صحافة

"المشهد اليوم".. إسرائيل تُطبق على رفح وإيران مرتاحة للمحادثات الأميركية!الرئيس اللبناني في ذكرى الحرب الأهلية: أي سلاح خارج الدولة يُعرّض مصلحة لبنان للخطر

جانب من لقاء جمع وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي بنظيره الإيراني عباس عراقجي في مسقط قبيل انطلاق المفاوضات الأميركية - الإيرانية (رويترز)

من مسقط، توالت التصريحات عن أجواء "ايجابية وبناءة" خيمت على المحادثات الرفيعة المستوى التي عُقدت بين الولايات المتحدة وايران في عهد الرئيس دونالد ترامب، الذي نفسه انسحب في العام 2018 من الاتفاق النووي خلال ولايته الأولى. تغيرات جذرية وتبدلات اقليمية حصلت منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا، فالظروف التي اتاحت الصفقة السابقة لم تعد هي نفسها اليوم، بل طرأ عليها الكثير من التطورات السياسية والتي حضرت على طاولة المحادثات التي جمعت وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي بمبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

 الجولة الاولى من المحادثات التي استغرقت ساعتين ونصف الساعة أفضت الى الاتفاق على عقد جولة أخرى يوم السبت المقبل في 19 نيسان/ أبريل الجاري لوضع "الأطر العامة للاتفاق المحتمل"، بما يشي بوجود نوايا جدية للتوصل الى اتفاق ما يعلي الحل الدبلوماسي على حساب العسكري رغم تهديدات الرئيس ترامب مرارًا وتكرارًا بوضع هذا الخيار على الطاولة في حال فشل المساعي الحالية. وتكمن أهمية هذه المحادثات بأنها تأتي في ظروف استثنائية تمر بها المنطقة مع تشعب الملفات وتعقدها، لاسيما أن معظمها يرتبط بطهران بشكل مباشر أو غير ومباشر.

وهذه الملفات نفسها هي التي دفعت ايران للجلوس على الطاولة لتبعد عنها تجرع مرارة "نفس الكأس" الذي طال الأذرع المحسوبة عليها في المنطقة، خاصة انها تجد نفسها محاصرة من كل حدب وصوب بعد الضربات الاسرائيلية التي أسهمت بتبدل موازين القوى واعتماد ترامب سياسة "الضغوط القصوى" وتفعيل العقوبات التي تستهدفها ما أنهك اقتصادها المتأزم وضاعف من أزماتها الداخلية. وبين عوامل خارجية ضاغطة واخرى داخلية، وجدت ايران نفسها في مأزق بعد رسالة ترامب الاخيرة والتي وضعها بين خيارين، أحلاهما مرّ، فإما التفاوض بشأن برنامجها النووي الذي يشهد تقدمًا سريعًا وإما توقع ضربات عسكرية "غير مسبوقة".

فعلى وقع طبول الحرب التي تُقرع، اختارت طهران الديبلوماسية على ما يبدو، وهو ما عكسه تصريح الوزير عراقجي للتلفزيون الايراني حين لفت الى أن الطرفين أكدا رغبتهما في التوصل إلى اتفاق في أقصر وقت ممكن، و"هذا ليس سهلًا ويحتاج لإرادة الطرفين"، مضيفًا: "تبادلنا حديثا لعدة دقائق مع الوفد الأميركي قبل مغادرة مقر المحادثات، فنحن في تعاملنا مع الدبلوماسيين الأميركيين نراعي اللباقة الدبلوماسية". وفيما أصرت طهران على ان المحادثات ستبقى بشكل غير مباشر، كررت واشنطن وصفها للمحادثات بأنها مباشرة. وبغض النظر عن شكلها، فإنها في المضمون تعتبر خطوة الى الامام يمكن أن يعول عليها، اذا لم يطرأ انعكاسات تؤثر على ما بدأ اليوم في سلطنة عُمان مع استمرار وجود الكثير من الملفات العالقة بين الطرفين.

هذا ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول إيراني قوله إن المرشد علي خامنئي منح وزير الخارجية "الصلاحيات الكاملة" في المحادثات. بينما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية نقلًا عن مسؤولين قولهم، إن إيران طالبت الوفد الأميركي بالسماح لها بالوصول إلى مليارات الدولارات المحتجزة في الخارج. كما بإنهاء الضغوط الممارسة على المشترين الصينيين للنفط الإيراني بوصفه جزءًا من تخفيف أوسع للقيود، بالمقابل أبدات استعدادها للعودة إلى مستويات التخصيب النووي المسموح بها بموجب اتفاق عام 2015.

التطورات الشديدة الاهمية الآتية من العاصمة العُمانية، لم تمنع من تصدّر المشهد الغزاوي سلّم الاحداث خصوصًا بعد إعلان إسرائيل عن انهاء تطويق رفح بالكامل وضمها لـ"المنطقة الأمنية" وإنشاء محور "موراج"، الذي يفصل بين المدينة وخان يونس جنوب غزة، مع تهديدها بتوسيع الهجوم في الأيام القليلة المقبلة في اطار زيادة الضغوط على "حماس" وتحويل القطاع الى مكان غير صالح للسكن بما يحقق رغبة تل أبيب بتهجير الفلسطينيين والذي يتزامن مع شح المساعدات الغذائية وارتفاع جنوني لاسعارها مما يزيد من معاناة سكان القطاع الذين يواجهون التجويع والتعطيش وأوامر الاخلاء المستمرة.

تزامنًا مع هذه المعطيات الميدانية، تتكثف المساعي للتوصل الى هدنة في القطاع المُحاصر والمنكوب، حيث أشارت المعلومات عن توجه وفد من حركة "حماس" برئاسة خليل الحية لاجراء محادثات جديدة مع المسؤولين المصريين بشأن وقف إطلاق النار. وكانت الحركة أكدت أن "المعادلة واضحة" تتمثل بـ"إطلاق الأسرى الإسرائيليين مقابل وقف الحرب، العالم يقبلها ونتنياهو يرفضها"، محذرة من أن "كل يوم تأخير يعني مزيدًا من القتل للمدنيين الفلسطينيين العزل، ومصيرًا مجهولًا لأسرى الاحتلال". وفي السياق عينه، بثت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لـ"حماس" تسجيلًا مصورًا للجندي الإسرائيلي الأسير عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأميركية، يتهم فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالتخلي عن الأسرى وعرقلة صفقة التبادل كما يحمل المسؤولية للادارة الاميركية والجيش.

في غضون ذلك، تتزايد التحذيرات من مفاقمة الاوضاع الانسانية في اليمن بعد قرار الحكومة الأميركية وقف المساعدات الخارجية بما يعرض حياة الملايين الى الخطر، وفق ما أعلنته "منظمة العفو الدولية"، التي نبهت الى ان الفئات الاكثر ضعفًا وتهميشًا ستكون من أبرز المتضررين من هذا القرار، لاسيما أن أميركا تعتبر من أكبر المانحين حيث قدمت دعمًا بقيمة 768 مليون دولار في عام 2024، وهو ما يُمثّل نصف خطة الاستجابة الإنسانية المُنسقة. وفي الميدان، نقلت وسائل تابعة للحوثيين أن مقاتلات أميركية شنّت غارات على عدة مواقع في مختلف أنحاء البلاد ملحقة اضرارًا جسيمة بالممتلكات العامة والخاصة.

أما لبنان، فقد أحيا الذكرى الخمسين لاندلاع الحرب الأهلية، التي توافق 13 نيسان/أبريل منذ عام 1975، في زمن تواجه البلاد تحديات جسيمة ومخاطر محدقة. وبحسب استطلاع رأي أجرته صحيفة "النهار" بالتعاون مع مؤسسة "الدولية للمعلومات" كشف عن أن أكثر من نصف اللبنانيين قلقون من عودة الحرب بدرجات متفاوتة. وبالتالي، فإن مرد هذا القلق يتجلى من خلال التهديدات الاسرائيلية المستمرة وخرقها سيادة لبنان كما مع تداعيات الضغوط المُمارسة لنزع سلاح "حزب الله". وفي السياق، أكد الرئيس جوزاف عون أن الكل "مُجمع على أن أي سلاح خارج الدولة أو خارج قرار الدولة يمكن أن يعرض مصلحة لبنان للخطر". وقال: "آن الأوان لنقول جميعًا لن يحمي لبنان إلا دولته وجيشه والقوى الأمنية الرسمية".

الملفات المتداخلة والمفتوحة على مصراعيها كانت عنوان اهتمام وتركيز من قبل الصحف العربية الصادرة اليوم، حيث نورد:

أوضحت صحيفة "عُمان" العُمانية أنه "ورغم أن لقاء واشنطن بطهران ليس الأول من نوعه، ولا يبدو أنه سيكون الأخير، إلا أنه يأتي هذه المرة في ظروف شديدة التعقيد سواء في توقيته أو في رمزية الشخصيات التي تمثل طرفي التفاوض، وفي طبيعة الرهانات التي تتجاوز مجرد ملف نووي تقني لتطال بنية التوازن الإقليمي والعالمي"، مشددة على أن المفاوضات هي أقرب أن "تكون اختبارًا أخلاقيًا أكثر من كونها اختبارًا دبلوماسيًا لترامب من جهة ولإيران من جهة أخرى. ولكنها فرصة استثنائية لتجنب حرب جديدة، ومناسبة لإعادة التفكير في أسس العلاقات الدولية".

في سياق منفصل، عددت صحيفة "الخليج" الاماراتية الأسباب التي تدفع الجانب الأميركي الى "انهاء" أو "تجميد" حرب غزة "خدمة لمصالحه وأهدافه، ومنها توفير أسباب نجاح المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، وتهدئة المنطقة حيال تداعيات حرب الرسوم الجمركية، إضافة إلى تهيئة الأجواء لزيارة ترامب إلى المنطقة الشهر المقبل"، معتبرة أن "الحديث الأمريكي والإسرائيلي المتواتر عن صفقة بشأن غزة قد ترى النور قريباً، لا يمكن الوثوق به حتى يصبح منجزًا على الأرض، لأن دوافع مثل هذه الصفقة ليست واضحة المعالم".

صحيفة "الأهرام" المصرية ركزت على أن "إسرائيل لا يمكن أن تسعى لامتلاك جميع عناصر القوة بمفردها تحت أي مبررات وتستخدمها كيفما تشاء، بينما ترفض أن تسعى دول المنطقة إلى امتلاك نفس مظاهر القوة للحفاظ على أمنها القومي ولحماية السلام الذي تنشده أيضاً"، منبهة من أنه "أما إذا استمر النهج الأمريكي الإسرائيلي المتبني مشروع التهجير، سواء في غزة أو الضفة الغربية، فإن المنطقة لن تنعم بالاستقرار مطلقاً دون الحل العادل للقضية الفلسطينية".

وأكدت صحيفة "الدستور" الأردنية أنه "لا يمكن السكوت او الصمت على جرائم الاحتلال واستمرار مواصلة الحرب خاصة في ظل استمرار حكومة الاحتلال فرض حصارها على قطاع غزة وعرقلتها لكل الجهود الدولية الداعية الى إحياء عملية السلام ورفضها لوقف الحرب"، داعية المجتمع الدولي الى "تكثيف جهوده من اجل ضمان تطبيق كل مراحل اتفاق وقف إطلاق النار وضمان التهدئة الشاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة والإسراع في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية والعمل على تدفق وإدخال المساعدات العاجلة للقطاع".

من جهتها، كتبت صحيفة "الراية" القطرية "يبدو أن ترامب يرى في تركيا حليفًا جديدًا وقويًّا، وبالتالي فإن تهديدات نتنياهو لا تهمه كثيرًا، وما يشغل ترامب هو من يأتي بالمنفعة أو الضرر لاميركا"، آملة في أن "يتيحَ هذا التقارب لتركيا فرصة لإظهار مدى ابتعاد إسرائيل عن العقلانية في قضية غزة. فهل يستطيع ترامب أن يُعلِّم إسرائيل معاني العقلانية وتطبيقها في قضية غزة؟، وفق تساؤلاتها.

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن