صحافة

"المشهد اليوم"…تحذيرات أوروبية لاسرائيل وترامب يضغط لانهاء حرب غزّةالحوثيون يعلنون حصارًا بحريًا على ميناء حيفا وعون يستكمل جولاته العربية لحشد الدعم للبنان

فلسطينيون ينتظرون بالقرب من مطبخ خيري في جباليا بشمال قطاع غزة للحصول على الطعام (أ.ب)

تسابق اسرائيل مفاوضات الدوحة، التي تدخل يومها السابع، بتوسيع العملية العسكرية واحتلال المزيد من أراضي قطاع غزّة على وقع إنذارات الاخلاء لمناطق واسعة بهدف فرض معطيات جديدة على الأرض. فوفدها المقيّد بشروط رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يملك الصلاحيات التي تخوله المضي قدمًا بأي تهدئة. ومن هنا فإن المباحثات تشهد على حالة من المراوحة والجمود دون تحقيق أي نتيجة تُذكر. حتى أن المساعدات الانسانية التي "منّت" بها تل أبيب بعد 11 أسبوعًا من الحصار المُطبق جاءت رضوخًا للضغوط الاميركية ولم تسهم في التخفيف من مخاطر المجاعة ومؤشرات سوء التغذية التي تتفشى في القطاع، لان الذي دخل كان اشبه "بذر الرماد في العيون" ولم يتخطَ أصابع اليد الواحدة بينما المطلوب، وفقًا لكل العاملين في المجال الاغاثي، ما لا يقل عن 500 شاحنة يوميًا.

فـ"تقطير" المساعدات هدف جديد لنتنياهو الذي قرر عدم المجازفة وخسارة تأييد الاميركيين والاوروبيين فعاجلهم بقرارٍ "لا يُسمن ولا يغني من جوع"، حيث أوضح مكتبه، في بيان رسمي، أن السماح بدخول "كمية أساسية" من الغذاء إلى القطاع جاء بـ"دافع الحاجة العملياتية لتوسيع نطاق القتال، وليس لأسباب إنسانية"، مضيفًا أن "المساعدات تهدف إلى منع تفاقم أزمة الجوع في غزة، إذ إن تدهور الأوضاع الإنسانية قد يعرّض العملية العسكرية للخطر". وبالتالي توظف اسرائيل المساعدات في اطار عسكري لضمان نجاح عملية "مركبات جدعون" وليس لمنع كارثة إنسانية تهدد حياة أكثر من 2.2 مليون مدني يعانون الجوع والعطش منذ 19 شهرًا من الحصار والنزوح.

ومن المساعدات الانسانية "الشحيحة" الى الغاء نائب الرئيس الاميركي جي دي فانس زيارة كانت مقررة الى اسرائيل اليوم بعد تزايد الأحاديث عن تباينات حادة بين نتنياهو والرئيس الاميركي دونالد ترامب. وفي هذا السياق، اشارت صحيفة "واشنطن بوست" الى أن مقربين من الرئيس الاميركي هددوا تل أبيب بالتخلي عنها إذا لم توقف الحرب. ويأتي ذلك بعد الجدل الذي أُثير حول عدم شمول اسرائيل بزيارة ترامب الخليجية والتي قادته الى كل من المملكة العربية السعودية، قطر والإمارات. ويُعول الفلسطينيون على الضغوط الاميركية لوقف حرب الابادة بالتزامن مع رفع الدول من سقف مواجهتها بعد تهديد بريطانيا وفرنسا وكندا، أمس الاثنين، باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل، معلنين عن رفضهم "الوقوف متفرجين بينما تواصل حكومة نتنياهو هذه الأعمال الفظيعة".

هذا وتتزايد الضغوط الاميركية والاوروبية، وحتى داخل اسرائيل، على نتنياهو لابرام صفقة فورًا تعيد الاسرى لدى "حماس" وتنهي الحرب بينما يناور الاخير ويرفع شروطًا جديدة في كل مرة يقترب فيها الوسطاء من الوصول الى هدنة. وتشكل عملية "مركبات جدعون"، التي لاقت تنديدًا عربيًا ودوليًا، الدليل الابرز على طموحات نتنياهو التوسعية بعدما جاهر علنًا بالهدف "الاسمى" لديه وهو السيطرة على كامل غزة وحشر سكانها في بقع جغرافية محددة ما يعني عمليًا تنفيذ مخطط التهجير الذي بات أشبه بحلم يراوده ليل نهار بعدما تحولت غزة الى كومة من ركام، حيث أفادت وكالة "الأونروا" عن تدمير أو تضرر 92% من منازل غزة، في وقت تواجه فيه العائلات "دمارًا لا يصدق" جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع. هذا ولا يختلف الوضع كثيرًا عن الضفة الغربية المحتلة التي يعيث فيها جيش الاحتلال الفوضى والخراب ويغير معالم الارض ديمغرافيًا وسكنيًا بهدف توسيع رقعة الاستيطان بالتوازي مع التجاوزات المستمرة للمستوطنين وتضييقهم الخناق على الاهالي والسطو على ممتلكاتهم وأرزاقهم.

والى حين رضوخ اسرائيل وقبولها الجدي بالجلوس على طاولة مفاوضات للتوصل الى اتفاق لوقف النار، يواصل الحوثيون في اليمن خطواتهم التصعيدية، معلنين عن خطوة جديدة تتمثل بفرض حظر بحري على ميناء حيفا، ردًا على تصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة كما دعوا جميع الشركات التي تستخدم الميناء إلى أخذ هذا القرار بعين الاعتبار. وأشار الناطق العسكري باسم الجماعة يحيى سريع إلى أن هذا القرار يأتي بعد نجاحهم في "فرض الحصار على ميناء أم الرشراش (إيلات) وتوقفه عن العمل". يُذكر أن الحوثيين أعلنوا مؤخرًا عن فرض حصار جوي شامل على إسرائيل عبر القصف المتكرر لمطار بن غوريون في اطار ما يسمونه الدفاع عن اهل غزة.

في اطار متصل، تمر المفاوضات الاميركية - الايرانية بمنعطف شديد الخطورة مع تزايد الهوة والشرخ بين الطرفين، اذ حذّرت إيران من انهيار المسار التفاوضي في حال اصرار إدارة ترامب على سياسة "صفر تخصيب" لليورانيوم. وقال نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية الإيراني، مجيد تخت روانشي: "لن نتنازل مطلقًا عن موضوع التخصيب، ولن نفعل ذلك. وقد قلنا منذ البداية إنه إذا كان موقفهم هو التخصيب الصفري، فمن الطبيعي أن الأمور لن تصل إلى نتيجة عمليًا". وتزامن ذلك مع اعلان طهران عن زيارة لرئيسها مسعود بزشكيان، الأسبوع المقبل، إلى سلطنة عُمان، التي تتوسط بين البلدين وسبق أن نجحت ايضًا في إبرام اتفاق بين واشنطن والحوثيين.

لبنانيًا، كشفت الانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت ومحافظتي البقاع عن معطيات يجب التوقف عندها خاصة ان ما جرى اشبه بـ"بروفا" للاحزاب والقوى السياسية عما ستكون عليه موازين القوى في الانتخابات النيابية القادمة. ويبدو الحديث عن مؤشرين بارزين وهما المكاسب التي حققها حزب "القوات اللبنانية" وثانيهما تمسك الطائفة الشيعية بمبايعة الثنائي "امل - حزب الله" رغم ما حكي عن خروقات او تراجع شعبي نتيجة الحرب الاسرائيلية الاخيرة. هذا دون ان ننسى ان الصوت السني كان الاقل حضورًا ومشاركة مع غياب القيادة الرئيسية التي فقدتها الطائفة بعد قرار رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري العزوف عن العمل السياسي.

في غضون ذلك، واصلت اسرائيل تعدياتها على لبنان حيث أعلن الجيش الإسرائيلي اغتيال عيسى قطيش وهو أحد عناصر "قوة الرضوان"، بغارة جوية على بلدة حولا جنوب لبنان. في وقت أُصيب لبناني بجروح جراء إطلاق جنود إسرائيليين النار عليه في بلدة كفركلا الحدودية، فيما ألقت مسيّرة إسرائيلية قنبلة على سيارة في بلدة الضهيرة. سياسيًا، يواصل الرئيس جوزاف عون جولاته العربية لحشد الدعم للبنان حيث اختتم، أمس الاثنين، زيارته الى مصر بعدما عقد لقاءً مع الرئيس عبدالفتاح السيسي دعا خلاله المجتمع الدولي إلى "تحمّل مسؤولياته في إلزام إسرائيل تنفيذ اتفاق وقف النار والانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانيّة وإعادة الأسرى اللبنانيّين كافة". مؤكدًا "حرص لبنان على قيام أفضل العلاقات مع سوريا وأهمّيّة التنسيق معها، وخصوصًا في ما يتعلّق بملفّ النازحين السوريين".

أما على الصعيد الاوكراني، فقد حظي الاتصال الهاتفي، الذي دام قرابة الساعتين، بين الرئيس ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين على الاهتمام بعد بروز بوادر ايجابية عبّر عنها الرئيس الاميركي الذي أعلن عن بدء "مفاوضات فورًا من أجل وقف النار، والأهم من ذلك، إنهاء الحرب". كما لفت إلى إبداء الفاتيكان، مُمثّلًا في البابا ليو الرابع عشر، اهتمامه باستضافة المباحثات من أجل ايجاد حل للحرب الأوكرانية. أما بوتين فقد أعرب عن استعداد بلاده للعمل على مذكرة تفاهم مع أوكرانيا تشمل وقف إطلاق النار، داعيًا للتوصل إلى "تنازلات تناسب الطرفين"، وإلى القضاء على جذور الصراع، على حدّ قوله. ورغم مساعي واشنطن الدؤوبة وموافقة كييف على الحلول المطروحة، الا ان موسكو لا تزال تتمسك بشروطها وترفض التنازلات وتحملها للطرف الاخر على وقع التصعيد في الميدان. يُشار الى أن هذا الاتصال هو الثالث بين الرئيسين ترامب وبوتين خلال العام الجاري.

ومن الوقائع السياسية الى جولة الصحف العربية الصادرة اليوم، والتي تنوعت اهتماماتها الا انها بقيت محصورة بملفات المنطقة الشائكة، ونبرز هنا أبرز ما ورد:

اشارت صحيفة "عكاظ" السعودية الى أن رؤية المملكة في ما يتعلق بالملف السوري "واضحة وتتلخص في دعم استقرار وأمن الشعب هناك ووحدة أراضيه، واستعادة القرار السيادي، وخروج كافة القوى الأجنبية والمليشيات التي ساهمت في تمزيق النسيج الوطني وتدمير وحدة الأراضي السورية"، مشددة على أن "المملكة لم تسع إلى تبييض صفحة النظام الجديد في سوريا أو حتى دعمه ما لم يكن جزءًا من حل حقيقي يبدأ ببناء دولة ذات شرعية وتحجيم المليشيات ووقف تهديداتها للجنوب السوري والحدود الأردنية والجبهة اللبنانية، فضلًا عن تأكدها من أن نظام الرئيس الشرع يحمل مشروعًا وطنيًا مستقرًا ومزدهرًا".

بدورها، تطرقت صحيفة "الوطن" البحرينية الى مفاوضات مسقط النووية قائلة "المفارقة أن النظام الإيراني وحفاظًا على نفسه عرض التفاوض، بل وأكثر من ذلك عرض تغيير منهجه بالكامل إلى درجة إغراء الولايات المتحدة الأمريكية بالدخول شريكًا مع النظام في الاستثمار في الداخل الإيراني؛ مما يعني نسف كل الشعارات السابقة ومحوها تمامًا فلا شيطان أكبر ولا عدو ولا الموت لأمريكا"، لكنها أيضًا لفتت الى ان هذا النظام نفسه الذي "خلع عبايته وقام بإغواء الأمريكي، إنما في ذات الوقت طلب من مقلديه من العرب أن لا يسلموا سلاحهم للدولة، ويستمروا في "مقاومة أنظمتهم" إلى أن ينتهي هو من مفاوضته مع عدوهم، باختصار طلب منهم الانتحار مقابل سلامته"، بحسب وصفها.

أما صحيفة "القدس العربي"، فقد اعتبرت أن "الإيرانيين تعرضوا لهزيمة استراتيجية مدمرة في المنطقة خلال العامين الماضيين. وبالتالي فهم في حاجة إلى الاتفاق مع واشنطن في ضوء التوقعات الاقتصادية السيئة: حيث أصبح الناتج الاقتصادي راكدًا، وارتفع معدل التضخم إلى عنان السماء". وتابعت "يريد الأمريكيون تحقيق شيء ما مع الإيرانيين ـ وفقًا لشعار "أقل مقابل أقل"…أي عقوبات أقل مقابل تخصيب يورانيوم أقل. وأعتقد بكل تأكيد أن مثل هذا الاتفاق سوف يأتي قريبًا".

الهمّ الفلسطيني سلطت عليه صحيفة "الأهرام" المصرية الضوء، اذ شددت على أن "تهجير أهل غزة يعني نهاية القضية الفلسطينية، وعدم قيام دولة، واستيلاء إسرائيل على الأماكن المقدسة، وإعلان قيام دولة إسرائيل الكبرى، وعودة الفلسطينيين إلى الشتات والمنافي"، مضيفة: "قد تكون هناك دول عربية أخرى سوف تتجه إليها مواكب التهجير بعد ليبيا. الواضح أن المسلسل في بداية حلقاته، وأن القادم أسوأ، وأن حالة الانقسام بين الدول العربية تشجع على مزيد من المؤامرات والأطماع".

وتحت عنوان "قمة بغداد..ايجابيات وايجابيات"، كتبت صحيفة "الصباح" العراقية رسخت القمة التي انعقدت مؤخرًا "عودة العراق إلى مركز الدبلوماسية العربية وسط اجواء سياسية مشحونة وتحديات اقليمية متصاعدة"، مؤكدة أن "ما تحقق يعتبر انجازًا مهمًا على مختلف الأصعدة، فهو بالوقت الذي تمت مناقشة التحديات والصعوبات التي تواجه البلدان العربية وتقديم الحلول اللازمة لتلك التحديات، فهي أيضا مناسبة لاطلاع الرأي العام العربي والدولي بأن العراق أصبح مركز ثقل سياسي يجمع الدول تحت مظلته، واقتصادي مهم نتيجة تطور بناه التحتية والعمرانية".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن