صحافة

لأنني أحب الحقيقة وأحبكم.. أقول: الأسوأ لمَّا يأتِ بعد

طلال أبو غزالة

المشاركة
لأنني أحب الحقيقة وأحبكم.. أقول: الأسوأ لمَّا يأتِ بعد

تعرّض الاقتصاد العالمي لضربات مُتعددة خلال السنوات القليلة الماضية مع تداعيات الوباء، وتعثُّر سلاسل التوريد، والحرب في أوكرانيا، وارتفاع أسعار الطاقة، وزيادة التضخم، ما أدى إلى عدم الاستقرار في الأسواق العالمية. تمتلئ هذه الفترة بالمخاطر المُتزايدة حيث تتعرض الاقتصادات الحديثة لضربة قوية مع احتمالية ارتفاع معدلات الركود العالمي، والتي تفاقمت بسبب الارتفاع العنيف لأسعار الفائدة في محاولة لوقف الضغط التضخمي واستعادة استقرار الأسعار.
تعهد الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة تشديد القيود المالية والاستمرار في الزيادات الحادة في أسعار الفائدة بالإضافة إلى المُضي قدمًا في برامج التضييق الكمي. وتعتبر الأداة الرئيسية للسيطرة على التضخم هي زيادة أسعار الفائدة في محاولة لضبط الإنفاق. كما تذكرنا أسعار الفائدة التي نشهدها اليوم بفترة الثمانينيات حيث عانت المملكة المُتحدة وأوروبا بشدة من مُعدلات التضخم المُتزايدة، وكانت الأعلى منذ أربعين عامًا. تؤدي الزيادات السريعة في الاقتراض إلى حدوث مُشكلات للمُقرضين وأسواق الإسكان ولا يعد ذلك جيدًا على الإطلاق، حيث يؤدي إلى حدوث تداعيات أخرى في المُستقبل.
حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد من تعثر سلاسل التوريد في الوقت الذي تُكافح فيه أوروبا ارتفاعات هائلة في تكلفة الطاقة، وصرح محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي أن الوضع مُتأرجح بين التضخم والركود، يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة والحرب الروسية والزيادات في أسعار المواد الغذائية والسلع المصنعة إلى الضغط على القوة الشرائية للمُستهلكين، ما يؤثر علينا جميعًا. من الواضح أنه كلما طال الوضع، زاد مدى تأثر الاقتصاد، وسيكون لارتفاع قيمة الدولار مع ترسخ سياسات الاحتياطي الفيدرالي انعكاسات في الاقتصادات الأخرى حيث ستزداد أسعار الدولار مقارنة بالعملات المحلية.
وفي الصين، لا تبدو الأمور أفضل بكثير حيث يُحاول الصينيون تفادي انهيار سوق العقارات الذي يتميز بانخفاض مبيعات الشقق والعديد من حالات التخلف عن سداد الديون من قِبل مُطوري العقارات العملاقين، ما قد يؤدي إلى أكبر انهيار في قطاع العقارات في العالم. إن ما يبدو أنه أسوأ أزمة تكلفة معيشية في الغرب سيكون له تأثير كبير على الصين من حيث الطلب على سلعها التامة الصنع. تواجه الصين أيضًا علاقات صعبة مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يحاول العم سام عزلها من جميع الجوانب عن قطاع تصنيع المعالجات. كما أنها تعاني من ارتفاع سن معظم السكان، ولديها علاقات سيئة مع العديد من الدول الغربية، وتواجه تعديًا مُتزايدًا من الدولة حيث يعطي الرئيس شي جين بينغ الأولوية للأيديولوجية على الاقتصاد.
يبدو أننا جميعًا سنواجه الكثير من الصعوبات في الأشهر المُقبلة مع تزايد القلق عبر الأسواق العالمية. هذه مجرد البداية وأخشى أن الأسوأ «لمَّا يأتِ بعد».
من واقع خبرتي، أقترح أن تدقق هذه اللجان في:
• تكوين مناخ جاذب للاستثمار الأجنبي.
• التحول إلى دولة رقمية، ما يجعل الحكومة أكثر كفاءة وشفافية.
• تمكين المواطنين بالمهارات الرقمية لجعلهم أكثر قابلية للتوظيف.
• اعتماد سياسات لتحفيز نمو الناتج المحلي الإجمالي لتوفير المزيد من فرص العمل. الاستثمار في أنواع طاقة أكثر استدامة بالإضافة إلى تعزيز الإنتاج المحلي للمواد الغذائية الأساسية.
• تحديث أنظمة التعليم وتعزيز تكوين الثروة والابتكار من خلال تكنولوجيا المعلومات.
أرى أنه لا يمكننا تطوير موقفنا المُستقبلي إلا إذا نظرنا إلى مجموعة من العوامل بدلًا من الاعتماد فقط على الاقتصاديين لمُساعدتنا في الخروج من هذا الركود. يجب أن نُحفزَ النقاش بين جميع قطاعات المُجتمع لمُساعدة قادتنا والمُشرّعين على اتخاذ قرارات أفضل وأكثر استنارة.

الراية

يتم التصفح الآن