يُشير التقرير إلى أنّ الحصول على غذاءٍ كافٍ لا يزال بعيد المنال بالنسبة للملايين. وقد واجه حوالى 186.5 مليون شخص - أي 39.4% من السكان - انعدام أمنٍ غذائيّ متوسطٍ أو حادّ، بزيادة قدرها 1.1 نقطة مئوية عن العام السابق. وممّا يُثير القلق أنّ 72.7 مليون شخص قد عانوا من انعدام أمنٍ غذائيّ حادّ.
الزراعة في الوطن العربي تعتمد على الأساليب التقليدية وأساليب الريّ القديمة تؤدّي إلى هدر موارد المياه المحدودة
فبينما قاد أجداد الشعوب العربية الثورة الزراعية الأولى قبل آلاف السنين، فإنّ أحفادَهم يتأخّرون في اللحاق بركب الثورة الزراعية الحديثة تاركين أراضيهم ضحيةً للتغيّرات المناخية والزيادة السكانية.
وهناك العديد من التحدّيات والعوائق في البلدان العربية والتي أدّت إلى تأخّر عمليات التطوير وزيادة إنتاجية الأراضي الزراعية واستدامتها. وأبرز هذه العوائق هي الجغرافيا والمُناخ، فمعظم بلدان المنطقة العربية تقع في الأصل ضمن المناطق الجافّة وشبه الجافّة مما أدّى إلى تعرّضها مع حدوث التغيرات المُناخية واستنزاف الأراضي الزراعية القديمة والموارد المائية التقليدية، إلى فقرٍ مائيٍّ شديدٍ وتصحّرٍ، الأمر الذي يُعرقل زيادة الإنتاج المحلّي لتلبية احتياجات السكان المُتنامية خاصة.
حتّى الدول العربية التي تعتمد على الأنهار، فإنّها تواجه حقيقةً جغرافيةً وسياسيةً مؤلمةً وهي أنّ معظم منابع الأنهار الرئيسية تقع في دولٍ غير عربية يقوم بعضها بتقليل تدفّق المياه لأسبابٍ بعضها مرتبط أيضًا بنقص المياه جرّاء التغيّرات المناخية أو حاجتها للتوسّع لمواجهة زيادة السكان أو لأسبابٍ سياسيةٍ حيث يسعى بعض هذه الدول لجمع شعوبها حول مشروعاتٍ قوميةٍ مثل السدود أو اختلاق خصمٍ خارجيّ مزعومٍ شاءت الأقدار أن يكون عربيًا.
ضعف الاستثمار الزراعي يُمثّل عائقًا مُهمًّا أمام تطوير القطاع الزراعي العربي
كما أنّ هنالك العديد من العوائق التقنية، فما زالت الزراعة في الوطن العربي تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الأساليب التقليدية حيث يعاني المزارعون من نقصٍ في توفّر الميكنة الزراعية والزراعة الذّكية ونُظُم التخزين والتسويق الحديثة، والأهمّ أن أساليب الريّ القديمة تؤدّي إلى هدرٍ في موارد المياه المحدودة أصلًا.
ويمثّل ضعف الاستثمار الزراعي أيضًا عائقًا مُهمًّا أمام تطوير القطاع الزراعي العربي حيث يواجه المزارعون صعوباتٍ عديدةً في الحصول على التمويل اللازم لتطوير أساليبهم والتحوّل من النُظُم التقليدية إلى التطبيقات التكنولوجية التي تعمل على زيادة الإنتاجية وتقليل الفاقِد وزيادة الجودة مما يؤدّي إلى نقص دخولهم وتشجيع الهجرة من الأرياف إلى المدن.
السياسات الحكومية المتعلّقة بالتطوير تفتقر إلى استراتيجية واضحة لتوطين التكنولوجيا
وضعف منظومة التطوير يؤثّر كذلك في الزراعة في العالم العربي، إذ تعرقل العوائق الإدارية والمؤسّسية خطط التطوير الزراعي نتيجةً لضعف السياسات الحكومية المتعلّقة بالتطوير، والتي تفتقر في أغلبها إلى استراتيجيةٍ واضحةٍ لتوطين التكنولوجيا. فحتّى في حالات استخدام التكنولوجيا الحديثة، فإنّ أغلبها مستورد، الأمر الذي يجعلها أحيانًا غير ملائمةٍ للدول العربية ويستنزف احتياطات العملات الأجنبية ويُفقد الدول العربية القيمة المُضافة التي يمكن أن تُحقّقها من توطين التكنولوجيا.
(خاص "عروبة 22")