قضايا العرب

صواريخ غزّة.. بين التصنيع والتطوير و"إعادة التدوير"

مع كل رد للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة على أي تصعيد إسرائيلي، يحتل العنوان "الصاروخي" صدارة الحدث رغم عدم التكافؤ بين الردود الصاروخية من القطاع والآلة العسكرية التدميرية الإسرائيلية التي باتت "قوتها الردعية" تتراجع مع كل عدوان جديد.

صواريخ غزّة.. بين التصنيع والتطوير و

تمكنت الفصائل الفلسطينية، سيما حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، من إدخال العامل الصاروخي في المعادلة وتطويرها بعد تصنيعها داخلياً. فمتى تم إدخال هذا العامل على الصراع؟ وكيف تطوّر؟ وما هي أبرز الصواريخ الفلسطينية المصنّعة محلياً؟


منصّة "عروبة 22" تحرّت المعطيات المتوافرة حول مسار "التصنيع الصاروخي" التصاعدي في غزة، والذي تعود بداياته إلى نحو 22 عاماً خلت، تحديداً إلى 26 تشرين الأول من العام 2001. فرغم حصول المقاومة الفلسطينية على الصواريخ من الخارج، من إيران تحديداً، إلا أنه كان من الأهمية بمكان الشروع في عملية التصنيع الداخلي مبكراً ومن ثم تطوير الصواريخ الخاصة بـ"كتائب عز الدين القسام" الجناح العسكري لـ"حماس" و"سرايا القدس" التابعة لـ"الجهاد الإسلامي".

ولدت التجربة الأولى بصاروخ "قسّام 1"، الذي اكتسب تسميته من اسم المقاوم عز الدين القسّام، وتمّ إطلاقه في اتجاه مستوطنة سديروت، أقرب المستوطنات الى غزة، خصوصًا وأنّ مداه كان متواضعاً ولا يصل الى أبعد من ثلاثة كيلومترات.


بعدها بأشهر، في العام 2002، ولدت تجربة صاروخ "قسّام 2" وهو نسخة مطوّرة عن الأول، وصاروخ جنين، متجاوزين نطاق "سديروت" لتتسع دائرة استهداف كل منهما إلى ما بين 9 كليومترات و12 كيلومترًا.

إستمر مسار التصنيع الصاروخي تصاعديًا وتطوّر وصولًا إلى العام 2005 حين استهدفت الفصائل عسقلان بصاروخ "قسام 3" الذي شكّل نقلة صاروخية نوعية وتراوح مداه ما بين 15 إلى 17 كيلومترًا، ليشمل ما يُعرف بمستوطنات غلاف غزة.

في العام 2008 أدخلت "سرايا القدس" على ساحة المعركة "صاروخ قدس" الذي تجاوز مداه 40 كيلومترًا. ثم في العام 2012 أدخلت "براق 70"، كما أدخلت "حماس" صاروخ "إم 75" الذي يكتسب اسمه من الشهيد في "الحركة" إبراهيم المقادمة، الذي اغتالته إسرائيل العام 2003، واستخدمته "كتائب القسام" رداً على اغتيال القيادي فيها أحمد الجعبري، ووصل مداه إلى 80 كيلومترًا ليضرب مدينتي القدس وتل أبيب.

أما حرب العام 2014 فشهدت إطلاق صواريخ من نوع "سجيل 55" و"بدر 3" و"آر 160" الذي يشير إلى الشهيد عبد العزيز الرنتيسي الذي اغتالته إسرائيل العام 2003، وضربت به "حماس" مدينة حيفا على بعد نحو 160 كيلومترًا عن غزة.

ولاحقًا، جرى إدخال صاروخ "براق 120" إلى الخدمة في العام 2019، ويصل مداه إلى 120 كيلومترًا. بعدها بعامين كشفت "كتائب القسام" في معركة "سيف القدس" العام 2021 عن صاروخ "عياش 250" الذي بلغ مداه 250 كيلومترًا وكانت أولى استخداماته في عملية ضرب مطار رامون على عمق 220 كيلومترًا.


فعليًا، لا يوجد رقم دقيق لعدد الصواريخ المستخدمة في معارك غزة مع الاحتلال ولا تلك التي لا تزال المخزّنة وجاهزة للاستخدام، وسط تكتم شديد من الفصائل الفلسطينية حول قدراتها الصاروخية، تقابله مجرد تقديرات إسرائيلية يشير بعضها الى رقم يقترب من 14 ألفاً لصواريخ "القسام" و"سرايا القدس".

"الهندسة العكسية"

لكن بحسب المعطيات والمعلومات المتقاطعة، فقد شكلت مخلّفات الصواريخ والقذائف الإسرائيلية "مادة خام" نجح مهندسو الفصائل الفلسطينية في إعادة تدويرها واستخدامها من جديد وفق تقنية تسمّى "الهندسة العكسية"، فضلا عن بقايا خطوط أنابيب مياه معدنية كانت تستخدمها إسرائيل لنقل المياه من المستوطنات قبل الانسحاب من غزة العام 2005، فأعادت الفصائل استخدامها لصناعة الهياكل الخارجية للصواريخ.

كما وقعت أيدي "وحدة الضفادع البشرية" للقسام على بقايا سفينتين عسكريتين إنجليزيتين غارقتين في البحر، تحتويان على قذائف وذخائر، ساهمت في تطوير الصناعة العسكرية المحلية.

واليوم أصبحت صواريخ غزة تغطي عمليًا كامل "الخط الأخضر" الذي يشمل ضمن نطاقه الأراضي المحتلة في العام 1948، مع ملاحظة أنّ منظومة "القبة الحديدية" الإسرائيلية بدت عاجزة عن صد الجزء الغالب من تلك الصواريخ، ما دفع بالحكومة الإسرائيلية إلى استخدام منظومة "مقلاع داوود" في المعركة من دون تحقيقها نجاحًا كبيرًا في منع بلوغ الصواريخ الفلسطينية العمق الإسرائيلي.   

(خاص "عروبة 22")

يتم التصفح الآن