صحافة

"المشهد اليوم"…سوريا أمام "الإختبار" الأمني واسرائيل تحمي "دروز السويداء" سلاح "حزب الله" يطوق الحكومة اللبنانية ومفاوضات غزّة تسابق مخطط "المدينة الانسانية"

من آثار المعارك في منطقة المزرعة بالقرب من محافظة السويداء إثر اشتباكات بين عشائر بدوية ومسلحين دروز (أ.ف.ب)

عادت الأوضاع الأمنية في سوريا الى دائرة الضوء مجددًا على خلفية الاشتباكات الدامية التي بدأت يوم الأحد الماضي في محافظة السويداء بين مسلحين دروز وعشائر بدوية على خلفية حادثة سلب، ولكن سرعان ما تطورت وتمدّدت رقعتها وتحولت الى معارك مسلحة ما دفع قوات الامن السورية الى التدخل لاعادة الهدوء وبسط سيطرة الدولة. ولكن هذا التدخل الرسمي السوري لم يرق لاسرائيل التي قررت، كما في المرة السابقة، رفع لواء الدفاع عن الدروز وحمايتهم والذود عنهم وشنّ غارات ضد القوات الشرعية "كرسالة وتحذير واضح للنظام السوري"، بحسب ما صرح به وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي جدّد القول إن "تل أبيب لن تسمح بالمساس بالدروز في سوريا ولن تقف مكتوفة الأيدي".

من جهته، جدّد الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري رفض دخول القوات الحكومية إلى السويداء والقوات التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، مطالبًا بحماية دولية للدروز. وتلقى هذه التصريحات اعتراضًا داخل الشارع السوري الذي يحذر من عواقب الفتنة واللعب في السلم الأهلي خاصة أن دمشق لم تتعافَ بعد من تداعيات الحرب الاخيرة والتي استمرت ما يقارب الـ14 عامًا. وتختلف السيناريوهات بين من يرى أن هناك محاولات درزية حثيثة من أجل خلق الذرائع لاشعال الاوضاع وبالتالي الخروج عن منطق الدولة مستمدين قوتهم من الدعم الاسرائيلي الواضح فيما يضع آخرون ما يجري في اطار مساعي حكومية سورية لفرض سطوتها بما يتناقض مع فحوى الاتفاق الذي أُبرم سابقًا، وتحديدًا في شهر أيار/ مايو الماضي.

وتطوق هذه الاحداث الميدانيّة الخطيرة مساعي حكومة الرئيس أحمد الشرع للنهوض بالبلاد وحصر السلاح بيد الدولة، خاصة أنها تفتح الباب على مصراعيه أمام التدخل الخارجي الذي ينادي به دروز سوريا عند كل حادثة منذ سقوط النظام السوري السابق. هذا وتسببت الاشتباكات التي اتخذت طابعًا طائفيًا وتحريضًا متبادلًا بسقوط 89 شخصًا، بينهم 18 عنصرًا من قوات الأمن السورية خلال عمليات فض النزاع الذي بدأ يثير المخاوف والقلق من تدهور الاوضاع أكثر خاصة أن المفاوضات لم تثمر أي نتائج ايجابية. وتستغل اسرائيل ما يجري وتسعى لتوظيفه سياسيًا وميدانيًا رغم الحديث المتكرر عن وجود مفاوضات تتم بين الجانبين الاسرائيلي والسوري برعاية أميركية من أجل ضبط الأوضاع والانطلاق نحو المسار التنفيذي للتطبيع.

وهذه الخطوات السورية الانفتاحية هي نفسها مكّنت الادارة الجديدة من التخلص من عبء العقوبات الدولية التي كانت تعيق عمليات اعادة الاعمار وتحريك عجلة الاقتصاد. وهو ما كان اصلًا محور تصريحات المبعوث الأميركي توم برّاك الذي قارن بين الخطوتين اللبنانية والسورية قبل أن يحذّر بانضمام لبنان مجددًا الى "بلاد الشام" ما أثار زوبعة من الردود والتصريحات. ويستهدف المقترح الاميركي الذي رد لبنان عليه، في وقت سابق، مسألة سلاح "حزب الله" وضرورة حصره وتسليمه خاصة ذلك الذي يهدّد أمن اسرائيل. والمفارقة أن تل أبيب، التي يريد الجانب الاميركي حمايتها، هي نفسها لا تزال تحتل أراضي داخل لبنان وتنفذ عمليات استهداف يومية وغارات مكثفة متجاوزة اتفاق وقف النار الذي عُقد بين البلدين في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

تزامنًا، أفادت معلومات أن لبنان تسلّم رسميًا الرد الأميركي على الورقة المقدمة من قبله وأنه يشرع الآن الى دراستها وتحليل معطياتها. وتصطدم الجهود الرسمية اللبنانية برفض الحزب تسليم سلاحه رابطًا بين ذلك والانسحاب الاسرائيلي وتطبيق القرار 1701، والذي لا يبدو متاحًا الآن ما ينذر بإمكانية تجدد الحرب وانفلات الامور من عقالها وسط اصرار اميركي ودولي على "تحجيم" "حزب الله" والحدّ من ترسانته العسكرية والتسليحية. يُذكر أن الضربات العسكريّة الاسرائيلية أدت الى اضعاف الحزب ميدانيًا ومعنويًا بعد مقتل كبار قيادييه خلال معركة "اسناد غزة" ولكنه، حتى اللحظة، يرفض منطق الإحتكام إلى الدولة ويرفع سقف المواجهات عاليًا.

في غضون ذلك، تواصل الفصائل الفلسطينية عملياتها العسكرية في قطاع غزة، حيث أعلنت عن مقتل 3 جنود وإصابة 3 آخرين بجروح خطيرة، خلال 4 عمليات متفرقة في القطاع. وهذا التصعيد الميداني تحتاجه حركة "حماس" على طاولة المفاوضات المُنعقدة في العاصمة القطرية، الدوحة، مع استمرار التراشق الاعلامي والاتهامات بعرقلة المباحثات الجارية من قبل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يحاول التسويف والمماطلة وخلق العثرات من اجل منع اي اتفاق لوقف النار رغم المطالبات الداخلية من قبل عائلات الجيش والرهائن المحتجزين بوقف الحرب فورًا وابرام الصفقة التي يسعى اليها الرئيس ترامب، وهو الطامح الى الحصول على جائزة "نوبل للسلام".

ويحاول نتنياهو الحصول على الرضى الاميركي من جهة، واعضاء حكومته من اليمين المتطرف الذين يرفضون أي اتفاق من جهة ثانية، وذلك عبر "اللعب على الحبال" فيما يعيش الفلسطينيون أوضاعًا انسانية شديدة الصعوبة مع استمرار الحصار وتعمّد الاحتلال القضاء على كل مقومات الحياة من خلال استهداف منتظري المساعدات امام مراكز التوزيع المحددة من قبل "مؤسسة غزة الانسانية" ناهيك عن شنّ غارات عنيفة على خيم النازحين تطبيقًا لخطته القاضية بتهجير الفلسطينيين نحو مدينة رفح حيث تتحدث المعلومات الاعلامية عن وجود مخطط لبناء "مدينة انسانية" هناك بتكلفة مرتفعة جدًا بهدف حشر السكان في بقعة معينة وطرح حوافز وإغراءات لمن يريدون اتخاذ طريق الهجرة الطوعية.

وعلى مدار أكثر من 21 شهرًا، دأبت الحكومة الاسرائيلية على اطلاق مشاريع بهدف تصفية القضية الفلسطينية الا ان هذا المخطط يعتبر الاخطر على الاطلاق لانه يكرس التهجير واقعًا في حال لم يتم وقف التمدد العسكري والتوصل الى اتفاق يمهد الطريق امام مفاوضات جادة لارساء هدنة طويلة الأمد. الى ذلك، حالت خارطة الانسحاب دون تحقيق أي تقدم في المفاوضات، التي دخلت أسبوعها الثاني دون الحديث عن أي تقدم مهم في حين ذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" أن إسرائيل قدمت خريطة ثالثة بشأن إعادة انتشار قواتها في القطاع بعد الضغوط المكثفة من جانب الوسطاء لمنع انهيار التفاوض. وتزامنت هذه المعطيات مع اعلان حزب "ديغيل هتوراه" اليميني الديني انسحابه من الائتلاف الحكومي الذي يرأسه نتنياهو، وذلك على اثر الخلاف حول قانون التجنيد.

في الشق الايراني، تبدو المرواحة عنوان المرحلة الحالية وذلك بعدما أكد مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي أكبر ولايتي أن بلاده "لا ترفض التفاوض من حيث المبدأ، شريطة ألا يتضمن مطالب تتعلق بالتخلي عن حقوق تعتبرها جوهرية في برنامجها النووي". وكلام الاخير يؤكد أن فرص الحوار مع واشنطن تتضاءل مع "تمترس" كل طرف خلف مواقفه السياسية. وتتمسك طهران بحقها في تخصيب اليورانيوم وتعتبره من ضمن "خطوطها الحمراء" التي ترفض المساومة عليها بينما تقود الولايات المتحدة واسرائيل حملة رفض لاستمرار ذلك. في المقابل، لم يختلف موقف الرئيس الايراني مسعود بزشكيان الذي قال إن "نافذة الدبلوماسية لا تزال مفتوحة". يُشار ان الجولة السادسة من المفاوضات لم تُعقد بين الجانبين، الاميركي والايراني، نتيجة الحرب المباغتة التي شنتها اسرائيل على طهران واستمرت زهاء 12 يومًا وخلفت أضرار جسيمة.

دوليًا، هدّد الرئيس الاميركي روسيا بفرض رسومًا جمركية "قاسية جدًا" على حلفاء موسكو التجاريين في حال لم تجد حلاً للنزاع المستمر في أوكرانيا في غضون 50 يومًا. وتتأزم العلاقات بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي وجه اليه عدة انتقادات لرفضه وقف القتال وابرام اتفاق، فيما بدت موسكو أكثر حذرًا من تداعيات الخطوات الاميركية عليها، حيث أعلن الكرملين عن قبوله بعقد جولة ثالثة من المفاوضات. بدوره، أعرب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن "امتنانه" للرئيس ترامب الذي سمح بإرسال أسلحة جديدة إلى كييف عبر حلف شمال الأطلسي، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستساعد في حماية أرواح الأوكرانيين. وكانت روسيا كثّفت ضرباتها الجوية على أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة وسط تصعيد بري ميداني سمح بتقدم الجيش الروسي على عدة محاور.

وفي الجولة الصباحية نذكر أبرز ما تطرقت اليه الصحف العربية الصادرة اليوم:

أشارت صحيفة "الراية" القطرية الى أن "مأساة غزة تعرّي النظام الغربي وتفضحه أمام شعوب العالم، فإسرائيل ترتكب جريمة ابادة والغرب لا يعاقِب ولا يتحرك إلا ضد من يقول الحقيقة"، موضحة أن "قطر ومصر تبذلان كل الجهد لوقف هذه المجزرة الإنسانية، لكن المشكلة أن حكومة إسرائيل لا تريد وقف الجريمة. فهم مستمرون بحجة القضاء على حركة "حماس"، لكنهم في الواقع يريدون إبادة الشعب الفلسطيني المرتبط بأرضه".

وتحت عنوان "السعودية ومحيطها الجديد!"، كتبت صحيفة "الرياض" السعودية أن "المملكة اليوم تُعيد توجيه دعمها وفق خطة إقليمية واضحة تؤكد على النهوض بالمحيط وفق رؤية مشتركة تتجاوز الشعارات وتذهب إلى جوهر التنمية". وأردفت قائلة "الذين اعتادوا تلقي المساعدة بلا إصلاح، فعليهم أن يُراجعوا أنفسهم، لأن المملكة لم تعد تُعطي لمن يرفع صوته، بل لمن ينهض بمسؤولياته، ويُحسن إدارة موارده، ويستحق أن يكون شريكًا لا عبئًا.. وهذا التحول ليس ترفًا سياسيًا، بل نتيجة مباشرة لتجارب الماضي، ودرس استوعبته المملكة جيدًا؛ إذ لم نعد أسرى للمجاملات، ولا للخطابات الحماسية التي تُخفي وراءها فشلًا ممنهجًا وفسادًا مستشريًا"، على حدّ تعبيرها.

من جهتها، أكدت صحيفة "الوطن" البحرينية أن "المنطقة مرت مؤخراً بتجربة مريرة بعد الحرب الإسرائيلية الإيرانية، ولكن الوقع قد يكون أشد في حال تكرار هذه المواجهات، لذلك لابد من تغليب النهج الدبلوماسي، والجلوس على طاولة الحوار، وإعادة إحياء المفاوضات الأمريكية الإيرانية، التي لا تزال ظروف إقامتها مبهمة وغير محسومة"، مشددة على ضرورة "ردع إسرائيل التي تسعى لعرقلة تلك المفاوضات مجددًا، لذلك فإن الولايات المتحدة هي المعنية بالدرجة الأولى بتسهيل إعادة تلك المباحثات، ولجم أفواه بعض المسؤولين الإسرائيليين الذين لا يرغبون في السلام والاستقرار للمنطقة".

هذا ولفتت صحيفة "الصباح" العراقية الى أن بغداد "مقبلة على متغيرات كبيرة ومهمة في شتى المجالات وأن تستعيد موقعها الإقليمي المحوري عبر سياسة خارجية متوازنة تربط بين جميع الأطراف دون الانحياز الكامل لأي محور وتقوية الدولة المركزية ومؤسساتها"، مضيفة "اذا ما نجح العراق في تحقيق الاستقرار الداخلي، واستقلالية القرار السياسي، فبإمكانه أن يلعب دورًا مهمًا في التهدئة الإقليمية، لا سيما بين المحاور المتصارعة، وأن يتحول من ساحة نفوذ إلى دولة مؤثرة في صنع موازين المنطقة"، بحسب قولها.

أما صحيفة "اللواء" اللبنانية، فجزمت بأن "ملف سلاح "حزب الله" دخل مرحلة دقيقة، تتطلب من الحكومة اللبنانية تجاوز سياسة المماطلة، ومن الحزب الإقلاع عن نهج الإنكار، والانخراط معًا في مقاربة جدية توازن بين مقتضيات السيادة ومصالح الاستقرار"، منبهة الى أن "سلاح "حزب الله" تحول من رصيد في معركة التحرير، إلى عبء سياسي واقتصادي وأمني، لا على الدولة وحدها، بل على الحزب وبيئته أيضًا. وطرح الملف اليوم لا يتم من موقع العداء أو التصعيد، بل من باب بناء دولة عادلة، تمتلك قرار الحرب والسلم، وتعيد إنتاج وحدة اللبنانيين".

(رصد "عروبة 22")

يتم التصفح الآن