صحافة

"المشهد اليوم"..دروز سوريا يرفضون "الانفصال" وإسرائيل تؤجج نار "الأقليات"مناشدات أممية لإنقاذ سكان غزّة والمفاوضات النووية الإيرانية تؤجل "لأسباب لوجيستية"

من انتشار أفراد من قوات الأمن السورية في أشرفية صحنايا بالقرب من دمشق بعد اشتباكات دامية (رويترز)

منذ سقوط نظام بشار الأسد تسعى اسرائيل إلى نشر الفوضى وتقويض حكم الادارة السورية الجديدة واثارة النعرات الطائفية، وآخرها ادعاء حماية الموحدين الدروز بوصفهم من "الأقليات"، وتجلى ذلك بوضوح عبر التدخل الخطير، والذي تمثل بقصف اسرائيلي متجدد للأراضي السورية بعد مواجهات عنيفة في بلدتي صحنايا وجرمانا، ذات الأغلبية الدرزية، على خلفية تسجيل صوتي "مجهول المصدر" يتعرض فيه للدين الاسلامي تم نسبه إلى أحد مشايخ العقل من الطائفة الدرزية، الذي بدوره خرج بمقطع فيديو لاحقًا ونفى صلته به.

وقد وجدت تل أبيب في ما يحصل ضالتها خاصة ان الدروز اليوم يشهدون انقسامًا حادًا بين من يؤيد التقارب مع الادارة الجديدة وبين من يرفض اي علاقات جدية لاعتبارات عديدة منها فكرية وأخرى سياسية. وهذا الانقسام سيعّمق الازمة في بلد لم يتعافَ بعد من تداعيات الحرب الطويلة الامد التي استمرت لأكثر من 12 عامًا وخلّفت وراءها الكثير من الأزمات والمشاكل. وما يفاقم مزاعم اسرائيل واستغلالها للحالة الدرزية هو وجود قسم من الدروز في الداخل الاسرائيلي ما تعتبره حافزًا لديها لاعلان العداء ورفع "سيف" الدفاع والذود عنهم لاغراض سياسية بحتة وهو ما تنبهت له بعض الزعامات الدرزية السورية التي تدرك حقيقة مطامع تل أبيب ومصالحها الخبيثة.

هذا واستحوذت التطورات السورية المتسارعة على الاهتمام وسط مخاوف حقيقية من دخول البلاد في مستنقع جديد من الدم والاقتتال الطائفي الذي يخدم مصالح اسرائيل وايران على حد سواء كما بعض المليشيات والعناصر التابعة للنظام السابق، والتي لا تألو جهدًا بالعمل على تزكية الاضطرابات الامنية والتحريض ضد الحكم الحالي. وفي آخر المستجدات الواردة، قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، في بيان مشترك مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس صباح اليوم، إن تل أبيب هاجمت هدفًا قرب القصر الرئاسي في العاصمة السورية دمشق". وأضاف البيان "هذه رسالة واضحة للنظام السوري: لن نسمح للقوات (السورية) بالانتشار جنوب دمشق أو بتشكيل أي تهديد للدروز".

ويأتي هذا بعد ساعات من توصل الحكومة السورية إلى اتفاق مع وجهاء مدينة جرمانا ويقضي بتسليم السلاح الثقيل بشكل فوري وزيادة انتشار قوات الأمن في المدينة بهدف استعادة الامن ومنع تفلت الأمور مجددًا. بدورها، أكدت "مشيخة عقل طائفة المسلمين الموحدين الدروز" أن الاتفاق جاء "انطلاقًا من المبادئ الوطنية العروبية والهوية السورية والقيم الإسلامية، بلا خوف ولا وجل"، كما تأكيدًا على رفض "التقسيم أو الانسلاخ أو الانفصال". ومع هذا الاتفاق الذي يأمل به أن يشكل بادرة حقيقية لاستعادة الاستقرار ومنع التدخلات الخارجية، سارعت واشنطن الى اعتبار "أعمال العنف الأخيرة والخطاب التحريضي الذي يستهدف أعضاء الطائفة الدرزية في سوريا أمر مستهجن وغير مقبول". وتضع الولايات المتحدة كما الدول الاوروبية شروطًا على ادارة الرئيس أحمد الشرع مقابل رفع العقوبات المفروضة على سوريا ومنها ملف حماية الاقليات الذي يوضع في الصدارة ويشكل تحديًا كبيرًا للحكومة السورية التي تجد نفسها محاطة بالنار والمشاكل من كل حدب وصوب.

وكانت شرارة الاحداث "المُفتعلة" بغية نشر الفوضى والتوتر قد بدأت في مدينة جرمانا، الثلاثاء، قبل أن تتمدّد المواجهات إلى بلدتي صحنايا وأشرفية صحنايا، حيث وقعت اشتباكات دامية بين القوات الحكومية ومجموعات مسلحة، أسفرت عن وقوع قتلى وجرحى من كلا الجانبين. من جهته، حذّر وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، من دعوات التدخل الخارجي في بلاده، مؤكدًا أن الحوار بين مكونات الشعب السوري هو السبيل لتحقيق الاستقرار. وتجهد ادارة الشرع منذ تسلمها مقاليد السلطة الى العمل بجد لتثبيت حكمها وتحسين العلاقات مع المكونات السورية الاخرى واشاعة جو من الأمن والاستقرار في إطار محاولاتها المستميتة لاستعادة ثقة الداخل والخارج عقب الإطاحة بحكم بشار الأسد في شهر كانون الاول/ ديسمبر الماضي.

ومن الأحداث السورية الى استمرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بسياسة التصعيد ضد "الجمهورية الاسلامية"، اذ هدّد بفرض عقوبات على أي مشترٍ للنفط الإيراني. وتزامن التهديد مع اعلان وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي تأجيل الجولة الرابعة من المفاوضات الايرانية - الأميركية، والتي كانت مقررة السبت المقبل "لأسباب لوجيستية" وذلك على وقع تبادل واشنطن وطهران التحذيرات العالية اللهجة. وكانت ايران اتهمت على لسان أكثر من مسؤول الولايات المتحدة بممارسة "سلوك متناقض" ووجهت إليها انتقادات بعد تحذير وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث من تبعات دعم "الحوثيين" وفرض عقوبات جديدة على النفط الإيراني. ورغم مساعيهما الى تغليب "الحل الدبلوماسي" والمضي قدمًا بجولات التفاهم، الا ان وجهات نظرهما لا تزال متباعدة ويعتريها الكثير من الخلافات كما سبق وصرح وزير الخارجية الايراني عباس عراقجي.

في إطار متصل، لا تتوقف العمليات العسكرية ضد الحوثيين في اليمن إذ شنّ الطيران الحربي الأميركي أكثر من 10 غارات ليلية استهدفت محافظات صنعاء وصعدة والجوف شمالي البلاد دون الحديث عن حصيلة هذه الغارات. بدوره، أفاد الناطق الرسمي باسم الحوثيين يحيى سريع أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية "فينسون" بطائرات مسيّرة في بحر العرب، كما أنهم نفذوا هجومًا مزدوجًا على إسرائيل بمسيّرات على أهداف في تل أبيب وعسقلان. يُشار الى أن جماعة الحوثي أعلنت، في وقت سابق، أن الولايات المتحدة نفذّت أكثر من 1300 غارة وقصف بحري على اليمن منذ منتصف آذار/مارس الماضي.

أما في غزّة فالوضع يزداد صعوبة مع تفاقم الجوع وغياب المواد الغذائية ونفاذ مخزون المنظمات الدولية بالكامل والتي ناشدت بفتح المعابر ودخول المساعدات فورًا، في حين يعمد الجانب الاسرائيلي الى استخدام سياسة "التجويع" ويرفض تخفيف الحصار المفروض على 2.3 مليون نسمة قبل اتمام صفقة مع "حماس"، وهو امر لا يزال دونه الكثير من التعقيدات والخلافات. وبهذا الصدد، قال المدير العام لـ"منظمة الصحة العالمية" تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن الوضع في قطاع غزة "كارثي" وإن مليوني شخص في القطاع يعانون الجوع. كما اتهم مدير برنامج "منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية" مايكل رايان المجتمع الدولي بالتواطؤ في "تحطيم عقول أطفال قطاع غزة وأجسادهم بعد شهرين من منع دخول المساعدات وتجدد الضربات". وحتى اللحظة فشلت كل المناشدات والمساعي بإيقاف الحرب التي حصدت، الى الآن، 52 ألفًا و418 شهيدًا، بحسب بيانات وزارة الصحة في قطاع غزة. والعدد مرشح بالتزايد، لاسيما ان الحكومة الاسرائيلية تضع في اولوياتها القضاء على "حماس" ولو على حساب الرهائن الاسرائيليين.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "نريد استعادة (الأسرى) الأحياء والقتلى هذا هدف بالغ الأهمية"، لكنه استدرك "للحرب هدف أسمى، وهو تحقيق النصر على أعدائنا". ومع هذا التصريح الذي يترافق مع دعوات لتوسيع القتال في غزة تتعقد الامور وتفشل الوساطات وتتعثر المقترحات على كثرتها في حض نتنياهو على القبول بأي هدنة خاصة انه رفض مؤخرًا عرض "حماس" والقاضي بهدنة لمدة 5 سنوات مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة وانسحابها من المشهد السياسي. وبالتوازي مع حرب الابادة في غزة صعدت قوات الاحتلال من عدوانها في الضفة الغربية المحتلة بهدف تهجير السكان واستكمال المخططات الاستيطانية التي ارتفعت وتيرتها بشكل غير مسبوق في الآونة الاخيرة. وأعلن الجيش الاسرائيلي عزمه على هدم أكثر من 100 منزل في مخيمي طولكرم ونور شمس بالضفة الغربية محددًا خرائط توضح البيوت المستهدفة. بينما وجهت اللجان الشعبية ومؤسسات وفعاليات مخيمات طولكرم ونور شمس مناشدات واستغاثات عاجلة للمجتمع الدولي لوقف عملية الهدم المتوقعة خلال الـ24 ساعة المقبلة.

تزامنًا، جددت الحكومة العراقية حرصها على إنجاح القمة العربية المُقرر عقدها في بغداد منتصف الشهر الحالي. وعقب مصدر مسؤول لصحيفة "الشرق الأوسط" على التحضيرات بالقول "إن الحكومة العراقية حريصة على نجاح القمة العربية، انطلاقًا من كون العراق دولة مؤسسة للجامعة العربية، كما أن الظرف الإقليمي والدولي الذي تعقد في أثنائه القمة يتطلب موقفًا عربيًا واضحًا مما يجري، بحيث يمكن أن يكون خريطة طريق للتعامل مع الأزمات الإقليمية والدولية المقبلة". يُذكر أن دعوة الرئيس السوري احمد الشرع لحضور القمة اثارت العديد من الجدل بظل وجود مواقف وقوى داخلية عراقية ترفض مشاركته بحجة تورطه بأعمال عنف سابقًا.

في الشأن اللبناني، لا تتوقف الخروقات والتعديات الاسرائيلية، في حين يحمل الرئيس اللبناني جوزاف عون هموم البلاد ومساعيه لتثبيت السلم والاستقرار في جولاته الخارجية. وفي اول زيارة له منذ انتخابه رئيسًا وبعد سنوات من "الجفاء" السياسي والدبلوماسي، حط عون في ابوظبي برفقة عدد من المسؤولين اللبنانيين. الزيارة جددت الدعم العربي خاصة أن البيان المشترك أكد خلاله الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حرص بلاده على أمن واستقرار وسيادة لبنان. كما جرى الاعلان عن سلسلة اجراءات منها تسهيل حركة التنقل بين البلدين ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي.

ونرصد في جولتنا الصباحية أبرز ما ورد في عناوين وافتتاحيات الصحف العربية الصادرة اليوم:

تناولت صحيفة "اللواء" اللبنانية الاوضاع السورية، موضحة أنه "ليس مستغرباً أن تطل الفتنة برأسها في منطقة جرمانا ومحيطها، بعدما أعلن العدو الإسرائيلي، وعلى لسان رئيس حكومته نتنياهو، عزمه على التدخل في الشؤون السورية، من خلال النافذة الدرزية"، وقالت: "من الواضح أن التصدي لمخطط الفتنة بالوعي والحكمة كان غائبًا، في ظل الإنفعالات الفورية والمتفلِّتة من الضوابط الأمنية، قد فاقم أجواء التحدي والتوتر، وأدّى إلى إنفجار الوضع على النحو المأساوي الذي شاهدناه في الأيام الأخيرة".

واكدت صحيفة "الأهرام" المصرية، في مقال، أننا "نعيش حالة من القلق بسبب ما يمر به العالم من اضطرابات وأزمات، وسط أجواء يسودها عدم اليقين وانعدام الثقة في المستقبل، أكثر من أي وقت مضى"، داعية الى "تحرّك عربي جاد نحو إقامة جبهة موحدة، فنحن في أمسّ الحاجة، أكثر من أي وقت مضى، إلى تضامن عربي حقيقي..مع أهمية الوصول الى اتفاقية عربية شاملة للأمن والاقتصاد، تحت مظلة جامعة الدول العربية".

وبما يتعلق بالاحداث في اليمن، اعتبرت صحيفة "البيان" الاماراتية أن "عمليات الطرفين (الاميركي والحوثي) هي نوع من الضغط وتحسين المواقف من خارج غرفة المفاوضات مع إيران، وذلك ما يُسمى في شكل المفاوضات المعاصرة "التفاوض تحت النيران" مضافًا إليه عنصر التفاوض تحت عنصر العقوبات والحملات الإعلامية القاسية"، مشيرة الى أن ايران "تؤكد أن عمليات الحوثي تتم بإرادة قتال بعيدة عن التوجيه الإيراني فيما واشنطن ترى أنه لو لم يكن الدعم الإيراني ما كانت هناك أي عمليات حوثية!".

صحيفة "الراي" الكويتية، من جانبها، لفتت الى أنه وبالرغم من "أن مصير ترسانة "حزب الله" يحتلّ صدارةَ الاوضاع في لبنان، فإن ملفًا رديفًا وقديمًا بدأ يطفو على سطح المشهد السياسي في لبنان اسمُه سلاح المخيمات الفلسطينية الذي وُضع طويلاً في "الثلاجة" لأسباب إقليمية"، مشددة على أن ما سرّع في هذا الاتجاه هو "تورّط عناصر من حركة "حماس" في إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على شمال إسرائيل الأمر الذي استدرج اسرائيل للقيام بغارات جوية على الضاحية الجنوية لبيروت، وسط تلويحٍ من تل أبيب بمعادلة "بيروت مقابل الجليل".

وتحت عنوان "القدس - غزة: محارق اسرائيلية"، كتبت صحيفة "القدس العربي" "بين تلال القدس ـ تل أبيب التي تعتبر مناطق إسرائيلية مهددة بالحرائق، والقطاع الجغرافي ـ السكاني الفلسطيني المحاصر بأحداث الإبادة تتفجّر المفارقات الكبرى لمعنى إسرائيل الراكبة على صناعة المحرقة النازية والذاهبة بالفلسطينيين إلى محرقة من صناعتها، ولواقع المنطقة العربية المتهالك تحت وقع الأزمات الكارثية، وللانفراط المتسارع للعالم على وقع أجندة الرئيس الأميركي دونالد ترامب"، وفق تعبيرها.

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن