صحافة

"المشهد اليوم"…الأردن يطوي صفحة "الإخوان" وعباس يهاجم "حماس" ايران تطلب دعم الصين في مفاوضاتها مع واشنطن ودمشق تجدد مطالبتها رفع العقوبات

من تطويق أجهزة الأمن الأردنية المقار الخاصة بجماعة "الإخوان" تمهيدًا لإغلاقها (وكالات)

في خطوة حاسمة ووسط محيط مشتعل بالازمات والحروب، لاسيما في دول الجوار، أعلنت وزارة الداخلية الأردنية عن حظر أنشطة جماعة "الإخوان المسلمين" داخل المملكة ومصادرة أموالها واعتبارها "جمعية غير مشروعة". وشدد وزير الداخلية الأردني مازن الفراية، في مؤتمر صحفي عقده، على أن الترويج لأفكار الجماعة بات أمرًا محظورًا ويخضع للمساءلة القانونية، مؤكدًا أن أي نشاط يُنسب للجماعة، بغض النظر عن طبيعته يُعد انتهاكًا للقانون ويستوجب المحاسبة.

وتزامن هذا الاعلان مع تحرّك أمني واسع شهدته العاصمة عمان وعدد من المحافظات، حيث طوقت أجهزة الأمن المعنية المقار الخاصة بالجماعة تمهيدًا لإغلاقها. ويتزامن هذا التطور مع اعلان السلطات الأردنية تفكيك شبكة يُشتبه ان أعضائها ينتمون الى "الإخوان المسلمين" والقاء القبض على عدد منهم بعد توجيه تهم تتعلق بالتخطيط لتنفيذ أنشطة غير قانونية تهدف لزعزعة أمن البلاد واستقرارها. يُذكر أن "جبهة العمل الاسلامي"، الذراع السياسية لجماعة "الاخوان"، عززت وجودها في البرلمان بعدما حصدت في الانتخابات الاخيرة، التي جرت في 10 أيلول/ سبتمبر 2024، على كتلة وازنة تتألف من 31 نائبًا، ما اعتبر حينها انتصارًا كبيرًا لـ"الاخوان".

هذا وقد ساعدت الحرب على غزة والمواقف التي اتخذتها جماعة "الاخوان" في استقطاب شرائح جماهيرية واسعة والتأثير على المزاج العام، والذي بموجبه تمكنت من الحصول على كتلة نيابية وازنة، ستكون في الايام القليلة المقبلة محل مساءلة خاصة بعد مطالبة عدد من النواب الى اتخاذ اجراءات تشريعية حاسمة ضد الجماعة. وفي السياق، طالبت حركة "حماس" بالإفراج عن المتهمين في القضية، وعدّت أن "أعمالهم جاءت بدافع النصرة لفلسطين... دون أن تستهدف بأي حال من الأحوال أمن الأردن"، وهو ما تعتبره عمان مرفوضًا جملة وتفصيلًا في سياق الحفاظ على أمن البلاد وسيادتها.

ومع استمرار آلة القتل الاسرائيليّة، رفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس من حدة خطابه تجاه حركة "حماس" موجهًا إليها بعض الشتائم في سياق دعوته الى تسليم المحتجزين الاسرائيليين لديها و"سدّ ذرائع" الاحتلال الذي يتسبب يوميًا بسقوط مئات القتلى، كما دعاها الى تسليم سلاحها للسلطة والتحول الى حزب سياسي. كلام عباس جاء خلال افتتاح الدورة الـ32 للمجلس المركزي الفلسطيني في رام الله وسط تغيّب عدد كبير من الفصائل وعلى رأسها حركة "حماس" و"الجهاد الاسلامي". في المقابل، استدعت كلمة عباس الكثير من ردود الفعل الشعبية، وانقسمت الآراء بين داعم لمضمونها ورافض لما ورد خاصة بظل الظروف المأساوية التي يمر بها أهل غزة، ما كان يستدعي موقفًا اكثر صرامة تجاه العدو الاسرائيلي وانتهاكه لكل المواثيق والاعراف الدولية.

وبينما لم يصدر اي موقف رسمي عن "حماس"، شنّ عضو المكتب السياسي للحركة باسم نعيم، هجومًا عنيفًا على الرئيس الفلسطيني، معتبرًا ان خطابه "ينزع الذرائع عن إسرائيل التي تقوم بعمليات تهويد واستيطان وضم للأراضي بالضفة والقدس، وتنفذ انتهاكات بحق الفلسطينيين بالضفة، وتدمر البيوت، وتعتقل الآلاف لشطب الوجود الفلسطيني بشكل نهائي". الى ذلك، تتكثف وتيرة التحركات واللقاءات السياسية في المنطقة، لاسيما مع استمرار الحرب على غزة والتي كانت على طاولة البحث الى جانب عدد أخر من القضايا خلال اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بن الحسين. ويطغى الملف الغزاوي على ما عداه رغم كل الجهود المبذولة لاستئناف قرار وقف النار، والذي لا يزال معلّقًا بسبب رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو القبول بأي من المقترحات التي تم تقديمها في الأونة الاخيرة واستكمال الحرب بهدف الضغط على "حماس".

وفي معرض حديثه، قال نتنياهو، خلال إحياء ذكرى الهولوكوست، "لقد غيّرنا وجه الشرق الأوسط. كل من خشي أن نواجه محرقة أخرى بعد مذبحة 7 أكتوبر رأى كيف قلبنا الموازين. في يوم ذكرى المحرقة هذا، أعدكم بأن الضغط العسكري على "حماس" سيستمر. سندمر جميع قدراتها. سنعيد جميع رهائننا". ويتمسك نتنياهو بنظرية تحقيق الانتصارات في غزة رغم ان الاهداف التي رفعها في اليوم الاول للحرب لم يتحقق أي منها، بل على العكس أثبتت المعطيات ان التفاوض الدبلوماسي هو الذي اسهم بخروج الرهائن وان "حماس" لا تزال تمتلك العديد من اوراق القوة رغم الخسائر الكبيرة التي مُنيت بها.

على صعيد موازٍ، حث وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، في بيان مشترك، امس، على ضرورة العودة إلى وقف إطلاق النار بقطاع غزة وضمان تدفق المساعدات. المناشدات الاوروبية تزامنت مع اجتماع اخر عقده وزراء الخارجية العرب بالجامعة العربية، بالقاهرة، طالبوا فيه بضرورة وقف حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل. ويعول الفلسطينيون كما الوسطاء اليوم على زيارة ترامب الى المنطقة الشهر المقبل من أجل ارساء هدنة مؤقتة او طويلة الامد من خلال الضغط على طرفي النزاع. ويأتي الاعلان عن زيارة ترامب، في وقت تستمر مشاورات وفد حركة "حماس" في القاهرة دون أن يصدر حتى الأربعاء أي تفاصيل رسمية بشأن مداولاتها. فيما من المتوقع وفق عدة وسائل اعلامية اسرائيلية أن ترسل تل أبيب وفداً خلال الأيام المقبلة لإجراء محادثات مع الوسطاء في إطار جهود التهدئة والتوصل إلى اتفاق.

ومن القاهرة الى دمشق، جدَّد الرئيس السوري أحمد الشرع مطالبته الولايات المتحدة برفع العقوبات بشكل دائم عن بلاده، وقال إنها "فُرضت على نظام ارتكب جرائم ضد السوريين، وهذا النظام لم يعد يتولى السلطة"، مشددًا على أن "هذه العقوبات تعوق حكومته وقدرتها على إعادة بناء اقتصادها". وترزح الادارة السورية الجديدة تحت وابل من الضغوط والتحديات الداخلية التي تترافق مع أخرى خارجية رغم مساعيها الجادة والدؤوبة الى ارساء الاستقرار واستعادة ثقة الخارج بعد حرب طويلة دمرت مقدرات البلاد وقطاعاته الانتاجية وحولت سوريا من دولة قوية الى دولة مفككة ضعيفة تعيث فيها المليشيات الخراب والدمار.

في إطار متصل، طلبت إيران دعم الصين في المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي، وذلك قبيل انعقاد الجولة الثالثة من المحادثات السبت المقبل بوساطة عُمانية. وبعد موسكو حط وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي في بكين حيث وضع المسؤولين بأبرز نتائج المفاوضات النووية مع واشنطن، مثنيًا على "الدور الايجابي والبنّاء" الذي تلعبه الصين بشأن سبل دعمها للعملية التفاوضية مع الولايات المتحدة، مشددًا على أنه "من المبكر إصدار حكم نهائي بشأن المحادثات…نحن متفائلون بحذر".

على المقلب الدولي، لا تزال الحرب الاوكرانية مستمرة رغم الضغوط التي يمارسها الرئيس ترامب ولاسيما على الرئيس فولوديمير زيلينسكي الذي اعتبر ان التعامل معه أصعب من التعامل مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وكان الرئيس الاميركي وضع مسودة اتفاق نهائية تضمن اعترافًا بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم ورفع العقوبات عنها، ما اعتبر انتصارًا كبيرًا لموسكو على حساب كييف ووحدة اراضيها. ميدانيًا، شنّت القوات الروسية فجر اليوم هجومًا على العاصمة كييف ومدينة خاركيف ما اوقع قتيلين و54 مصابًا على الاقل، بينهم أطفال.

وعلى وقع الكوارث الطبيعية التي هزت العالم أمس من زلزال اسطنبول الذي أسفر عن اصابة أكثر من 230 شخصًا الى جبل سيميرو في اندونسيا الذي شهد ثورانًا بركانيًا وصولًا الى اندلاع حرائق غابات واسعة في نيوجرسي الأميركية ما ادى الى اجلاء الآلاف من السكان، ركزت الصحف العربية الصادرة اليوم بمعظمها على القرار الاردني بطي صفحة "الاخوان":

كتبت صحيفة "الخليج" الاماراتية "ربما تأخر الأردن في حظر "جماعة الإخوان" على أراضيه، كي يعطيها فرصة للمراجعة، وإعادة حساباتها السياسية، ونهجها وفكرها المتطرف، بما يتناسب مع مصلحة الوطن واستقراره وأمنه، لكن الفكر الضال يبدو عصياً على ألا يكون كما هو". وأضافت "لقد وقع "إخوان الأردن" في شر أعمالهم، ودفعوا ثمن خيانتهم للوطن الذي منحهم فرصة للتوبة، والعودة إليه، لكنهم كما اعتادوا عليه من نكران وحقد، واصلوا العمل في الأقبية والدهايز، التآمر والتخطيط للتخريب".

القرار نفسه عنونت عليه صحيفة "الدستور" الاردنية التي أكدت أن "الادعاء بأن السلاح موجه للمقاومة في فلسطين، مرفوض جملة وتفصيلا، فهذا فضلًا عن كونه كذبًا، ينطوي على محاولة اللعب بعواطف الناس"، وتابعت: "بينما حزبها (في اشارة الى "جبهة العمل الاسلامي") ينشط في مؤسسات الدولة كانت حاضنته وجماعته من "الاخوان المسلمين" تسكن الأرصفة والشارع تحريضًا وتأليبًا على الدولة بحجة القضية الفلسطينية التي ما سلمت من كذبهم ومتجارتهم".

صحيفة "الغد" الأردنية، من جهتها، نبهت الى أنه "لا يمكن لنا قراءة ما آلت إليه الأمور دون أن نستعرض تاريخ جماعة "الاخوان" في دول المنطقة، وكيف أن سلوكها الانتهازي، وعدم ترددها في انتهاج العنف والإرهاب، كشف زيف خطابها المعلن، وأدى إلى انفضاض الجماهير من حولها"، داعية الشعب الاردني الى "أن يضعوا نقطة في آخر سطر هذه الجماعة التي لم تكن منطلقاتها وطنية خالصة في أي يوم من الأيام".

بدورها، اعتبرت صحيفة "الأهرام" المصرية الى أن الرئيس ترامب يحتاج إلى هذه الجولة الشرق أوسطية "ليطلع على ما يجري في المنطقة عن كثب ويسمع من قادتها مباشرة، وما يمكن أن يفضي إليه الوضع الراهن من انعكاسات سلبية على المصالح الأمريكية"، وقالت: "فقد تكون الحرب على غزة جنت منها إسرائيل مكاسب إستراتيجية، لكن الولايات المتحدة سوف تكتشف أن قائمة الحلفاء تتقلص، أو لن يصبح جلهم يرتضون وشنطن حليفا موثوقا فيه"، وفق تحليلها.

في إطار آخر، تطرقت صحيفة "عكاظ" السعودية الى العلاقات الاوروبية - الاميركية، معتبرة أن "الأصوات المنادية بتفرُّد أوروبي عن أمريكا، مهمة، خصوصًا الصوت الإنجليزي والألماني. لكن فرنسا بالذات لديها رغبة كبيرة في لعب دور أكبر لتعويض ما يمكن تعويضه من نفوذها"، ولكنها شددت على أن "أوروبا و(الرئيس الفرنسي ايمانويل) ماكرون، الذي يحاول صناعة مجد أوروبا الجديدة، لا يعرفون أن الحدود تغيرت والأوضاع لم تعد كسابق عهدها. ستكون العلاقات مع ترامب هي الأثقل عليه في السنوات الأربع المقبلة".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن