنطن في اطار المساعي إلى تقريب وجهات النظر بين الأميركيين والأوروبيين بشأن أوكرانيا.

هذا وتنوعت عناوين ومقالات الصحف العربية الصادرة اليوم، وفي جولتنا الصباحية نرصد أهم ما ورد:

تحت عنوان "الانسحاب الناقص"، كتبت صحيفة "الخليج" الاماراتية "لم تلتزم إسرائيل بأي قرار دولي ولو لمرة واحدة، إذ اعتادت انتهاك كل القرارات الدولية، أو الالتفاف عليها وتفريغها من مضمونها في محاولة منها لتثبيت ما تراه حقاً لها في تجاوز القانون الدولي". وأضافت "لبنان لا يستطيع تحمل احتلال جديد لأراضيه والدخول مجدداً في مربع النار، بعدما عانى جنوبه طويلاً التهجير والتدمير. وعليه إن المجتمع الدولي ومعه الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار والقرار 1701 مطالبة بإلزام إسرائيل بالانسحاب من كل الأراضي اللبنانية حتى الحدود الدولية".

وشددت صحيفة "اللواء" اللبنانية على أن "مسار انطلاقة الدولة لن يتوقف عند رفض قوات الاحتلال الإسرائيلي الانسحاب الكامل من الجنوب،كما هو حاصل حاليا، لأن لبنان، سيوظف كل صداقاته للقيام بالتحركات وممارسة الضغوط اللازمة، لإجبار إسرائيل على الانسحاب الكامل"، محذرة من أن "يشكل بقاء الاحتلال الإسرائيلي، سبباً جوهرياً، وذريعة لتعطيل كل خطط تطبيق القرار 1701 واستمرار تمسك "حزب الله" بسلاحه غير الشرعي، ويسعى من خلاله لتكرار تجربة استباحة الدولة مرة جديدة، ولو تحت عناوين جديدة".

بدورها، أوضحت صحيفة "الأهرام" المصرية أن القاهرة "لن تواجه بمفردها ما يريده نيتانياهو ويتبناه، ويروج له الرئيس ترامب، فالمملكة العربية السعودية، وبقية الدول العربية يدركون تماما خطورة الموقف، وضرورة توحيد الصف العربي لمواجهته". وقالت "الوقوف في وجه الرئيس الأمريكي يجب ان يكون من منطق القوة وليس الضعف، ومصر تعلم ذلك جيدا ولديها اوراق مهمة واصطفاف شعبي لا يمكن الاستهانة به أو التقليل من شأنه".

ورأت صحيفة "الغد" الأردنية أنه "لا ينبغي التعامل مع ما طرحه ترامب كخطة، بل بتسميتها كما هي في التعريف القانوني والأخلاقي، وفي القانون الدولي واتفاقية جنيف، جريمة حرب، لا يجوز التعامل معها إطلاقا"، مشددة على أن "التهجير جريمة وليس خطة إعمار، والتهجير عمل يتنافى كليا مع التعمير، فلا إعمار بدون السكان أصحاب الأرض. والأكيد أن هناك حاجة لخطة إعمار لقطاع غزّة، ويمكن في هذا الصدد أن يكون على الطاولة عديد الخطط والمقترحات، لكن ليس من بينها ما ينص على نقل السكان أو إبعادهم عن ديارهم".

في غضون ذلك، أبدت صحيفة "القدس العربي" استغرابها من عدم رفع العرب، ممثلين في الجامعة العربية، سقف المطالب العربية، كما فعل الأمريكيون والإسرائيليون ولم يستخدموا آلية للتفاوض تتناسب مع أساليب البلطجة الترامبية والإسرائيلية"، مشيرة الى ان "المطلوب من العرب هو التمسك بالقوانين الأممية والدولية، التي تؤكد أن تهجير الفلسطينيين جريمة حرب، كما تؤكد على حق الفلسطينيين في تمثيل أنفسهم سياسيا وديمقراطيا، مما يجعل "حماس" جزءا من كياناتهم السياسية بالضرورة، وهو لا يتنافى بالتأكيد مع ضرورة الإصرار على دور للسلطة الفلسطينية في إدارة قطاع غزّة".

من جهة ثانية، لفتت صحيفة "الصباح" العراقية إلى أن بغداد لها "تخوفاتها الطبيعية المشروعة مع ما حدث في سوريا، وهذا الامر يفهمه النظام السوري الجديد الذي حاول تقديم التطمينات، الا ان ذلك لا يأتي بالكلام فقط والرسائل السياسية، انما بأفعال واضحة المعالم"، معتبرة أن "هذا الامر يمكن أن يتغير بشكل ملفت من خلال القمة العربية المقبلة التي ستجري في بغداد، بحضور المسؤولين السوريين، حيث إن المؤتمر سيكون اول حدث عربي كبير بحضور النظام السوري الجديد".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن