الحرب الأميركية على الحوثيين: ما هو مستقبل الصراع؟

اليمن - محمد الغباري

المشاركة

مع انقضاء ثلاثة أسابيع على بدء الغارات التي تنفّذها الولايات المتحدة ضدّ مواقع لجماعة الحوثي في اليمن، يتساءل الكثيرون عن مستقبل هذه الجماعة وأيّ مصير ينتظرها بعد عشر سنوات من الحرب الداخلية وسيطرتها على أجزاء واسعة من شمال البلاد.

الحرب الأميركية على الحوثيين: ما هو مستقبل الصراع؟

في بداية الغارات التي افتُتح بها العهد الجديد للرئيس الأميركي دونالد ترامب، طُرِحَ النموذج الذي اتّبعته إسرائيل مع "حزب الله" اللبناني كخيارٍ مفضّلٍ لأنه الاقلّ كلفة، فالقضاء على قيادة الصفّ الاوّل لدى الحوثيين سيؤدي إلى إضعاف قدرة الجماعة وضرب آخر "أذرع" إيران القوية في المنطقة. ورأى المحلّلون أنّ ذلك هو الأقرب للتحقّق لأسبابٍ متعلّقةٍ بالبُعد الجغرافي والتفوّق العسكري والتقني الأميركي، لكنّ حصيلة أسابيع من الغارات لم تُقدّم مؤشرات حاسمة إلى فاعلية هذا الخيار على الاقلّ في الوقت الحالي!.

من الواضح أنّ الحوثيين قد خسروا العشرات من مقاتليهم وأنّ الضربات الأميركية استهدفت مخازن أسلحة ومواقع إطلاق للصواريخ والطيران المُسيّر لم تُستهدَف من قِبَل الإدارة الأميركية السابقة، لكنّ كل المعلومات المتوفّرة تؤكّد أنّ الخسائر البشرية في الغالب لا تزال في إطار الصفّ الثاني للقيادات الحوثية ومعظمها في صفوف المقاتلين، حتّى مسؤول أنظمة الصواريخ الذي ذكرت واشنطن أنّه قُتل لم تتمكّن من كشف هويته حتّى الآن.

يُمكن القول إنّ الخيار الأوّل قد فشل حتى الآن لأسبابٍ مرتبطةٍ بطبيعة عمل الجماعة الحوثية التي تنتهج حرب العصابات وتتحرّك وفق احترازات أمنيّة مشدّدة، ساعد على فاعليّتها تحكّمها المُطلق إداريًا واجتماعيًا وسياسيًا بمحافظة صعدة التي تبلغ مساحتها أربعة أضعاف مساحة لبنان، إلى جانب التضاريس الجبليّة التي وفّرت ولا تزال توفّر للحوثيين أماكن آمنة من الاستهداف وتحمي مخزون أسلحتهم ومراكز القيادة وتُجنّبهم الاختراقات الأمنية التي يمكن وقوعها في أماكن أخرى.

ولأنّ الإدارة الأميركية الجديدة تهدف من عملياتها العسكرية ضد الحوثيين - وفق مراقبين محليين - إلى ممارسة أقصى الضّغوط على إيران لإرغامها على الدخول في محادثات جديدة بشأن برنامجها النووي، فإنّ المضي في تدمير الحوثيين أو إنهاء القوّة التي يتّكئون عليها في مواجهة خصومهم المحليين وفي الإقليم لا يبدو أنّها مطروحة.

ومع إلحاح الحكومة اليمنية المعترَف بها دوليًا على واشنطن لإشراكها في المواجهة من خلال دعم عمليةٍ بريةٍ تنتزع من خلالها مدينة وميناء الحديدة من سيطرة الحوثيين والذي سيؤدّي بدورِه إلى انتزاع آخر وجود للحوثيين على السواحل، فإنّ الإدارة الأميركية لا تزال حتى هذا الوقت تنأى بنفسها عن الصراع الداخلي في اليمن وتؤكّد بشكل متواصل أنّها تسعى إلى وقف الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر فقط!.

وفي ظلّ هذه التطورات ودفع الولايات المتحدة بالمزيد من قوّاتها إلى المنطقة وبدء قنوات التواصل الديبلوماسي بين طهران وواشنطن تمهيدًا لمحادثات مباشرة، يعتقد قطاع عريض من اليمنيين أنّ الصفقة التي سيتم إبرامها بين العاصمتيْن ستلقي بظلالها على الحالة اليمنية باعتبارها امتدادًا للصراع على النّفوذ في المنطقة.

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن