العرب في

رغم التحولات الجذرية في عالم اليوم، ثمّة من يصرّ على أنها لن تمسّ من هيمنة المعسكر الغربي على العالم، ولسنا نجادل في أمر هذه القوة، ولكن ما من شيء في الدنيا باقٍ على حاله إلى الأبد، بما في ذلك أحوال الأمم، فما أكثر الأمم التي كانت في صدارة الحضارة في مراحل من التاريخ، ثم تراجعت، وفقدت ما كان لها من تأثير، والسيناريوهات مختلفة، فقد يحدث ذلك بسرعة مدوية نتيجة لكارثة أو هزيمة مدوية في حرب، وقد يحدث بالتدريج، حين تتآكل عناصر القوة وتذوي، حتى تغيب، وبالمثل هناك أمم كانت ضعيفة ومهمشة وخاضعة لسيطرة مَنْ هُمْ أقوى منها، تمكنت بعزيمتها وبرؤيتها المستقبلية بعيدة المدى من أن تتجاوز ما كانت عليه من ضعف، وتتقدم نحو الصدارة أو نحو ما يقود إلى هذه الصدارة، وتساءلنا هنا، مرةً، عما إذا كان بوسع ما كانت تعدّ أطرافاً من الدول أن تغدو مركزاً، ورجحنا أن هذا حدث ويحدث.

لنا في مجموعة «بريكس» مثال، وقدّمت قمتها الأخيرة في جنوب إفريقيا أدلة على أن دول المجموعة في حال صعود، لتغدو منافساً جدياً لمجموعة السبع التي ينظر إليها على أنها نادي الأغنياء، فقمة جوهانسبورغ ناقشت تقليص هيمنة الدولار على نظام المدفوعات الدولية من خلال اعتماد التبادل التجاري بالعملات المحلية، وصولاً إلى إنشاء عملة مشتركة، وكان الخبر الأبرز هو قبول ست دول كأعضاء في المجموعة، بينها الإمارات والسعودية ومصر، ما زاد عدد أعضاء المجموعة أكثر من الضعف، وهناك إجماع لدى من يتحلى بالموضوعية من خبراء السياسة والاقتصاد، على أن هذا التوسع سيعود بمنافع كبيرة على اقتصادات جميع الأعضاء، السابقين والجدد، وعلى الاقتصاد العالمي عامة، فبمقدار ما ستضيفه الدول التي قبلت عضويتها من قوة اقتصادية للمجموعة، فإنها بدورها ستجني منافع تُسهم في تطوير اقتصاداتها.

تولي «بريكس» اهتمامها الأساس إلى التعاون الاقتصادي، وتسعى إلى النأي عن نهج الإملاءات السياسية الذي اعتادته الدول الغربية في علاقاتها مع حلفائها، ومنح هذا النهج «بريكس» جاذبية؛ كونه يتيح للدول الأعضاء فضاءً من استقلالية القرار في عالم سريع التحوّل، وإعادة التشكلّ في صورة جديدة غير تلك التي سادت ما بعد الحرب العالمية الثانية، واستمرت حتى بعد انتهاء ما عرفت بالحرب الباردة، التي انبعثت في صورة أشدّ ضراوة، كما تكشف ذلك الحرب الطاحنة في أوكرانيا.

انضمام ثلاث دول عربية مهمة، الإمارات والسعودية ومصر، إلى «بريكس» يجعل التمثيل العربي فيها وازناً، ويفتح لبلداننا آفاقاً واعدة، تعزز مكانتها في راهن العالم ومستقبله.

("الخليج") الإماراتية

يتم التصفح الآن