التهجير.. مشروع إسرائيل الكبرى

أي حديث عن التهجير سواء قسريا أو طوعيا للشعب الفلسطيني من أرضه، يعد بمنزلة تطهير عرقي وجريمة يعاقب عليها القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.. ويجب علينا رفض أي تناول من جانب مجرم الحرب نيتانياهو أو المسئولين في حكومة الإبادة الصهيونية، ولا حتى من جانب الولايات المتحدة، فالتهجير والدعوات التي تتحدث عن ترك الفلسطينيين للمغادرة من غزة طواعية والسماح لهم بالذهاب إلى دول أخرى، هي دعوات مرفوضة تماما..

وهنا السؤال: من الذي دمر غزة، وجعلها مكانا لا يصلح للحياة؟، أليس جيش الاحتلال الصهيوني وبدعم أمريكي كامل، وكل هذه الأفكار التي يتم طرحها ضمن المخطط الصهيو ـ أمريكي للقضاء على ما تبقى من حلم الدولة الفلسطينية التي تسعى لها معظم دول العالم، ليحصل الشعب الفلسطيني على دولته المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإذا نجحت الدعوات المتعلقة بالتهجير الطوعي ولو بنسبة 1% من سكان غزة يتم نقلهم أو اقتلاعهم من وطنهم وأرضهم بالقوة إلى دول أخرى بدعوى الملاذ الأمن، فإن المخطط لن يتوقف، بل سيستمر جيش الاحتلال في تدمير ما تبقى بالقطاع، لفرض الأمر الواقع وإجبار الشعب الفلسطيني على التخلى عن أرضه.

وهذا هو الخطر الذي يجب التصدي له، بل فضحه من خلال الإرادة الجماعية العربية سواء في القمة الطارئة التي ستعقد بالقاهرة خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان المبارك بعد تأجيلها لعدة أيام، لكي يكون لدى الدول العربية خطة طموحة تعمل مصر على وضعها بالتنسيق مع الأشقاء العرب والأصدقاء الأوروبيين، لتحظى بالتوافق، قبل طرحها على الجانب الأمريكي.

والدول العربية ملتزمة بحماية مصالحها الوطنية، في الوقت الذي يجب على الإدارة الأمريكية أن تحافظ على علاقتها مع الدول العربية، وعدم تعريض هذه العلاقات لأي فتور أو حتى صدامات، وفى ظل سعي الجميع للسلام والتعايش بين شعوب المنطقة، فلن يتحقق ذلك إلا في حالة وحيدة، وهي إقامة الدولة الفلسطينية، وهي السبيل الوحيدة التي ستجعل إسرائيل تتعايش مع شعوب المنطقة، ويتم قبولها بدلا من حالة الكراهية والجفاء التي ستستمر في ظل ما تقوم به إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة من قتل وتدمير وتهديد لجيرانها.

وهذه السياسات الصهيو ـــ أمريكية، لن تحقق السلام أبدا، وربما كانت هناك خيبة أمل لدى العرب الذين كانوا سعداء بوصول ترامب للسلطة لكن المفاجأة التي أغضبت كل من أيد الجمهوريين هي حالة التربص والعداء التي انتهجها الرئيس الأمريكي بعد عدة أيام من توليه السلطة وتبنيه المخطط الصهيوني، القائم على حتمية تهجير الفلسطينيين من أرضهم التاريخية، وتحول ترامب من الدعوة للسلام إلى دعوات للحروب والتطهير العرقي وإيجاد توترات وصراعات تهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط بأكمله، ففي حالة إجبار الفلسطينيين على ترك أرضهم وتهجيرهم تحت أى مسمى، سيؤدي ذلك إلى صراعات تمتد لكل دول العالم، ولن تنجو منها دولة بما فيها الولايات المتحدة، فستكون مصالح الدول معرضة لخطر حقيقي وتهديدات.

ونحن اليوم أمام المخطط الصهيو ـــ أمريكي، الذي يهدف إلى التصفية النهائية للقضية الفلسطينية، وهو ما يتطلب من العالم العربي كله التوافق على موقف موحد، لمواجهة مشروع تصفية القضية، الذي يأتى ضمن مراحل مخطط إسرائيل الكبرى، لن يكون هناك تنازلات عربية تلغي الوجود الفلسطيني، ولن يكون هناك تنازلات ومكاسب تريد الولايات المتحدة تحقيقها لمصلحة دمج الكيان الصهيوني في المنطقة دون الذهاب إلى حل الدولتين.

ومن الواجب التحدث مع الولايات المتحدة بشفافية لتعيد حساباتها، وأن تكون دولة وسيطة للسلام العادل، دون هذا الانحياز الأعمى، وتبني المخططات الإسرائيلية، والترويج لها وكأنها أمريكية ـ إن موقف الدولة المصرية سيظل الداعم والمساند للقضية الفلسطينية، ومصر لم ولن تتخلى في أى وقت عن هذه الالتزامات وثوابتها ومبادئها نحو الأشقاء في فلسطين، وتحملت مصر الكثير من الضغوط، وسوف تتحمل أي تبعات لمواقفها الثابتة والرافضة للقضاء على الشعب الفلسطيني، وتصفية قضيته، ومع مستوى علاقاتنا الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، لكننا نرفض أي إجراءات أو مخططات تهدد الأمن القومي المصري، ودائما القرارات المصرية مستقلة وحرة، ولم تخضع في أي مرحلة لتبعية هذه الدولة أو تلك، فالتحرك المصري دائما يستهدف مصالح مصر وشعبها دون إملاءات أو شروط، .

(الأهرام المصرية)

يتم التصفح الآن