السودان.. واقتصاد الحرب

مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية في غزة وعلى لبنان، وكذلك الحرب الأهلية في السودان، تبرز أهمية وخطورة الإنفاق العسكري وتطور صناعة الأسلحة، وإزدهار تجارتها، في تمويل الحروب والصراعات الجيوسياسية. ووفق البيانات الصادرة عن "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام"، بلغ الإنفاق العسكري العالمي في العام الماضي 2.72 تريليون دولار بزيادة 9.4 في المئة عن عام 2023، وهو أكبر ارتفاع على أساس سنوي منذ نهاية الحرب الباردة.

وقد أدت الحرب في أوكرانيا الى ارتفاع الإنفاق العسكري في أوروبا بنسبة 17 في المئة، وبلغ الإنفاق الروسي وحده نحو 149 مليار دولار، بزيادة 38 في المئة والإنفاق الأوكراني بنسبة 2.9 في المئة، ليصل إلى 64.7 مليار دولار. أما الإنفاق العسكري الأميركي، فقد ارتفع بنسبة 5.7 في المئة، ليصل إلى997 مليار دولار، وبما يمثل 66 في المئة من إجمالي إنفاق حلف شمال الأطلسي، و37 في المئة من الإنفاق العسكري العالمي. وهي بالتالي تسيطر بقبضة من حديد على سوق تجارة الأسلحة في العالم، بحصة تصل إلى59 في المئة.

وفي هذا السياق، ومع دخول "الحرب الأهلية" في السودان سنتها الثالثة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأطراف الذين لديهم النفوذ الأكبر "أن يستخدموه لتحسين حياة الشعب السوداني،لا إدامة الكارثة". لقد اعتمد السودان منذ أبريل 2023 "اقتصاد الحرب" في إعداد موازنته المالية، مركزاً على إعطاء الأولوية للإنفاق على "المجهود الحربي". وتواجه موازنتة للعام الحالي تحديات كبرى خلفتها ظروف الحرب، مؤثرة سلباً على مجمل النشاط الاقتصادي، ومدمرة بنيته التحتية، ومسببة في فقدان الخزينة نحو 80 في المئة من إيراداتها.

وقد كشف وزير المالية جبريل إبراهيم "السعي للحصول على موارد إضافية من المؤسسات المالية الإقليمية والدولية"، مشيراً إلى "وعود من بنك التنمية الأفريقي، والبنك الدولي، لدعم الموازنة". إضافة الى أن مؤتمر لندن الدولي الذي إنعقد في منتصف أبريل الماضي، تعهد بأكثر من 900 مليون دولار لإنقاذ السودان، منها 158 مليون دولار، من بريطانيا، و 141.8 مليون دولار، من ألمانيا التي وصفت وزيرة خارجيتها أنالينا بيربوك النزاع في السودان بأنه (أكبر كارثة إنسانية في عصرنا). ويعتمد السودان على إنتاجه من الذهب، لتغطية العجز التجاري، وسد الفجوة في الإيرادات الناتجة من فقدانه نحو70 في المئة من عائدات النفط بعد انفصال دولة الجنوب.

على رغم ارتفاع الأسعار بنسبة 30 في المئة، تراجعت العائدات من 2.02 مليار دولار، إلى فقط 1.6مليار دولار. ويبدو أن الفرق ذهب جزء كبير منه إلى المجهود الحربي (وفق مصادر حكومية ) ويشمل حصيلة الرسوم التي يدفعها المعدنيون التقليديون الذين يستخرجون 80 في المئة من الإنتاج، وكذلك كأتاوات، نتيجة الفوضى والعشوائية والفساد، مع الإشارة إلى أن السودان يحتل المركزالثالث في أفريقيا، بعد غانا وجنوب أفريقيا، في إنتاج الذهب، ورقم 13 عالمياً.

(الاتحاد الإماراتية)

يتم التصفح الآن